[ ص: 465 ] كتاب الجعالة هي بتثليث الجيم كما قاله
ابن مالك وغيره ، واقتصر
المصنف nindex.php?page=showalam&ids=14042والجوهري وغيرهما على كسرها ،
وابن الرفعة في الكفاية والمطلب على فتحها ، وهي لغة اسم لما يجعله الإنسان لغيره على شيء يفعله ، وكذا الجعل والجعيلة .
وشرعا : التزام عوض معلوم على عمل معين معلوم أو مجهول بمعين أو مجهول .
وذكرها بعض الأصحاب كصاحب المهذب والشرح والروضة عقب الإجارة لأنها عقد على عمل ، وأوردها الجمهور هنا لأنها طلب التقاط الدابة الضالة .
والأصل فيها الإجماع ، واستأنسوا لها بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72ولمن جاء به حمل بعير } وكان معلوما عندهم كالوسق ، وقد ورد في شرعنا تقريره بخبر الذي رقاه الصحابي بالفاتحة على قطيع من الغنم كما في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهو الراقي كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقال صحيح على شرط
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، والقطيع ثلاثون رأسا من الغنم قال
الزركشي : ويستنبط منه جواز
nindex.php?page=treesubj&link=6728_6725_6774_6798الجعالة على ما ينتفع به المريض من دواء أو رقية وإن لم يذكروه ، وهو متجه إن حصل به تعب وإلا فلا أخذا مما يأتي ، ولأن الحاجة تدعو إليها في رد ضالة وآبق وعمل لا يقدر عليه ولا يجد من يتطوع به ، ولا تصح الإجارة عليه للجهالة فجازت كالإجارة والقراض .
nindex.php?page=treesubj&link=6757_6742_6806_6772_6733_6732وأركانها أربعة : صيغة ، ومتعاقدان
[ ص: 466 ] وعمل ، وعوض ، كما علمت من شروطها من كلامه هنا وفيما يأتي ( هي كقوله ) أي مطلق التصرف المختار ( من رد آبق ) أو آبق زيد كما يصرح به ( فله كذا ) وإن لم يكن فيه خطاب لمعين للآية ، واحتمل إبهام العامل لأنه قد لا يهتدي إلى الراغب في العمل ، وإذا صح مع إبهام العامل فمع تعيينه أولى كقوله إن رددت عبدي فلك كذا ،
nindex.php?page=treesubj&link=6731وهي تفارق الإجارة من أوجه جوازها على عمل مجهول ، وصحتها مع غير معين وعدم اشتراط قبول العامل وكونها جائزة لا لازمة ، وعدم استحقاق العامل الجعل إلا بالفراغ من العمل ، فلو شرط تعجيل الجعل فسد العقد واستحق أجرة المثل ، فإن سلمه بلا شرط امتنع تصرفه فيه فيما يظهر ، ويفرق بينه وبين الإجارة بأنه ثم ملكه بالعقد وهنا لا يملكه إلا بالعمل ، ولو قال من رد عبدي فله درهم قبله بطل ، قاله
الغزالي في كتاب الدور ، وعدم اشتراط قبضه في المجلس مطلقا ، ويشترط في الملتزم للجعل مالكا أو غيره كونه مطلق التصرف كما في الإجارة ، فلا يصح بالتزام صبي أو مجنون أو محجور عليه بسفه ، وفي العامل المعين أهلية العمل بأن يكون قادرا عليه فيدخل فيه العبد ، وغير المكلف بإذن وغيره كما قاله
السبكي وغيره خلافا
لابن الرفعة إذا لم يأذن له سيده ، ويخرج عنه العاجز عن العمل كصغير لا يقدر عليه وضعيف يغلبه العمل على نفسه لأن منفعته معدومة فأشبه استئجار الأعمى للحفظ ، كذا قاله جماعة
كالزركشي وابن العماد .
وقال
الأذرعي : كان المراد أهلية التزامه ، ويحتمل أنه أراد مكانه .
وقال في المهمات : كأنه يشير بذلك إلى اشتراط بلوغه وتمييزه ، أما إذا كان مبهما فيكفي علمه بالنداء .
قال
[ ص: 467 ] الماوردي هنا : لو قال من جاء به استحق من رجل أو امرأة أو صبي أو عبد عاقل أو مجنون إذا سمع النداء أو علم به لدخولهم في عموم من جاء وخالف في السير فقال : لا يستحق الصبي ولا العبد إذا قام به بغير إذن سيده ، والصيغة التي ذكرها
المصنف تدل على الإذن عرفا لأن الترغيب في الشيء يدل على طلبه ، وقضية الحد صحتها في إن حفظت مالي من متعد عليه فلك كذا ، وهو ظاهر إن عين له قدر المال وزمن الحفظ ، وإلا فلا لأن الظاهر أن المالك يريد الحفظ على الدوام وهذا لا غاية له فلم يبعد فساده بالنسبة للمسمى فيجب له أجرة المثل لما حفظه ( و ) علم من مثاله الذي دل به عليه حدها كما تقرر أنه ( يشترط ) فيها لتتحقق ( صيغة ) من الناطق الذي لم يرد إتيانه بكتابة ( تدل على العمل ) أي الإذن فيه كما بأصله ( بعوض ) معلوم مقصود ( ملتزم ) لأنها معاوضة فافتقرت إلى صيغة تدل على المطلوب وقدر المبذول كالإجارة والكتابة وإشارة الأخرس المفهمة تقوم مقام الصيغة والكتابة كناية إن نواه بها صح وإلا فلا ( فلو عمل ) أحد ( بلا إذن ) أو بإذن من غير ذكر عوض أو بعد
[ ص: 468 ] الإذن لكنه لم يعلم به سواء المعين وقاصد العوض وغيرهما ( أو أذن لشخص فعمل غيره فلا شيء له ) وإن كان معروفا برد الضوال بعوض لأنه لم يلتزم عوضا له فوقع عمله : تبرعا .
نعم لو رده قن المقول له استحق سيده الجعل لأن يد قنه كيده كذا قالاه .
قال
السبكي : وهو ظاهر إذا استعان به سيده ، وإلا ففيه نظر لأنه لم يدخل في اللفظ لا سيما إذا لم يكن علم النداء ، وقد قال
الماوردي : لو قال من رد عبدي من سامعي ندائي فله كذا فرده من علم نداءه ولم يسمعه لم يستحق ، وصح بمثله
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي الحسين انتهى .
قال
الأذرعي : وقول
القاضي .
فإن رده بنفسه أو بعبده استحق يفهم عدم الاستحقاق إذا استقل العبد بالرد ( ولو قال أجنبي ) مطلق التصرف مختار ( من رد عبد زيد فله كذا استحقه الراد ) العالم به ( على الأجنبي ) لأنه التزمه فصار كخلع الأجنبي ، وكما لو التمس إلقاء متاع الغير في البحر لخوف الهلاك وعليه ضمانه ، وليس ، كما لو التزم الثمن في شراء غيره أو الثواب في هبة غيره لأنه عوض تمليك فلا يتصور وجوبه على غير من حصل له الملك والجعل ليس عوض تمليك ، واستشكل
ابن الرفعة هذه بأنه لا يجوز لأحد وضع يده على مال غيره بقول الأجنبي بل بضمنه فكيف يستحق الأجرة .
وأجيب بأنه لا حاجة إلى الإذن في ذلك لأن المالك راض به قطعا ، أو بأن صورة ذلك أن يأذن المالك لمن شاء في الرد والتزم الأجنبي بالجعل أو يكون للأجنبي ولاية على المالك ، وقد يصور أيضا بما إذا ظنه العامل المالك أو عرفه وظن
[ ص: 469 ] رضاه ، وظاهر كلام
المصنف أنه يلزمه العوض المذكور وإن لم يقل علي وهو كذلك ، فقد قال
الخوارزمي في الكافي : ولو
nindex.php?page=treesubj&link=23801قال الفضولي من رد عبد فلان فله علي دينار ، أو قال فله دينار فمن رده استحق على الفضولي ما سمى انتهى .
وصرح به
ابن يونس في شرح التعجيز فإنه صور المسألة بما إذا قال له علي ثم قال وألحق الأئمة به قوله فله كذا وإن لم يقل علي لأن ظاهره التزام ، ولو قال أحد شريكين في رقيق من رد رقيقي فله كذا فرده شريكه فيه استحق الجعل ، وصورة المسألة إذا لم يكن القائل ولي المالك ، فأما إذا كان وليه وقال ذلك عن محجوره على وجه المصلحة بحيث يكون الجعل قدر أجرة مثل ذلك العمل أو أقل استحقه الراد في مال المالك بمقتضى قول وليه وتعبيرهم بالأجنبي يشير إليه ، وعلم مما مر أنه لا يتعين على العامل المعين العمل بنفسه ، فلو قال لشخص معين إن رددت عبدي الآبق فلك كذا لم يتعين عليه بنفسه بل له الاستعانة بغيره فإذا حصل العمل استحق الأجرة .
قاله
الغزالي في البسيط .
قال
الأذرعي وهو ملخص من النهاية انتهى .
ولم يقف الشيخان على ذلك فذكراه بحثا . وحاصله أن توكيل العامل المعين غيره في الرد كتوكيل الوكيل ، فيجوز له أن يوكله فيما يعجز عنه وعلم به القائل أو لا يليق به كما يستعين به ، وتوكيل غير المعين بعد سماعه النداء غيره كالتوكيل في الاحتطاب والاستقاء ونحوهما فيجوز ، فعلم أن العامل المعين لا يستنيب فيها إلا إن عذر
[ ص: 470 ] وعلم به الجاعل حال الجعالة .
[ ص: 465 ] كِتَابُ الْجَعَالَةِ هِيَ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ كَمَا قَالَهُ
ابْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ ، وَاقْتَصَرَ
الْمُصَنِّفُ nindex.php?page=showalam&ids=14042وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَلَى كَسْرِهَا ،
وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَطْلَبِ عَلَى فَتْحِهَا ، وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يَجْعَلُهُ الْإِنْسَانُ لِغَيْرِهِ عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ ، وَكَذَا الْجَعْلُ وَالْجَعِيلَةُ .
وَشَرْعًا : الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ بِمُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ .
وَذَكَرَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ كَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَقِبَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ ، وَأَوْرَدَهَا الْجُمْهُورُ هُنَا لِأَنَّهَا طَلَبُ الْتِقَاطِ الدَّابَّةِ الضَّالَّةِ .
وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِجْمَاعُ ، وَاسْتَأْنَسُوا لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } وَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ كَالْوَسْقِ ، وَقَدْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا تَقْرِيرُهُ بِخَبَرِ الَّذِي رَقَاهُ الصَّحَابِيُّ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الرَّاقِي كَمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ ، وَالْقَطِيعُ ثَلَاثُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ : وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=6728_6725_6774_6798الْجَعَالَةِ عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرِيضُ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رُقْيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إنْ حَصَلَ بِهِ تَعَبٌ وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهَا فِي رَدِّ ضَالَّةٍ وَآبِقٍ وَعَمَلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ ، وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ لِلْجَهَالَةِ فَجَازَتْ كَالْإِجَارَةِ وَالْقِرَاضِ .
nindex.php?page=treesubj&link=6757_6742_6806_6772_6733_6732وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ : صِيغَةٌ ، وَمُتَعَاقِدَانِ
[ ص: 466 ] وَعَمَلٌ ، وَعِوَضٌ ، كَمَا عَلِمْت مِنْ شُرُوطِهَا مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي ( هِيَ كَقَوْلِهِ ) أَيْ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ الْمُخْتَارِ ( مِنْ رَدِّ آبِقٍ ) أَوْ آبِقِ زَيْدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ ( فَلَهُ كَذَا ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِطَابٌ لِمُعَيَّنٍ لِلْآيَةِ ، وَاحْتَمَلَ إبْهَامَ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَهْتَدِي إلَى الرَّاغِبِ فِي الْعَمَلِ ، وَإِذَا صَحَّ مَعَ إبْهَامِ الْعَامِلِ فَمَعَ تَعْيِينِهِ أَوْلَى كَقَوْلِهِ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=6731وَهِيَ تُفَارِقُ الْإِجَارَةَ مِنْ أَوْجُهٍ جَوَازُهَا عَلَى عَمَلِ مَجْهُولٍ ، وَصِحَّتُهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبُولِ الْعَامِلِ وَكَوْنُهَا جَائِزَةً لَا لَازِمَةً ، وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْجُعْلَ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ ، فَلَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْجُعْلِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ ، فَإِنْ سَلَّمَهُ بِلَا شَرْطٍ امْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ وَهُنَا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْعَمَلِ ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ بَطَلَ ، قَالَهُ
الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الدُّورِ ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزِمِ لِلْجُعْلِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ ، فَلَا يَصِحُّ بِالْتِزَامِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ، وَفِي الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِإِذْنٍ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ
السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا
لِابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ كَصَغِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَضَعِيفٍ يَغْلِبُهُ الْعَمَلُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مَعْدُومَةٌ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ الْأَعْمَى لِلْحِفْظِ ، كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ
كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ .
وَقَالَ
الْأَذْرَعِيُّ : كَانَ الْمُرَادُ أَهْلِيَّةَ الْتِزَامِهِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَكَانَهُ .
وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ وَتَمْيِيزِهِ ، أَمَّا إذَا كَانَ مُبْهَمًا فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِالنِّدَاءِ .
قَالَ
[ ص: 467 ] الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا : لَوْ قَالَ مَنْ جَاءَ بِهِ اسْتَحَقَّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ عَلِمَ بِهِ لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ مَنْ جَاءَ وَخَالَفَ فِي السِّيَرِ فَقَالَ : لَا يَسْتَحِقُّ الصَّبِيُّ وَلَا الْعَبْدُ إذَا قَامَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، وَالصِّيغَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا
الْمُصَنِّفُ تَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ عُرْفًا لِأَنَّ التَّرْغِيبَ فِي الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِهِ ، وَقَضِيَّةُ الْحَدِّ صِحَّتُهَا فِي إنْ حَفِظْت مَالِي مِنْ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرَ الْمَالِ وَزَمَنَ الْحِفْظِ ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَالِكَ يُرِيدُ الْحِفْظَ عَلَى الدَّوَامِ وَهَذَا لَا غَايَةَ لَهُ فَلَمْ يَبْعُدْ فَسَادُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَمَّى فَيَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَمَّا حَفِظَهُ ( وَ ) عُلِمَ مِنْ مِثَالِهِ الَّذِي دَلَّ بِهِ عَلَيْهِ حَدُّهَا كَمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ ( يُشْتَرَطُ ) فِيهَا لِتَتَحَقَّقَ ( صِيغَةٌ ) مِنْ النَّاطِقِ الَّذِي لَمْ يُرِدْ إتْيَانَهُ بِكِتَابَةٍ ( تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ ) أَيْ الْإِذْنِ فِيهِ كَمَا بِأَصْلِهِ ( بِعِوَضٍ ) مَعْلُومٍ مَقْصُودٍ ( مُلْتَزَمٍ ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَافْتَقَرَتْ إلَى صِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَقَدْرِ الْمَبْذُولِ كَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ تَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ وَالْكِتَابَةِ كِنَايَةً إنْ نَوَاهُ بِهَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ( فَلَوْ عَمِلَ ) أَحَدٌ ( بِلَا إذْنٍ ) أَوْ بِإِذْنٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ أَوْ بَعْدَ
[ ص: 468 ] الْإِذْنِ لَكِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ سَوَاءٌ الْمُعَيَّنُ وَقَاصِدُ الْعِوَضِ وَغَيْرُهُمَا ( أَوْ أُذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ) وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الضَّوَالِّ بِعِوَضٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ عِوَضًا لَهُ فَوَقَعَ عَمَلُهُ : تَبَرُّعًا .
نَعَمْ لَوْ رَدَّهُ قِنُّ الْمَقُولِ لَهُ اسْتَحَقَّ سَيِّدُهُ الْجُعْلَ لِأَنَّ يَدَ قِنِّهِ كَيَدِهِ كَذَا قَالَاهُ .
قَالَ
السُّبْكِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا اسْتَعَانَ بِهِ سَيِّدُهُ ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ النِّدَاءَ ، وَقَدْ قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي مِنْ سَامِعِي نِدَائِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ نِدَاءَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ ، وَصَحَّ بِمِثْلِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14958الْقَاضِي الْحُسَيْنُ انْتَهَى .
قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ : وَقَوْلُ
الْقَاضِي .
فَإِنْ رَدَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبْدِهِ اسْتَحَقَّ يُفْهِمُ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَقَلَّ الْعَبْدُ بِالرَّدِّ ( وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ ) مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ مُخْتَارٌ ( مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ ) الْعَالِمُ بِهِ ( عَلَى الْأَجْنَبِيِّ ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فَصَارَ كَخُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ ، وَكَمَا لَوْ الْتَمَسَ إلْقَاءَ مَتَاعِ الْغَيْرِ فِي الْبَحْرِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ ، وَلَيْسَ ، كَمَا لَوْ الْتَزَمَ الثَّمَنَ فِي شِرَاءِ غَيْرِهِ أَوْ الثَّوَابَ فِي هِبَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ عِوَضُ تَمْلِيكٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُ عَلَى غَيْرِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمِلْكُ وَالْجُعْلُ لَيْسَ عِوَضَ تَمْلِيكٍ ، وَاسْتَشْكَلَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِقَوْلِ الْأَجْنَبِيِّ بَلْ بِضِمْنِهِ فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَاضٍ بِهِ قَطْعًا ، أَوْ بِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ لِمَنْ شَاءَ فِي الرَّدِّ وَالْتَزَمَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْجُعْلِ أَوْ يَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَالِكِ ، وَقَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا ظَنَّهُ الْعَامِلُ الْمَالِكُ أَوْ عَرَفَهُ وَظَنَّ
[ ص: 469 ] رِضَاهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ
الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَقَدْ قَالَ
الْخُوَارِزْمِيَّ فِي الْكَافِي : وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=23801قَالَ الْفُضُولِيُّ مَنْ رَدَّ عَبْدَ فُلَانٍ فَلَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ ، أَوْ قَالَ فَلَهُ دِينَارٌ فَمَنْ رَدَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَى الْفُضُولِيِّ مَا سَمَّى انْتَهَى .
وَصَرَّحَ بِهِ
ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ فَإِنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ وَأَلْحَقَ الْأَئِمَّةُ بِهِ قَوْلَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْتِزَامٌ ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ مَنْ رَدَّ رَقِيقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ شَرِيكُهُ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَائِلُ وَلِيَّ الْمَالِكِ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ وَلِيَّهُ وَقَالَ ذَلِكَ عَنْ مَحْجُورِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْجُعْلُ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ أَقَلَّ اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ فِي مَالِ الْمَالِكِ بِمُقْتَضَى قَوْلِ وَلِيِّهِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْأَجْنَبِيِّ يُشِيرُ إلَيْهِ ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ ، فَلَوْ قَالَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ إنْ رَدَدْت عَبْدِي الْآبِقَ فَلَكَ كَذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِ فَإِذَا حَصَلَ الْعَمَلُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ .
قَالَهُ
الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ .
قَالَ
الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُلَخَّصٌ مِنْ النِّهَايَةِ انْتَهَى .
وَلَمْ يَقِفْ الشَّيْخَانِ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَاهُ بَحْثًا . وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَوْكِيلَ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ غَيْرَهُ فِي الرَّدِّ كَتَوْكِيلِ الْوَكِيلِ ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِيمَا يَعْجَزُ عَنْهُ وَعَلِمَ بِهِ الْقَائِلُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِهِ ، وَتَوْكِيلُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ غَيْرَهُ كَالتَّوْكِيلِ فِي الِاحْتِطَابِ وَالِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجُوزُ ، فَعُلِمَ أَنَّ الْعَامِلَ الْمُعَيَّنَ لَا يَسْتَنِيبُ فِيهَا إلَّا إنْ عُذِرَ
[ ص: 470 ] وَعَلِمَ بِهِ الْجَاعِلُ حَالَ الْجِعَالَةِ .