الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 290 ] وقد قال ابن هبيرة في الإفصاح في حديث أبي موسى من إفراد البخاري : الحبس على الدين من الأمور المحدثة ، وأول من حبس على الدين شريح القاضي ، ومضت السنة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أنه لا يحبس على الديون ولكن يتلازم الخصمان ، فأما الحبس الذي هو الآن على الدين لا أعرف أنه يجوز عند أحد من المسلمين ، وذلك أنه يجمع [ الجمع ] الكثير بموضع يضيق [ ص: 291 ] عنهم غير متمكنين من الوضوء والصلاة ، وربما رأى بعضهم عورة بعض ، وإن كانوا في الصيف آذاهم الحر ، وفي الشتاء آذاهم القر ، وربما يحبس أحدهم السنة والسنتين والثلاث ، وربما يتحقق القاضي أن ذلك المحبوس لا جدة له ، وأن أصل حبسه كان على طريق الحيلة من أن ذلك الكاتب للحجة عليه كتب ما لم يعلم لجهله فأسجل فيه عليه بما لا يعرف معناه من إقراره بالملاءة ، وأنه قد حكم به عليه حاكم من حكام المسلمين ، وهذا أمر لم يكن ، وأنه قد وكل فلانا المدير وغير ذلك مما لم يعرف المشهود عليه ما المقصود به ، فإن الله تعالى يقول { وليكتب بينكم كاتب بالعدل } وقال { وليملل الذي عليه الحق } وقال { فليملل وليه بالعدل } فهذا كله مما قد حدث في الإسلام ، ولقد حرصت مرارا على فك ذلك فحال دونه ما قد اعتاده الناس منه ، وأنا في إزالته حريص . هذا كلامه .

                                                                                                          ولا عذر بفوت رفقة ومرض ونحوه ، ذكره في الانتصار .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية