الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وللناظر التقرير في الوظائف ، ذكروه في ناظر المسجد ، وذكر في الأحكام السلطانية أنه يقرر في الجوامع الكبار الإمام ، ولا يتوقف الاستحقاق على نصه إلا بشرط ، ولا نظر لغيره معه ، أطلقه الأصحاب ، وقاله شيخنا ، ويتوجه مع حضوره ، فيقرر حاكم في وظيفة خلت في غيبته ، لما فيه من القيام بلفظ الواقف في المباشرة ودوام نفعه ، فالظاهر أنه يريده ، ولا حجة في تولية الأئمة مع العبد ، لمنعهم غيرهم التولية ، فنظيره منع الواقف التولية لغيبة الناظر ، ولو سبق تولية ناظر غائب قدمت ، وللحاكم النظر العام ، فيعترض عليه [ ص: 594 ] إن فعل ما لا يسوغ ، وله ضم أمين مع تفريطه أو تهمته يحصل به المقصود ، قاله شيخنا وغيره ، ومن ثبت فسقه أو أصر متصرفا بخلاف الشرط الصحيح عالما بتحريمه قدح فيه ، فإما أن ينعزل أو يعزل أو يضم إليه أمين ، على الخلاف المشهور ( م 6 ) ثم إن صار هو أو الوصي أهلا عاد كما لو صرح به ، [ ص: 595 ] وكالموصوف ، ذكره شيخنا ، قال : ومتى فرط سقط مما له بقدر ما فوته من الواجب .

                                                                                                          وفي الأحكام السلطانية في العامل يستحق ماله إن كان معلوما ، فإن قصر فترك بعض العمل لم يستحق ما قابله ، وإن كان بجناية منه استحقه ولا يستحق لزيادة ، وإن كان مجهولا فأجرة مثله ، فإن كان مقدرا في الديوان وعمل به جماعة فهو أجرة المثل وإن لم يسم له شيئا فقياس المذهب إن كان مشهورا بأخذ الجاري على عمله فله جاري مثله وإلا فلا شيء له ، وله الأجرة من وقت نظره فيه ، وقاله شيخنا ، قال شيخنا : ومن أطلق النظر لحاكم شمل أي حاكم كان ، سواء كان مذهبه مذهب حاكم البلد زمن الواقف أو لا ، وإلا لم يكن له نظر إذا انفرد ، وهو باطل ، اتفاقا ، ولو فوضه حاكم لم يجز لآخر نقضه ، ولو ولى كل منهما شخصا قدم ولي الأمر أحقهما ، وقال شيخنا : لا يجوز لواقف شرط النظر لذي مذهب معين دائما .

                                                                                                          [ ص: 594 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 594 ] مسألة 6 ) قوله : وله ضم أمين مع تفريطه أو تهمته يحصل به المقصود ، قاله شيخنا وغيره ، ومن ثبت فسقه أو أصر متصرفا بخلاف الشرط الصحيح عالما بتحريمه قدح فيه ، فإما أن ينعزل أو يعزل أو يضم إليه أمين ، على الخلاف المشهور ، انتهى . اعلم أنه يشترط في الناظر الإسلام ، والتكليف ، والكفاية في التصرف ، والخبرة به ، والقوة عليه ، ويضم إلى الضعيف قوي أمين ، ثم إن كان النظر للموقوف عليه وكانت توليته من الحاكم أو الناظر فلا بد من شرط العدالة فيه ، قال الحارثي : بغير خلاف علمته ، وإن كانت توليته من الواقف وهو فاسق أو كان عدلا ففسق فقال الشيخ والشارح وجماعة من الأصحاب : يصح ، ويضم إليه أمين ، ويحتمل أن لا يصح تولية الفاسق وينعزل إذا فسق ، قال الحارثي : ومن متأخري الأصحاب من قال بما ذكرنا في الفسق الطارئ دون المقارن للولاية ، والعكس أنسب ، فإن في حال المقارنة مسامحة لما يتوقع منه بخلاف حالة الطريان ، انتهى ، وإن كان النظر للموقوف عليه إما يجعل الواقف النظر له أو لكونه أحق بذلك ، رجلا كان أو امرأة عدلا كان أو فاسقا ، لأنه ينظر لنفسه ، قدمه في المغني والشرح ، وقيل : يضم إلى الفاسق أمين والحالة هذه ، قال الحارثي : أما العدالة فلا تشترط ، ولكن يضم إلى الفاسق عدل ، ذكره ابن أبي موسى والسامري ، وغيرهم ، لما فيه من العمل بالشرط وحفظ الوقف ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : وهو الصواب ، وقد ذكر الأصحاب فيما إذا أوصى إلى شخص وطرأ عليه الفسق هل يضم إليه أمين أو ينعزل ؟ قولين ، قدم المصنف فيه الضم ، [ ص: 595 ] وإن كان أكثر الأصحاب على خلافه ، وقد ذكر المصنف في المسألة التي قبلها ما إذا شرط له النظر بعد فلان ففسق فلان أنه كموته ، فدل أنه ينعزل .




                                                                                                          الخدمات العلمية