الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويقبل قول المشتري في خيار الشرط ، نص عليهما ، وقول المشتري في ثمن [ معين ] بالعقد ، وفي أيهما يقبل قوله في ثابت في الذمة من ثمن مبيع أو قرض أو [ ص: 114 ] غيره وجهان ( م 12 )

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 12 ) قوله : ويقبل قول المشتري في ثمن معين بالعقد ، وفي أيهما يقبل قوله في ثابت من ثمن مبيع أو قرض أو غيره وجهان ، انتهى ، يعني إذا باع سلعة بنقد أو غيره معين حال العقد ، وقبضه البائع ، ثم أحضره وبه عيب ، وادعى أنه الذي دفعه إليه المشتري ، وأنكر المشتري كونه الذي دفعه إليه ، ولا بينة لواحد منهما ، ففي هذه الصورة القول قول المشتري مع يمينه ، لأن الأصل براءة ذمته وعدم وقوع العقد على هذا العيب ، وهو الذي قطع به المصنف هنا . وإن كان الثمن في الذمة ثم نقده المشتري ، أو قبضه من قرض أو سلم أو غير ذلك ، مما هو في ذمته ، ثم اختلفا كذلك ولا بينة ، فهل القول قول الدافع أو القابض ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الرعاية الكبرى في آخر باب القرض .

                                                                                                          ( أحدهما ) القول قول البائع ، وهو القابض ومن في معناه ، مع يمينه ، وهو الصحيح ، لأن القول في الدعاوى قول من الظاهر معه ، والظاهر مع البائع ، لأنه ثبت له في ذمة المشتري ما انعقد عليه العقد معيب ، ولم يقبل قوله في براءة ذمته ، جزم به السامري والزريراني في فروقيهما ، وصححه في الحاوي الكبير في باب أحكام القبض في أثناء الفصل الرابع ، وصححه في الحاوي الصغير في باب السلم .

                                                                                                          وقال في الرعاية الكبرى : قبل القرض بفصل : ولو قال المسلم : هذا الذي أقبضتني وهو معيب ، فأنكر أنه هذا ، قدم قول القابض ، انتهى [ ص: 115 ] والوجه الثاني ) القول قول المشتري ومن في معناه ، وهو الدافع ، لأنه قد أقبض في الظاهر ما عليه .

                                                                                                          ( تنبيه )

                                                                                                          هذا الذي ذكره المصنف في هذه المسألة من المتفق عليه . والمختلف فيه طريقة السامري والزريراني في فروقيهما ، وابن حمدان في الرعاية الكبرى ، وصاحب الحاويين وغيرهم .

                                                                                                          وقال ابن رجب في الفائدة السادسة : لو باعه سلعة بنقد معين ثم أتاه به فقال : هذا الثمن وقد خرج معيبا ، وأنكر المشتري ، ففيه طريقان :

                                                                                                          ( أحدهما ) إن قلنا النقود تتعين بالتعيين فالقول قول المشتري ، وهو الدافع ، لأنه يدعي عليه استحقاق الرد ، والأصل عدمه ، وإن قلنا لا تتعين فوجهان :

                                                                                                          ( أحدهما ) القول قول المشتري أيضا ، لأنه أقبض في الظاهر ما عليه .

                                                                                                          ( والثاني ) قول القابض لأن الثمن في ذمته ، والأصل اشتغالها به ، إلا أن تثبت براءتها منه ، وهي طريقته في المستوعب .

                                                                                                          ( والطريق الثاني ) إن قلنا النقود لا تتعين ، فالقول قول البائع وجها واحدا ، لأنه ثبت اشتغال ذمة المشتري بالثمن ، ولم تثبت براءتها منه ، وإن قلنا تتعين فوجهان مخرجان مما إذا ادعى كل من المتبايعين أن العيب حدث عنده في السلعة :

                                                                                                          ( أحدهما ) القول قول البائع ، لأنه يدعي سلامة العقد ، والأصل عدمه ، ويدعي عليه ثبوت الفسخ والأصل عدمه

                                                                                                          ( والثاني ) القول قول القابض ، لأنه منكر التسليم ، والأصل عدمه ، وهي طريقة القاضي في تعاليقه ، وجزم صاحب المغني والمحرر بأن القول قول البائع إذا أنكر أن يكون المبيع في الذمة أو معينا ، نظرا إلى أنه يدعي عليه استحقاق الرد ، والأصل عدمه . وذكر الأصحاب مثل ذلك في مسائل الصرف . وفرق السامري في فروقه بين أن يكون المردود بعيب وقع عليه معينا ، فيكون القول قول البائع ، [ ص: 116 ]

                                                                                                          وبين أن يكون في الذمة ، فيكون القول قول المشتري ، لما تقدم ، وهذا فيما إذا أنكر المدعى عليه العيب أن ماله كان معيبا . أما إن اعترف بالعيب ، فقد فسخ صاحبه وأنكر أن يكون هذا هو المعين ، فالقول قول من هو في يده ، صرح به في التفليس ، في المغني ، معللا بأنه قبل استحقاق ما ادعى عليه الآخر ، والأصل معه ، ويشهد له أن المبيع في يده الخيار إذا رده المشتري بالخيار فأنكر البائع أن يكون هو المبيع ، فالقول قول المشتري ، حكاه ابن المنذر عن أحمد ، لاتفاقهما على استحقاق الفسخ بالخيار ، وقد ينبني على ذلك أن المبيع بعد الفسخ بعيب ونحوه هل هو أمانة في يد المشتري أو مضمون عليه ؟ فيه خلاف ، وقد يكون مأخذه أنه أمانة عنده . ومن الأصحاب من علل بأن الأصل براءة ذمة البائع مما يدعى عليه ، فهو كما لو أقر بعين ثم أحضرها فأنكر المعتزلة أن تكون هي المقر بها ، فإن القول قول المقر مع يمينه ، انتهى كلامه في الفوائد فهذه اثنتا عشرة مسألة قد صححت




                                                                                                          الخدمات العلمية