الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6420 - كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام - حم ق ت هـ) عن أبي موسى - صح) .

التالي السابق


(كمل) بتثليث الميم لكن الكسر ضعيف، والكمال المتناهي والتمام (من الرجال كثير) لأن كمال المرء في سبعة: العلم، والحق، والعدل، والصواب، والصدق، والأدب، والكمال في هذه الخصال موجود في كثير من الرجال بفضل العقول وتفاوتها، لأن المعرفة تبع للعقل، والنساء ناقصات عقل، فعقلهن على النصف من الرجال، ولهذا عدلت شهادة اثنتين رجلا، (ولم يكمل) بضم الميم (من النساء إلا آسية) بنت مزاحم، قيل من العمالقة، وقيل من بني إسرائيل من سبط موسى ، وقيل عمة موسى ، وقيل بنت عمة فرعون (امرأة فرعون ) أعدى أعداء الله الناطق بالكلمة العظمى، (ومريم بنت عمران ) أم عيسى ، فإنهما برزتا على الرجال لما أعطيتا من سلوك السبيل إلى الله، ثم الوصول إليه، ثم الاتصال به، والمراد بالكمال هنا التناهي في الفضائل، والبر، والتقوى، وحسن الخصال، وتمسك به من زعم نبوة مريم وآسية، لأن كمال البشر إنما هو في مقام النبوة، ورد بأن الكمال في شيء ما يكون حصوله للكامل أوفى من غيره، والنبوة ليست أولى للنساء، لبنائها على الظهور للدعوة، وحالهن الاستنكار، والكمال في حقهن الصديقية، ثم الظاهر أنهما خير نساء عصرهما، والتفضيل بينهما مسكوت عنه، وعلم من دليل منفصل أن مريم أفضل، وزادت عليهما فاطمة بزيادة كمال من كمال أبويها، (وإن فضل عائشة ) بنت أبي بكر الصديق (على النساء) أي نساء هذه الأمة (كفضل الثريد) بالمثلثة (على سائر الطعام) لا تصريح فيه بأفضلية عائشة على غيرها، لأن فضل الثريد على غيره إنما هو لسهولة مساغه وتيسر تناوله، وكان يومئذ جل طعامهم.

[تنبيه] قال ابن عربي : كمال الوجود وجود النقص فيه إذ لو لم يكن كان كمال الوجود ناقصا لعدم النقص فيه، قال تعالى أعطى كل شيء خلقه ثم هدى فما نقصه شيئا حتى النقص أعطاه، فهذا كمال العلم، ولله كمال يليق به، وللإنسان كمال يليق به، ومن نقص من الناس عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالم، لأن الإنسان من جملة العالم، وما كل إنسان يقبل الكمال ، وما عداه فكامل في مرتبته لا ينقص شيء بنص القرآن، فما ظهر في العالم نقص إلا في الإنسان لأنه مجموع حقائق العالم، وهو المختصر الوجيز منه.

(حم ق ت عن أبي موسى) الأشعري ، رواه عنه النسائي أيضا.




الخدمات العلمية