الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8152 - مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة: ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مر (حم ق 4) عن أبي موسى .

التالي السابق


(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة) بضم الهمزة والراء مشددة الجيم وقد تخفف وقد تزاد نون ساكنة قبل الجيم ولا يعرف في كلام العرب، ذكره بعضهم، قال ابن حجر : وليس مراده النفي المطلق بل إنه لا يعرف في كلام فصحائهم (ريحها طيب وطعمها طيب) وجرمها كبير ومنظرها حسن إذ هي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين وملمسها لين تشرف إليها النفس قبل أكلها ويفيد أكلها بعد الالتذاذ بمذاقها طيب نكهة ودباغ معدة وقوة هضم فاشتركت فيها الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس في الاحتفاظ بها؛ ثم هي في أجزائها تنقسم إلى طبائع فقشرها حار يابس يمنع السوس من الثياب ولحمها حار رطب وحماضها بارد يابس يسكن غلمة النساء ويجلو اللون والكلف وبزرها حار مجفف فهي أفضل ما وجد من الثمار في سائر البلدان، وخص الإيمان بالطعم وصفة الحلاوة بالريح لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن لإمكان حصول الإيمان بدون القراءة، والطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريحه ويبقى طعمه، وخص الأترجة بالمثل لأنه يداوى بقشرها ويستخرج من جلدها دهن ومنافع وهي أفضل ثمار العرب (ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة) بالمثناة (لا ريح لها) من حيث أنه مؤمن غير تال في الحال الذي لا يكون فيه تاليا وإن كان ممن حفظ القرآن، ذكره ابن عربي (وطعمها حلو) وفي رواية طيب أي: من حيث إنه مؤمن ذو إيمان (ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب) لأن القرآن طيب وليس إلا أنفاس التالي والقارئ وقت قراءته (وطعمها مر) لأن النفاق كفر الباطن والحلاوة إنما هي للإيمان فشبهه بالريحانة لكونه لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجره فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب (ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة) وهي معروفة تسمى في بعض البلاد بطيخ أبي جهل (ليس لها ريح وطعمها مر) لأنه غير قارئ في الحال، قال ابن عربي : وعلى هذا المجرى كل كلام طيب فيه رضا الله صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن في التمثيل غير أن كلام الله لا يضاهيه شيء؛ أشار بضرب المثل إلى أمور منها أنه ضربه بما يخرجه الشجر للمشابهة بينه وبين الأعمال فإنها من ثمرات النفوس ومنها أنه ضرب مثل المؤمن بما يخرجه الشجر، ومثل الكافر مما تنبته الأرض تنبيها على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله وانحطاط شأن المنافق وإحباط [ ص: 514 ] عمله ومنها أن الشجر المثمر لا يخلو عمن يغرسه ويسقيه، وكذا المؤمن يقيض له من يعلمه ويهديه ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة (حم ق 4 عن أبي موسى) الأشعري .




الخدمات العلمية