الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6539 - كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: باسمك اللهم أحيا وباسمك أموت، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور - حم م ن) عن البراء ، (حم خ) عن حذيفة ، (حم ق) عن أبي ذر - صح) .

التالي السابق


(كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده) ليس فيه ذكر اليمنى، وهو مبين في الرواية قبلها (ثم يقول: باسمك اللهم) أي بذكر اسمك (أحيا) ما حييت (وباسمك أموت) أي وعليه أموت، وباسمك المميت أموت وباسمك المحيي أحيا؛ لأن معاني الأسماء الحسنى ثابتة له سبحانه وكل ما ظهر في الوجود فصادر عن تلك المقتضيات، أو لا أنفك عن اسمك في حياتي ومماتي، وهو إشارة إلى مقام التوحيد، وقيل: الاسم مفخم من قبيل سبح اسم ربك، يعني أنت تحييني وتميتني، أراد به النوم واليقظة فنبه على إثبات البعث بعد الموت. (وإذا استيقظ) أي انتبه من نومه (قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا) أي: أيقظنا بعد ما أنامنا، أطلق الموت على النوم لأنه يزول معه العقل والحركة، ومن ثم قالوا: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل. وقالوا: النوم أخو الموت، كذا قرره بعض المتأخرين، وهو استمداد من بعض قول المتقدمين. قوله: (أحيانا بعد ما أماتنا) أي رد أنفسنا بعد قبضها عن التصرف بالنوم، يعني الحمد لله شكرا لنيل نعمة التصرف في الطاعات بالانتباه من النوم الذي هو أخو الموت وزوال المانع عن التقرب بالعبادات (وإليه النشور) الإحياء للبعث، أو المرجع في نيل الثواب مما نكسب في حياتنا هذه، وفيه إشارة بإعادة اليقظة بعد النوم إلى البعث بعد الموت، وحكمة الدعاء عند النوم أن يكون خاتمة عمله العبادة؛ فالدعاء هو العبادة وقال ربكم ادعوني أستجب لكم وحكمة الدعاء عند الانتباه أن يكون أول ما يستيقظ يعبد الله بدعائه وذكره وتوحيده.

[تنبيه] قال القاضي : ورد آنفا أنه كان إذا قعد نظر إلى السماء فقرأ: إن في خلق السماوات والأرض إلى آخر السورة ثم قام فتوضأ، وقد دل بهذا على أن المتهجد إذا استيقظ ينبغي أن يشغل كل عضو منه بما هو المطلوب منه والموظف له من الطاعات فيطالع بعينه عجائب الملك والملكوت ثم يتفكر بقلبه فيما انتهى إليه حاسة بصره، يعرج بمواقي فكره إلى عالم الجبروت حتى ينتهي إلى سرادقات الكبرياء فيفتح لسانه بالذكر ثم يتبع بدنه نفسه بالتأهب للصلاة وللوقوف في مقامات التناجي والدعاء.

(حم م عن البراء ) بن عازب، (حم خ عد عن حذيفة) بن اليمان ، (حم ق عن أبي ذر ) الغفاري.




الخدمات العلمية