وبعد فإني رأيت سروره ممزوج بالتنغيص فينفجر عنه أنواع الهموم وفنون المعاصي ، وإلى البوار والتلف مصيره فرح الهالك برجاء ، فلم تبق له دنياه ولم يسلم له دينه ، خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين فيا لها ، من مصيبة ما أفظعها ! ورزية ما أجلها ألا فراقبوا الله إخواني ، ولا يغرنكم الشيطان وأولياؤه من الآنسين بالحجج الداحضة عند الله ؛ فإنهم يتكالبون على الدنيا ، ثم يطلبون لأنفسهم المعاذير والحجج ، ويزعمون أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لهم أموال فيتزين المغرورون بذكر الصحابة ؛ ليعذرهم الناس على جمع المال ، ولقد دهاهم الشيطان وما يشعرون . الهالك المؤثر للدنيا
ويحك أيها المفتون ! إن احتجاجك بمال مكيدة من الشيطان ، ينطق بها على لسانك فتهلك ؛ لأنك متى زعمت أن أخيار الصحابة أرادوا المال للتكاثر والشرف والزينة فقد اغتبت السادة ونسبتهم إلى أمر عظيم ، ومتى زعمت أن جمع المال الحلال أعلى وأفضل من تركه فقد ازدريت عبد الرحمن بن عوف محمدا والمرسلين ونسبتهم إلى قلة الرغبة ، والزهد في هذا الخير الذي رغبت فيه أنت وأصحابك من جمع المال ، ونسبتهم إلى الجهل إذ لم يجمعوا المال كما جمعت ومتى زعمت أن جمع المال الحلال أعلى من تركه فقد زعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينصح للأمة ؛ إذ نهاهم عن جمع المال .