. 
وقال  ابن مسعود  رضي الله عنه تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام  فقال إن : " النور إذا دخل الصدر انفسح ; فقيل : يا رسول الله هل لذلك من علامة تعرف . 
؟ قال : نعم ، التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزوله وقال السديالذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا  أي أيكم أكثر للموت ذكرا ، وأحسن له استعدادا ، وأشد منه خوفا وحذرا . 
وقال  حذيفة  ما من صباح ولا مساء إلا ومناد ينادي : أيها الناس الرحيل الرحيل . 
وتصديق ; ذلك قوله تعالى : إنها لإحدى الكبر  نذيرا للبشر  لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر  في الموت . 
وقال سحيم مولى بني تميم جلست إلى عامر بن عبد الله وهو يصلي ، فأوجز في صلاته ، ثم أقبل علي فقال : أرحني بحاجتك ، فإني أبادر ، قلت : وما تبادر ؟ قال : ملك الموت رحمك الله . قال : فقمت عنه ، وقام إلى صلاته . 
ومر داود الطائي فسأله رجل عن حديث فقال دعني : إنما أبادر خروج نفسي قال  عمر  رضي الله عنه : التؤدة في كل شيء خير إلا في أعمال الخير للآخرة . 
وقال المنذر سمعت مالك بن دينار يقول لنفسه : ويحك بادري ، قبل أن يأتيك الأمر ، ويحك بادري ، قبل أن يأتيك الأمر ، حتى كرر ذلك ستين مرة أسمعه ولا يراني . 
وكان الحسن يقول في موعظته : المبادرة المبادرة ، فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل ، رحم الله امرأ نظر إلى نفسه ، وبكى على عدد ذنوبه . ثم قرأ هذه الآية : إنما نعد لهم عدا  يعني الأنفاس آخر العدد خروج نفسك ، آخر العدد فراق أهلك ، آخر العدد دخولك في قبرك . 
واجتهد  أبو موسى الأشعري  قبل موته اجتهادا شديدا ; فقيل له : لو أمسكت أو رفقت بنفسك بعض الرفق ، فقال : إن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها والذي بقي من أجلي أقل من ذلك . قال فلم يزل على ذلك حتى مات . 
وكان يقول لامرأته : شدي رحلك فليس على جهنم معبر . 
وقال بعض الخلفاء على منبره عباد الله ، اتقوا الله ما استطعتم ، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا وعلموا . أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا ، واستعدوا للموت  فقد أظلكم ، وترحلوا فقد جد بكم وإن غاية تنقصها اللحظة ، وتهدمها الساعة ، لجديرة بقصر المدة ، وإن غائبا يجد به الجديدان الليل والنهار لحري بسرعة الأوبة ، وإن قادما يحل بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة فالتقى عند ، ربه من ناصح ، نفسه ، وقدم توبته ، وغلب شهوته فإن أجله مستور عنه ، وأمله خادع له ، والشيطان موكل به ، يمنيه التوبة ليسوقها ، ويزين إليه المعصية ليرتكبها حتى تهجم منيته عليه ، أغفل ما يكون عنها ، وإنه ما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به فيا لها حسرة على ذي غفلة أو ، يكون عمره عليه حجة وأن ترديه ، أيامه إلى شقوة . جعلنا الله وإياكم ممن لا تبطره نعمة ، ولا تقصر به عن طاعة الله معصية ولا يحل به بعد الموت حسرة إنه سميع الدعاء ، وإنه بيده الخير دائما ، فعال لما يشاء . 
وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : فتنتم أنفسكم  قال بالشهوات واللذات وتربصتم  قال بالتوبة وارتبتم  قال شككتم حتى جاء أمر الله  قال الموت وغركم بالله الغرور  قال الشيطان وقال الحسن تصبروا ، وتشددوا ، فإنما هي أيام قلائل . وإنما أنتم ركب وقوف يوشك أن يدعى الرجل منكم فيجيب ولا يلتفت فانتقلوا بصالح ما بحضرتكم . 
وقال  ابن مسعود  ما منكم من أحد أصبح إلا وهو ضيف وما له ، عارية ، والضيف مرتحل ، والعارية مؤداة . 
وقال أبو عبيدة الباجي دخلنا على الحسن في مرضه الذي مات فيه ، فقال : مرحبا بكم وأهلا ، حياكم الله بالسلام ، وأحلنا وإياكم دار المقام ، هذه علانية حسنة إن صبرتم ، وصدقتم ، واتقيتم فلا يكن حظكم من هذا الخبر رحمكم الله أن تسمعوه بهذه الأذن ، وتخرجوه من هذه الأذن فإن ، من رأى محمدا صلى الله عليه وسلم فقد رآه غاديا . 
ورائحا ، لم يضع لبنة على لبنة ، ولا قصبة على قصبة ، ولكن رفع له علم فشمر إليه الوحا الوحا ، النجا النجا . علام تعرجون أتيتم ورب الكعبة  كأنكم والأمر معا ، رحم الله عبدا جعل العيش عيشا واحدا ، فأكل كسرة ، ولبس خلقا ، ولزق بالأرض ، واجتهد في العبادة ، وبكى على الخطيئة ، وهرب من العقوبة وابتغى ، الرحمة ، حتى يأتيه أجله ، وهو على ذلك وقال عاصم الأحول قال لي فضيل الرقاشي وأنا سائلة : يا هذا لا يشغلنك كثرة الناس عن نفسك ، فإن الأمر يخلص إليك دونهم ، ولا تقل أذهب ههنا وههنا فينقطع عنك النهار في لا شيء ، فإن الأمر محفوظ عليك ، ولم تر شيئا قط أحسن طلبا ، ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					