وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة في
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30355_30452_28977قوله عز وجل : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم أنه يحشر الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء فيبلغ من عدل الله تعالى أن
nindex.php?page=treesubj&link=30363_30364يأخذ للجماء من القرناء ، ثم يقول كوني : ترابا فذلك حين يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا فكيف أنت يا مسكين في يوم ترى صحيفتك خالية عن حسنات طال فيها تعبك فتقول : أين حسناتي ؟ فيقال : نقلت إلى صحيفة خصمائك ، وترى صحيفتك مشحونة بسيئات طال في الصبر عنها نصبك واشتد بسبب الكف عنها عناؤك فتقول : يا رب ، هذه سيئات ما قارفتها قط ، فيقال : هذه سيئات القوم الذين اغتبتهم وشتمتهم وقصدتهم بالسوء وظلمتهم في المبايعة والمجاورة والمخاطبة والمناظرة والمذاكرة والمدارسة وسائر أصناف المعاملة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ولكن سيرضى منكم بما هو دون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات ، فاتقوا الظلم ما استطعتم ، فإن العبد ليجيء يوم القيامة بأمثال الجبال من الطاعات فيرى أنهن سينجينه فما يزال عبد يجيء فيقول : رب إن فلانا ظلمني بمظلمة ، فيقول : امح من حسناته ، فما يزال كذلك حتى لا يبقى من حسناته شيء ، وإن مثل ذلك مثل سفر نزلوا بفلاة من الأرض ليس معهم حطب فتفرق القوم فحطبوا فلم يلبثوا أن أعظموا نارهم وصنعوا ما أرادوا وكذلك الذنوب ولما نزل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إنك ميت وإنهم ميتون nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=31ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قال
الزبير : يا رسول الله ، أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : نعم ؛ ليكررن عليكم حتى تؤدوا إلى كل ذي حق حقه ، قال الزبير : والله إن الأمر لشديد فأعظم بشدة يوم لا يسامح فيه بخطوة ولا يتجاوز فيه عن لطمة ولا عن كلمة حتى ينتقم للمظلوم من الظالم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=696309يحشر الله العباد عراة غبرا بهما ، قال : قلنا : ما بهما ؟ قال : ليس معهم شيء ، ثم يناديهم ربهم تعالى بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب : أنا الملك أنا الديان لا ينبغي ، nindex.php?page=treesubj&link=33483_30364_30363لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عليه مظلمة حتى أقتصه منه ، ولا لأحد من أهل النار إن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة عنده مظلمة حتى أقتصه منه حتى اللطمة ، قلنا : وكيف وإنما نأتي الله عز وجل عراة غبرا بهما ؟ فقال : بالحسنات والسيئات فاتقوا الله عباد الله ومظالم العباد بأخذ أموالهم .
والتعرض لأعراضهم وتضييق قلوبهم وإساءة الخلق في معاشرتهم ، فإن ما بين العبد وبين الله خاصة فالمغفرة إليه أسرع ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=34331_30363اجتمعت عليه مظالم وقد تاب عنها وعسر عليه استحلال أرباب المظالم فليكثر من حسناته ليوم القصاص ويسر ببعض الحسنات بينه وبين الله بكمال الإخلاص بحيث لا يطلع عليه إلا الله فعساه يقربه ذلك إلى الله تعالى فينال به لطفه الذي ادخره لأحبابه المؤمنين في دفع مظالم العباد عنهم كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه يضحك حتى بدت ثناياه ، فقال عمر ما يضحكك يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ؟ قال : رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة ، فقال أحدهما : يا رب خذ لي مظلمتي من أخي فقال الله تعالى : أعط أخاك مظلمته قال : يا رب لم يبق من حسناتي شيء ، فقال الله تعالى للطالب : كيف تصنع ولم يبق من حسناته شيء ؟ قال : يا رب يتحمل عني من أوزاري ، قال : وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ، ثم قال : إن ذلك ليوم عظيم ، يوم يحتاج الناس إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم ، قال : فقال الله للطالب : ارفع رأسك فانظر في الجنان ، فرفع رأسه ، فقال : يا رب أرى مدائن من فضة مرتفعة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ ، لأي نبي هذا ؟ أو لأي صديق هذا ؟ أو لأي شهيد هذا ؟ قال : لمن أعطاني الثمن ، قال : يا رب ، ومن يملك ثمنه ؟! قال : أنت تملكه ، قال وما : هو ؟ قال : عفوك عن أخيك ، قال : يا رب إني قد عفوت عنه ، قال الله تعالى : خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك :
nindex.php?page=treesubj&link=30404_32528_19454اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ؛ فإن الله يصلح بين المؤمنين وهذا تنبيه على أن ذلك إنما ينال بالتخلق بأخلاق الله وهو إصلاح ذات البين وسائر الأخلاق .
فتفكر الآن في نفسك إن خلت صحيفتك عن المظالم أو تلطف لك حتى عفا عنك وأيقنت بسعادة الأبد كيف يكون سرورك في منصرفك من مفصل القضاء ، وقد خلع عليك خلعة الرضا وعدت بسعادة ليس بعدها شقاء وبنعيم لا يدور بحواشيه الفناء وعند ذلك طار قلبك سرورا وفرحا وابيض وجهك واستنار وأشرق كما يشرق القمر ليلة البدر ، فتوهم تبخترك بين الخلائق رافعا رأسك خاليا عن الأوزار ظهرك ونضرة نسيم النعيم وبرد الرضا يتلألأ من جبينك ، وخلق الأولين والآخرين ينظرون إليك وإلى حالك ويغبطونك في حسنك وجمالك والملائكة يمشون بين يديك ومن خلفك وينادون على رءوس الأشهاد : هذا فلان بن فلان رضي الله عنه وأرضاه وقد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا أفترى أن هذا المنصب ليس بأعظم من المكانة التي تنالها في قلوب الخلق في الدنيا بريائك ومداهنتك وتصنعك وتزينك ، فإن كنت تعلم أنه خير منه بل لا نسبة له إليه فتوسل إلى إدراك هذه الرتبة بالإخلاص الصافي والنية الصادقة في معاملتك مع الله ، فلن تدرك ذلك إلا به .
وإن تكن الأخرى والعياذ بالله بأن خرج من صحيفتك جريمة كنت تحسبها هينة وهي عند الله عظيمة فمقتك لأجلها ، فقال : عليك لعنتي يا عبد السوء ، لا أتقبل منك عبادتك فلا تسمع هذا النداء إلا ويسود وجهك ، ثم تغضب الملائكة لغضب الله تعالى فيقولون : وعليك لعنتنا ولعنة الخلائق أجمعين ، وعند ذلك تنثال إليك الزبانية وقد غضبت لغضب خالقها فأقدمت عليك بفظاظتها وذعارتها وصورها المنكرة فأخذوا بناصيتك يسحبونك على وجهك على ملأ الخلق وهم ينظرون إلى اسوداد وجهك وإلى ظهور خزيك وأنت تنادي بالويل والثبور وهم يقولون لك :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=14لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا وتنادي ، الملائكة ويقولون : هذا فلان بن فلان .
كشف الله عن فضائحه ومخازيه ولعنه بقبائح مساويه فشقي شقاوة لا يسعد بعدها أبدا وربما يكون ذلك بذنب أذنبته خفية من عباد الله أو طلبا للمكانة في قلوبهم أو خوفا من الافتضاح عندهم ، فما أعظم جهلك إذ تحترز عن الافتضاح عند طائفة يسيرة من عباد الله في الدنيا المنقرضة ثم لا تخشى من الافتضاح العظيم في ذلك الملأ العظيم مع التعرض لسخط الله وعقابه الأليم والسياق بأيدي الزبانية إلى سواء الجحيم فهذه أحوالك وأنت لم تشعر بالخطر الأعظم وهو خطر الصراط .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30364_30355_30452_28977قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ أَنَّهُ يُحْشَرُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْبَهَائِمُ وَالدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ وَكُلُّ شَيْءٍ فَيَبْلُغُ مِنْ عَدْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30363_30364يَأْخُذَ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ ، ثُمَّ يَقُولُ كُونِي : تُرَابًا فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ الْكَافِرُ : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا فَكَيْفَ أَنْتَ يَا مِسْكِينُ فِي يَوْمَ تَرَى صَحِيفَتَكَ خَالِيَةً عَنْ حَسَنَاتٍ طَالَ فِيهَا تَعَبُكَ فَتَقُولُ : أَيْنَ حَسَنَاتِي ؟ فَيُقَالُ : نُقِلَتْ إِلَى صَحِيفَةِ خُصَمَائِكَ ، وَتَرَى صَحِيفَتَكَ مَشْحُونَةً بِسَيِّئَاتٍ طَالَ فِي الصَّبْرِ عَنْهَا نَصَبُكَ وَاشْتَدَّ بِسَبَبِ الْكَفِّ عَنْهَا عَنَاؤُكَ فَتَقُولُ : يَا رَبِّ ، هَذِهِ سَيِّئَاتٌ مَا قَارَفْتُهَا قَطُّ ، فَيُقَالُ : هَذِهِ سَيِّئَاتُ الْقَوْمِ الَّذِينَ اغْتَبْتَهُمْ وَشَتَمْتَهُمْ وَقَصَدْتَهُمْ بِالسُّوءِ وَظَلَمْتَهُمْ فِي الْمُبَايَعَةِ وَالْمُجَاوَرَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَالْمُذَاكَرَةِ وَالْمُدَارَسَةِ وَسَائِرِ أَصْنَافِ الْمُعَامَلَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنَّ تُعْبَدَ الْأَصْنَامُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ سَيَرْضَى مِنْكُمْ بِمَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ بِالْمُحَقَّرَاتِ وَهِيَ الْمُوبِقَاتُ ، فَاتَّقُوا الظُّلْمَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَمْثَالِ الْجِبَالِ مِنَ الطَّاعَاتِ فَيَرَى أَنَّهُنَّ سَيُنْجِينَهُ فَمَا يَزَالُ عَبْدٌ يَجِيءُ فَيَقُولُ : رَبِّ إِنَّ فُلَانًا ظَلَمَنِي بِمَظْلِمَةٍ ، فَيَقُولُ : امْحُ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَمَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ ، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ سَفَرٍ نَزَلُوا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ مَعَهُمْ حَطَبٌ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَحَطَبُوا فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ أَعْظَمُوا نَارَهُمْ وَصَنَعُوا مَا أَرَادُوا وَكَذَلِكَ الذُّنُوبُ وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=31ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قَالَ
الزُّبَيْرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُكَرَّرُ عَلَيْنَا مَا كَانَ بَيْنَنَا فِي الدُّنْيَا مَعَ خَوَاصِّ الذُّنُوبِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ؛ لَيُكَرَّرَنَّ عَلَيْكُمْ حَتَّى تُؤَدُّوا إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، قَالَ الزُّبَيْرُ : وَاللَّهِ إِنَّ الْأَمْرَ لَشَدِيدٌ فَأَعْظِمْ بِشِدَّةِ يَوْمٍ لَا يُسَامَحُ فِيهِ بِخُطْوَةٍ وَلَا يَتَجَاوَزُ فِيهِ عَنْ لَطْمَةٍ وَلَا عَنْ كَلِمَةٍ حَتَّى يَنْتَقِمَ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=696309يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ عُرَاةً غُبَرًا بُهْمًا ، قَالَ : قُلْنَا : مَا بُهْمًا ؟ قَالَ : لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ رَبُّهُمْ تَعَالَى بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مِنْ بُعْدٍ كَمَا يَسْمَعُهُ مِنْ قُرْبٍ : أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ لَا يَنْبَغِي ، nindex.php?page=treesubj&link=33483_30364_30363لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عَلَيْهِ مَظْلَمَةٌ حَتَّى أَقْتَصَّهُ مِنْهُ ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ إِنَّ يَدْخُلَ النَّارَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ حَتَّى أَقْتَصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ ، قُلْنَا : وَكَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُبَرًا بُهْمًا ؟ فَقَالَ : بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَمَظَالِمَ الْعِبَادِ بِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ .
وَالتَّعَرُّضِ لِأَعْرَاضِهِمْ وَتَضْيِيقِ قُلُوبِهِمْ وَإِسَاءَةِ الْخُلُقِ فِي مُعَاشَرَتِهِمْ ، فَإِنَّ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ خَاصَّةً فَالْمَغْفِرَةُ إِلَيْهِ أَسْرَعُ ، وَمَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=34331_30363اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ مَظَالِمُ وَقَدْ تَابَ عَنْهَا وَعَسُرَ عَلَيْهِ اسْتِحْلَالُ أَرْبَابِ الْمَظَالِمِ فَلْيُكْثِرْ مِنْ حَسَنَاتِهِ لِيَوْمِ الْقِصَاصِ وَيُسِرُّ بِبَعْضِ الْحَسَنَاتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ بِكَمَالِ الْإِخْلَاصِ بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ فَعَسَاهُ يُقَرِّبُهُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَنَالُ بِهِ لُطْفَهُ الَّذِي ادَّخَرَهُ لِأَحْبَابِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي دَفْعِ مَظَالِمِ الْعِبَادِ عَنْهُمْ كَمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ إِذْ رَأَيْنَاهُ يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ ، فَقَالَ عُمَرُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ؟ قَالَ : رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي جِثِيًّا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَا رَبِّ خُذْ لِي مَظْلَمَتِي مِنْ أَخِي فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَهُ قَالَ : يَا رَبِّ لَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ : كَيْفَ تَصْنَعُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ ؟ قَالَ : يَا رَبِّ يَتَحَمَّلُ عَنِّي مِنْ أَوْزَارِي ، قَالَ : وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُكَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لِيَوْمٌ عَظِيمٌ ، يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُمْ مِنْ أَوْزَارِهِمْ ، قَالَ : فَقَالَ اللَّهُ لِلطَّالِبِ : ارْفَعْ رَأْسَكَ فَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ أَرَى مَدَائِنَ مِنْ فِضَّةٍ مُرْتَفِعَةً وَقُصُورًا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةً بِاللُّؤْلُؤِ ، لِأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا ؟ أَوْ لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا ؟ أَوْ لِأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا ؟ قَالَ : لِمَنْ أَعْطَانِي الثَّمَنَ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، وَمَنْ يَمْلِكُ ثَمَنَهُ ؟! قَالَ : أَنْتَ تَمْلِكُهُ ، قَالَ وَمَا : هُوَ ؟ قَالَ : عَفْوُكَ عَنْ أَخِيكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ إِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30404_32528_19454اتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُنَالُ بِالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ اللَّهِ وَهُوَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ .
فَتَفَكَّرِ الْآنَ فِي نَفْسِكَ إِنْ خَلَتْ صَحِيفَتُكَ عَنِ الْمَظَالِمِ أَوْ تَلَطَّفَ لَكَ حَتَّى عَفَا عَنْكَ وَأَيْقَنْتَ بِسَعَادَةِ الْأَبَدِ كَيْفَ يَكُونُ سُرُورُكَ فِي مُنْصَرَفِكَ مِنْ مَفْصِلِ الْقَضَاءِ ، وَقَدْ خَلَعَ عَلَيْكَ خُلْعَةَ الرِّضَا وَعُدْتَ بِسَعَادَةٍ لَيْسَ بَعْدَهَا شَقَاءٌ وَبِنَعِيمٍ لَا يَدُورُ بِحَوَاشِيهِ الْفَنَاءُ وَعِنْدَ ذَلِكَ طَارَ قَلْبُكَ سُرُورًا وَفَرَحًا وَابْيَضَّ وَجْهُكَ وَاسْتَنَارَ وَأَشْرَقَ كَمَا يُشْرِقُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، فَتَوَهَّمْ تَبَخْتُرَكَ بَيْنَ الْخَلَائِقِ رَافِعًا رَأْسَكَ خَالِيًا عَنِ الْأَوْزَارِ ظَهْرُكَ وَنَضْرَةُ نَسِيمِ النَّعِيمِ وَبَرْدُ الرِّضَا يَتَلَأْلَأُ مِنْ جَبِينِكَ ، وَخَلْقُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَإِلَى حَالِكَ وَيَغْبِطُونَكَ فِي حُسْنِكَ وَجَمَالِكَ وَالْمَلَائِكَةُ يَمْشُونَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ وَيُنَادُونَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ : هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ وَقَدْ سَعِدَ سَعَادَةً لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا أَفْتَرَى أَنَّ هَذَا الْمَنْصِبَ لَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنَ الْمَكَانَةِ الَّتِي تَنَالُهَا فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا بِرِيَائِكَ وَمُدَاهَنَتِكَ وَتَصَنُّعِكَ وَتُزَيُّنِكَ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ بَلْ لَا نِسْبَةَ لَهُ إِلَيْهِ فَتَوَسَّلْ إِلَى إِدْرَاكِ هَذِهِ الرُّتْبَةِ بِالْإِخْلَاصِ الصَّافِي وَالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ فِي مُعَامَلَتِكَ مَعَ اللَّهِ ، فَلَنْ تُدْرِكَ ذَلِكَ إِلَّا بِهِ .
وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ صَحِيفَتِكَ جَرِيمَةٌ كُنْتَ تَحْسَبُهَا هَيِّنَةً وَهِيَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمَةٌ فَمَقَتَكَ لِأَجْلِهَا ، فَقَالَ : عَلَيْكَ لَعْنَتِي يَا عَبْدَ السَّوْءِ ، لَا أَتَقَبَّلُ مِنْكَ عِبَادَتَكَ فَلَا تَسْمَعُ هَذَا النِّدَاءَ إِلَّا وَيَسْوَدُّ وَجْهُكَ ، ثُمَّ تَغْضَبُ الْمَلَائِكَةُ لِغَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقُولُونَ : وَعَلَيْكَ لَعْنَتُنَا وَلَعْنَةُ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْثَالُ إِلَيْكَ الزَّبَانِيَةُ وَقَدْ غَضِبَتْ لِغَضَبِ خَالِقِهَا فَأَقْدَمَتْ عَلَيْكَ بِفَظَاظَتِهَا وَذُعَارَتِهَا وَصُوَرِهَا الْمُنْكَرَةِ فَأَخَذُوا بِنَاصِيَتِكَ يَسْحَبُونَكَ عَلَى وَجْهِكَ عَلَى مَلَأِ الْخَلْقِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى اسْوِدَادِ وَجْهِكَ وَإِلَى ظُهُورِ خِزْيِكَ وَأَنْتَ تُنَادِي بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَهُمْ يَقُولُونَ لَكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=14لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا وَتُنَادِي ، الْمَلَائِكَةُ وَيَقُولُونَ : هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ .
كَشَفَ اللَّهُ عَنْ فَضَائِحِهِ وَمَخَازِيهِ وَلَعَنَهُ بِقَبَائِحِ مَسَاوِيهِ فَشَقِيَ شَقَاوَةً لَا يَسْعَدُ بَعْدَهَا أَبَدًا وَرُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِذَنْبٍ أَذَنَبْتَهُ خِفْيَةً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَوْ طَلَبًا لِلْمَكَانَةِ فِي قُلُوبِهِمْ أَوْ خَوْفًا مِنَ الِافْتِضَاحِ عِنْدَهُمْ ، فَمَا أَعْظَمَ جَهْلَكَ إِذْ تَحْتَرِزُ عَنِ الِافْتِضَاحِ عِنْدَ طَائِفَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا الْمُنْقَرِضَةِ ثُمَّ لَا تَخْشَى مِنَ الِافْتِضَاحِ الْعَظِيمِ فِي ذَلِكَ الْمَلَأِ الْعَظِيمِ مَعَ التَّعَرُّضِ لِسُخْطِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ الْأَلِيمِ وَالسِّيَاقِ بِأَيْدِي الزَّبَانِيَةِ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ فَهَذِهِ أَحْوَالُكَ وَأَنْتَ لَمْ تَشْعُرْ بِالْخَطَرِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ خَطَرُ الصِّرَاطِ .