الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
قال أنس أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة ، فرفع رأسه متبسما ، فقالوا له : يا رسول الله ، لم ضحكت ؟ فقال : آية أنزلت علي آنفا ، وقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر حتى ختمها ، ثم قال : هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إنه نهر وعدنيه ربي عز وجل في الجنة ، عليه خير كثير ، عليه حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد نجوم السماء .

وقال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينما أنا أسير في الجنة ، إذا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر .

وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما بين لابتي حوضي مثل ما بين المدينة وصنعاء ، أو مثل ما بين المدينة وعمان وروى ابن عمر أنه لما نزل قوله تعالى : إنا أعطيناك الكوثر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، شرابه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأطيب ريحا من المسك ، يجري على جنادل اللؤلؤ والمرجان .

وقال ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن : حوضي ما بين عدن إلى عمان البلقان ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأكوابه عدد نجوم السماء ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين ، فقال عمر بن الخطاب ومن هم يا رسول الله ؟ قال : هم الشعث رءوسا ، الدنس ثيابا ، الذين لا ينكحون المتنعمات ، ولا تفتح لهم أبواب السدد فقال عمر بن عبد العزيز والله لقد نكحت المتنعمات ، فاطمة بنت عبد الملك وفتحت لي أبواب السدد ، إلا أن يرحمني الله ، لا جرم لا أدهن رأسي حتى يشعث ، ولا أغسل ثوبي الذي على جسدي حتى يتسخ وعن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ، ما آنية الحوض ؟ قال : والذي نفس محمد بيده ، لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها ، في الليلة المظلمة المضحية ، من شرب منه لم يظمأ آخر ما عليه ، يشخب فيه ميزابان من الجنة ، عرضه مثل طوله ، ما بين عمان وأيلة ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل .

التالي السابق


وقد شرع المصنف في ذكر الأخبار الواردة في الحوض، فقال (قال أنس ) -رضي الله عنه-: ( أغفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إغفاءة، فرفع رأسه متبسما، فقالوا له: يا رسول الله، لم ضحكت؟ فقال: آية أنزلت علي آنفا، وقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر حتى ختمها، ثم قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إنه نهر وعدنيه ربي -عز وجل- في الجنة، عليه خير كثير، عليه حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء ) . قال العراقي : رواه مسلم، انتهى .

قلت: وكذلك رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في السنن، ولفظهم جميعا: إنه أنزلت علي آنفا سورة، فقرأ، وفي رواية لهم: آنيته عدد الكواكب، ولفظ ابن أبي شيبة : وعدني ربي، عليه خير كثير، هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، وعند الجميع زيادة في آخره: يختلج العبد منهم، فأقول: يا رب إنه من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدث بعدك .

ورواه مسلم والبيهقي من وجه آخر بلفظ: ثم رفع رأسه فقرأ... إلخ، قال البيهقي : والمشهور فيما بين أهل التفسير والمغازي، أن هذه السورة مكية، وهذا اللفظ لا يخالفه، فيشبه أن يكون أولى .

قلت: وكون هذه السورة مكية، روي عن ابن عباس، وابن الزبير، وعائشة، نقل ذلك ابن مردويه في التفسير، وقد روي عن أنس، حديث الحوض بألفاظ مختلفة، منها هذا الذي ذكر، ومنها قوله: (وقال أنس ) -رضي الله عنه-: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بينما أنا أسير في الجنة، إذا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر ) .

قال العراقي : رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، ورواه البخاري من قول أنس : لما عرج بالنبي -صلى الله عليه وسلم-... الحديث، وهو مرفوع، وإن لم يكن صرح به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- اهـ .

قلت: ورواه كذلك ابن حبان، ولفظهم: بينا أنا أسير في الجنة، إذ عرض لي نهر، حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، قلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله، ثم ضرب بيده إلى طينه، فاستخرج مسكا، ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فرأيت عندها نورا عظيما، وفي بعض ألفاظه: دخلت الجنة، فإذا أنا بنهر، حافتاه خيام اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء، فإذا مسك أذفر، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله، هكذا رواه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والشيخان، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه

ومنها قوله: (وقال) أنس أيضا: ( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما بين لابتي حوضي مثل ما بين المدينة وصنعاء، أو مثل ما بين المدينة وعمان ) ، صنعاء : مدينة باليمن، وعمان : ضبطه ابن الأثير بتشديد الميم، وقال: إنها مدينة قديمة بالشام من أرض البلقاء، فأما بالضم والتخفيف فهو صقع عند البحرين، اهـ .

قال العراقي : رواه مسلم، اهـ .

قلت: ورواه أيضا الطيالسي، وأحمد، وابن ماجه، وأبو عوانة، وأبو يعلى، وابن حبان، ولفظهم جميعا: ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء والمدينة، أو كما بين المدينة وعمان، ترى فيه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء أو أكثر، وروى أحمد، وابن المنذر، وابن مردويه، عن أنس، أنه قرأ هذه الآية: إنا أعطيناك الكوثر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أعطيت الكوثر، فإذا هو نهر في الجنة يجري، ولم يشق شقا، وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ، فضربت بيدي إلى تربته، فإذا هو مسكة ذفرة، وإذا حصباؤه اللؤلؤ . فهذه روايات ثلاثة لحديث أنس .

وروى أحمد، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه، من حديثه: أن رجلا قال: يا رسول الله، ما الكوثر؟ قال: نهر في الجنة، أعطانيه ربي، لهو أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر، قال عمر: يا رسول الله، إنها الناعمة، قال: آكلها أنعم منها يا عمر . ورواه هناد بلفظ: الكوثر نهر كما بين صنعاء إلى أيلة من أرض [ ص: 499 ] الشام، آنيته عدد نجوم السماء، يرده طير لها أعناق كأعناق البخت، آكلها أنعم منها . وروى ابن مردويه من حديثه قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: قد أعطيت الكوثر، قلت: يا رسول الله، ما الكوثر؟ قال: نهر في الجنة، عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب، لا يشرب منه أحد فيظمأ، ولا يتوضأ منه أحد فيتشعث أبدا، لا يشرب منه من أخفر ذمتي، ولا من قتل أهل بيتي .

(وروى ابن عمر -رضي الله عنه- أنه لما نزل قوله تعالى: إنا أعطيناك الكوثر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هو نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، شرابه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب ريحا من المسك، يجري على جنادل اللؤلؤ والمرجان) .

قال العراقي : رواه الترمذي مع اختلاف لفظ، وقال: حسن صحيح، ورواه الدارمي في مسنده، وهو أقرب إلى لفظ المصنف، اهـ .

قلت: رواه الترمذي من طريق عطاء بن السائب، قال: قال لي محارب بن دثار : ما قال سعيد بن جبير في الكوثر؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس، أنه قال: هو الخير الكثير، فقال: صدقت، والله إنه للخير الكثير، ولكن حدثنا ابن عمر قال: نزلت إنا أعطيناك الكوثر فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب ريحا من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأشد بياضا من الثلج . وهكذا رواه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وهناد، وابن ماجه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه .

وعند أحمد، والطبراني، من حديث ابن عمر : حوضي كما بين عدن وعمان، أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب ريحا من المسك، أكاويبه مثل نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، أول الناس ورودا عليه صعاليك المهاجرين، الشعثة رؤسهم، الشحبة وجوههم، الدنسة ثيابهم، الذين لا تفتح لهم السدد، ولا ينكحون المتنعمات، الذين يعطون كل الذي عليهم، ولا يأخذون الذي لهم .

(وقال ثوبان) بن بجدد (مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن حوضي ما بين عدن إلى عمان البلقاء، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأكوابه عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين، فقال عمر بن الخطاب ) -رضي الله عنه-: (ومن هم يا رسول الله؟ قال: هم الشعث رؤسا، الدنس ثيابا، الذين لا ينكحون المتنعمات، ولا تفتح لهم أبواب السدد) .

قال العراقي : رواه الترمذي، وقال: غريب، وابن ماجه، اهـ .

قلت: قال الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا محمد بن مهاجر، عن العباس، عن أبي سلام الحبشي، قال: بعث إلي عمر بن عبد العزيز، فحملت على البريد، فلما دخل عليه، قال: يا أمير المؤمنين لقد شق علي مركبي البريد، فقال: يا أبا سلام، ما أردت أن أشق عليك، ولكن بلغني عنك حديث تحدثه عن ثوبان، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحوض، فأحببت أن تشافهني به، قال أبو سلام : حدثني ثوبان، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: حوضي من عدن إلى عمان البلقاء، فساقه، وليس فيه ذكر عمر بن الخطاب، وقال: ولا تفتح لهم السدد، (فقال عمر بن عبد العزيز ) -رحمه الله تعالى-: (والله لقد نكحت المتنعمات، فاطمة بنت عبد الملك ) بن مروان بن الحكم، (وفتحت لي أبواب السدد، إلا أن يرحمني الله، لا جرم لا أدهن رأسي حتى يشعث، ولا أغسل ثوبي الذي على جسدي حتى يتسخ) ، لفظ الترمذي : قال عمر: لكني نكحت المتنعمات، وفتحت لي السدد، نكحت فاطمة بنت عبد الملك، لا جرم أني لا أغسل رأسي حتى يشعث، ولا أغسل ثوبي الذي على جسدي حتى يتسخ. قال: هذا حديث غريب من هذا الوجه .

وقد روي هذا الحديث عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأبو سلام اسمه ممطور، اهـ .

وقد رواه الحاكم بهذااللفظ، وقال ابن ماجه في سننه: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، حدثنا مروان بن محمد، حدثني العباس بن سالم الدمشقي، قال: نبئت عن أبي سلام الحبشي، قال: بعث إلي عمر بن عبد العزيز، فأتيته، وذكر الحديث بطوله، وقد رواه أيضا الطيالسي، وأحمد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن أبي عاصم، وأبو يعلى، والباوردي، والطبراني، والحاكم، وأبو نعيم، والضياء، واللفظ لأبي يعلى : بعث عمر بن عبد العزيز إلى أبي سلام الحبشي، فحمل على البريد، فلما قدم على عمر، قال: يا أمير المؤمنين قد شق علي محمل البريد، ولقد أشققت على رجلي، فقال عمر: ما أردنا بك المشقة يا أبا سلام، ولكن بلغني عنك حديث ثوبان في الحوض، فأحببت أن أشافهك به، فقال أبو سلام : سمعت ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن [ ص: 500 ] حوضي من عدن إلى عمان البلقاء، فساقه، وقال: وأكاويبه، وفيه ذكر لعمر بن الخطاب كما ساقه المصنف، وفيه: المتمنعات في الموضعين بدل المتنعمات، وقال: ولا تفتح لهم أبواب السدد، وقال: يلي جلدي، والباقي سواء، وعند ابن أبي عاصم في السنة، زيادة بعد قوله: ولا تفتح لهم أبواب السدد، الذين يعطون الحق الذي عليهم، ولا يعطون الذي لهم .

(وعن أبي ذر) -رضي الله عنه- (قال: قلت: يا رسول الله، ما آنية الحوض؟ قال: والذي نفس محمد بيده، لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها، في الليلة المظلمة المصحية، من شرب منه لم يظمأ آخر ما عليه، يشخب فيه ميزابان من الجنة، عرضه مثل طوله، ما بين عمان وأيلة، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل ) . قال العراقي : رواه مسلم، اهـ .

قلت: ورواه كذلك أحمد، والترمذي، وعندهم بعد قوله: المصحية، آنيته في الجنة، من شرب منها، والضمير راجع إلى الآنية، وقد ساق المصنف حديث أربعة من الصحابة، أنس، وابن عمر، وثوبان، وأبي ذر، وقد ورد فيه عن غيرهم، منهم عبد الله بن عمرو بن العاص، وحذيفة بن اليمان، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وبريدة بن الحصيب، وابن مسعود، وجندب البجلي، وجابر بن سمرة، وأبو سمرة، وأبو برزة الأسلمي، وأبو أمامة الباهلي، وابن عباس، وعقبة بن عبد السلمي، وحارثة بن وهب الخزاعي، والمستورد بن شداد الفهري، وأبي بن كعب، وعائشة، وأبو لبابة، والبراء بن عازب، وجبير بن مطعم، وأسامة بن زيد، وحمزة بن عبد المطلب، وأم محمد خولة بنت قيس، وحذيفة ابن أسيد، وخباب بن الأرت، وزيد بن أرقم، وأوس بن الأرقم، وزيد بن أبي أوفى، وزيد بن ثابت، وسويد بن عامر، وأبو بكرة، وأبو الدرداء، والصنابح بن الأعسر، وسهل بن سعد، وأسماء بنت أبي بكر، وأم سلمة، وعقبة بن عامر، والصنابحي، وهو غير الصنابح بن الأعسر، وعلي بن أبي طالب، والحسن بن علي، رضي الله عنهم أجمعين .



أما حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- فروى الشيخان، والبغوي، واللالكائي في السنة، بلفظ: حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء، وماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدا، وفي رواية لهما: الحوض مسيرة شهر، والباقي سواء، وفي أخرى: ولا ينقص من شرب منه إلا كما ينقص المخيط من الماء إذا شرب منه .

والبخاري وحده: حوضي ما بين عمان واليمن، فيه آنية عدد النجوم، ماؤه أحلى من العسل، وأبيض من اللبن، وألين من الزبد، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا .

وللدارقطني في الأفراد: الحوض عرضه مثل طوله، أبيض من الفضة، وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لم يظمأ آخر ما عليه .

وروى ابن مردويه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلا قال: يا رسول الله، ما الكوثر؟ قال: نهر من أنهار الجنة، أعطانيه الله، عرضه ما بين أيلة وعدن، قالوا: يا رسول الله، أله طين أوحال؟ قال: نعم، المسك الأبيض، قال: أله رضراض حصى؟ قال: نعم، رضراضه الجوهر، وحصباؤه اللؤلؤ، قال: أله شجر؟ قال: نعم، حافتاه قضبان ذهب رطبة شارعة عليه، قال: لتلك القضبان ثمار؟ قال: نعم، تنبت أصناف الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر، فيه أكواب، وآنية، وأقداح، تسعى إلى من أراد أن يشرب منها، منشرة في وسطه بها، كأنها الكوكب الدري .

وأما حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- فرواه أبو بكر بن أبي داود، فقال: حدثنا يزيد بن محمد بن المغيرة المهلبي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت عاصما، يحدث عن ذر، عن حذيفة، قال: إن حوض محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحا من المسك، وإن آنيته عدد نجوم السماء، تابعه علي بن حرب الطائي، عن وهب بن جرير بن حازم، وقال عبد الله بن أحمد : حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا حماد، عن عاصم، عن ذر، عن حذيفة، أنه قال: ما بين طرفي حوض النبي -صلى الله عليه وسلم- كما بين أيلة ومضر، آنيته أكثر أو مثل عدد نجوم السماء، ماؤه أحلى من العسل، وأشد بياضا من اللبن، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحا من المسك، من شرب منه لم يظمأ بعده أبدا .

ورواه ابن أبي عامر، في كتاب السنة، عن هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة به، ورواه الطبراني في كتاب السنة، عن عبد الله بن أحمد، عن هدبة به، وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصم، عن ذر، عن حذيفة، قال: الحوض أبيض مثل اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحا من المسك، آنيته عدد نجوم السماء، ما بين أيلة وصنعاء، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك أبدا .

وحدث به ابن أبي عاصم في كتاب السنة، عن أبي بكر هو ابن أبي شيبة، ومن [ ص: 501 ] طريقه رواه الطبراني في كتاب السنة، فقال: حدثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حسين بن علي الجعفي، فذكره، وهو في جميع طرقه المتقدمة موقوف، لكن مثله لا يقال من قبل الرأي، فهو مرفوع .

وقد صح ذكر الحوض من رواية حذيفة مرفوعا، قال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا محمد بن فضيل، عن حسين، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليردن على حوضي أقوام فيختلجون دوني . ورواه الطبراني في كتاب السنة، عن عبيد بن غنام، عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعلقه البخاري في صحيحه، فقال: وقال حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ووصله مسلم، باختصار منه، فقال عقيب حديث الأعمش، ومغيرة، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، وحدثناه سعيد بن عمرو الأشعثي، أنبأنا عبثر، وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن فضيل، كلاهما عن حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحو حديث الأعمش، ومغيرة، ورواه ابن أبي خيثمة في تاريخه، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن حصين، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ليردن على الحوض أقوام، حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: يا رب، أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

وقال أبو بكر محمد بن هرون الروياني في مسنده، حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن فضيل، عن حصين، عن شقيق، عن حذيفة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فساقه مثله، وقال الخلعي في فوائده: أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي المشطاحي، حدثنا عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر، عن سعد بن طارق، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن حوضي لأبعد من أيلة وعدن، والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد النجوم، وماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، والذي نفسي بيده إنى لأذود عنه الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه، قال: قيل: وتعرفنا يومئذ؟ قال: نعم، تردون علي غرا محجلين من آثار الوضوء، ليست لأحد غيركم، تابعه أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، وأبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين الدقاق، ابن أخي سمي، فروياه عن عبد الله البغوي، وعن المخلص، رواه اللالكائي في كتاب السنة، تابعه مسلم، وابن ماجه، فحدثا به في كتابيهما، عن عثمان بن أبي شيبة به، وروى الطبراني في الأوسط، عن حذيفة، قال: الكوثر نهر في الجنة، أجيف، فيه آنية من الذهب والفضة لا يعلمها إلا الله، وهذا موقوف له حكم الرفع .

وأما حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، -رضي الله عنه- فقال الإمام أحمد : حدثنا روح، حدثنا زكريا بن إسحق، حدثنا أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الحوض مسيرة شهر، وزواياه سواء، يعني: عرضه مثل طوله، وكيزانه مثل نجوم السماء، وهو أطيب ريحا من المسك، وأشد بياضا من اللبن، من شربه منه لم يظمأ بعده أبدا، هذا الحديث على رسم مسلم، فقد روى من طريق روح، عن زكريا، عن أبي الزبير، عن جابر، ستة أحاديث غير هذا، قاله الإمام الضياء محمد بن عبد الواحد الحافظ .

وروى البزار، من طريق الشعبي، عن جابر، رفعه: إني فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم، فلا ترجعوا بعدي كفارا، يقتل بعضكم بعضا، فقال رجل: يا رسول الله، ما عرضه؟ قال: ما بين أيلة، أحسبه قال: إلى مكة، فيه مكاكي أكثر من عدد النجوم، لا يتناول مؤمن منها واحدا فيضعه من يده حتى يتناول آخر، قوله: مكاكي، جمع مكوك، على البدل، وهو طاس يشرب به، ومكيال بالعراق، قاله صاحب العين، وفيه رد على ابن الأنباري، حيث منع أن يجمع مكوك على مكاكي، وإنما جمعه مكاكيك، والجمعان جائزان، والمكوك له معنيان، كما ذكرا، والأول يفسر به الحديث، وقد نبهنا عليه في شرح القاموس .

وقال الطبراني في كتاب السنة، حدثنا العباس بن الفضل، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، عن جابر، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: أنا فرط لكم بين أيديكم، فإن لم تجدوني فأنا على الحوض، ما بين أيلة إلى مكة، وسيأتي رجال ونساء فيطردون عنه، فلا يطعمون منه شيأ . وقال المحاملي : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، فساقه، ولفظه: وسيأتي رجال ونساء بقرب، وآنية، فلا يطعمون منه شيأ. وأخرجه اللالكائي في كتاب السنة من طريقين إلى أبي عاصم، أخبرني ابن جريج، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: [ ص: 502 ] سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكره، في أحدهما: سيأتي رجال ونساء بآنية وقرب، وفي الثاني: يأتونه ثم لا يذوقون منه شيئا .

وأما حديث أبي هريرة، فرواه أبو طاهر المخلص في فوائده، وعنه اللالكائي في كتاب السنة من طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن موسى، عن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني أطمع أن يكون حوضي إن شاء الله أوسع مما بين أيلة إلى الكعبة، وإن فيه الأباريق لأكثر من عدد الكواكب .

وروى مسلم في صحيحه بلفظ: إن حوضي أبعد من أيلة، من عدن، لهو أشد بياضا من الثلج، وأحلى من العسل باللبن، ولآنيته أكثر من عدد النجوم، وإني لأصد الناس عنه، كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه، قالوا: يا رسول الله، أتعرفنا يومئذ؟ قال: نعم، لكم سيما ليست لأحد من الأمم، تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء .

وروى ابن عساكر من طريق الفرزدق، عن أبي هريرة، رفعه: إن لي حوضا كما بين أيلة وعمان .

وأما حديث أبي سعيد الخدري، فرواه أبو القاسم البغوي، فقال: حدثنا محمد بن سليمان، حدثنا عيسى بن يونس، عن زكريا، عن عطية، عن أبي سعيد، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن لي حوضا، طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس، أشد بياضا من اللبن، آنيته عدد النجوم، وكل نبي يدعو أمته، ولكل نبي حوض، فمنهم من يأتيه الفئام، ومنهم من يأتيه العصبة، ومنهم من يأتيه النفر، ومنهم من يأتيه الرجلان، والرجل، ومنهم من لا يأتيه أحد، وإني أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، تابعه ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال، فقال: حدثنا محمد بن سليمان الأسدي، حدثنا عيسى بن يونس، فذكره بطوله، ورواه اللالكائي في السنة، من طريق الوليد بن القاسم، حدثنا زكريا بن زائدة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن لي حوضا، فذكره، وفيه بعد قوله: أحد، فيقال: قد بلغت، وإني لأكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة، ورواه الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، رفعه: إني كأني قد دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي، وإنهما لن يزالا جميعا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما .

وقال محمد بن سعد في الطبقات: أخبرنا أنس بن عياض، وصفوان بن عيسى، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن أنس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: بينما نحن جلوس في المسجد إذ خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المرض الذي توفي فيه، عاصبا رأسه بخرقة، فخرج يمشي حتى قام على المنبر، فلما استوى عليه، قال: والذي نفسي بيده، إني لقائم على الحوض الساعة... الحديث .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا زكريا، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، رفعه: إن لي حوضا طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس، أبيض مثل اللبن، وآنيته عدد النجوم، وإني لأكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة . أخرجه ابن ماجه في سننه، عن أبي بكر بن أبي شيبة .

وأما حديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- فقال اللالكائي في كتاب السنة: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا عبد الله بن الوضاح اللؤلؤي، حدثنا يحيى بن يمان، عن عائذ بن نسير، عن علقمة بن مرثد، عن أبي بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: حوضي ما بين عمان واليمن، فيه آنية عدد النجوم، أحلى من العسل، وأبيض من اللبن، وألين من الزبد، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا . تابعه يحيى بن معين، عن يحيى بن يمان .

أخرجه كذلك أبو يعلى فقال: حدثنا يحيى بن معين، تابعهما أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي، عن يحيى بن معين، عن يحيى بن يمان، أخرجه كذلك أبو يعلى فقال: حدثنا يحيى بن معين، حدثنا يحيى بن يمان، فذكره، وأخرجه الروياني في مسنده فقال: حدثنا العباس بن محمد، حدثنا يحيى بن معين، تابعهما أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي، عن يحيى بن معين : يحيى بن يمان ليس بالقوي، وشيخه عائذ، ضعفوه، واسم أبيه نسير، بضم النون، وفتح السين المهملة، وابن بريدة هو عبد الله.

وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه فرواه اللالكائي في السنة، أخبرنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا عبيد الله العبسي، حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن ذر، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنا فرطكم على الحوض . ورواه البخاري من طريق الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود، ورواه الطبراني، والخطيب، وابن عساكر، بزيادة: وإني مكاثر بكم الأمم، فلا تقتتلوا بعدي . ورواه أحمد، والشيخان، بزيادة: ولأنازعن أقواما، ثم لأغلبن عليهم، فأقول: يا رب، أصحابي، أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

وأما حديث جندب بن عبد [ ص: 503 ] الله البجلي -رضي الله عنه- فأخرجه الحافظ أبو طاهر السلفي، من طريق محمد بن أبي السري البخاري، عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت عبد الملك بن عمير، يقول: سمعت جندب بن عبد الله، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا إني فرطكم على الحوض . رواه كذلك الحميدي، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، وفيه: قال سفيان، وذكر فيه شيأ آخر، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، فقال: حدثنا وكيع، عن مسعر، عن عبد الملك بن عمير، عن جندب : سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: أنا فرطكم على الحوض، حدث به مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة .

ورواه أبو الغنائم محمد بن علي الحافظ بالكوفة في فوائده، من طريق قيس، ويزيد بن عمير الهمداني، وأبي كدينة يحيى بن المهلب البجلي الكوفي، وحماد بن حجاج، أخي شعبة، كلهم عن عبد الملك بن عمير بمثله، وقد رواه عن عبد الملك بن عمير، جماعة آخرون، منهم زائدة عند مسلم، وشعبة بن الحجاج عند البخاري، وابن أبي شيبة، وإبراهيم بن سليمان المؤدب عند أبي عبيد، في كتابه غريب الحديث، ونسب جندبا إلى جده سفيان، فيظن أنهما اثنان، وهما واحد، وقد تابعهم عن عبد الملك بن عمير جماعة، منهم شعيب بن صفوان الثقفي، وأبو عوانة اليشكري، وأبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي الكوفي .

وأما حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه- فقال أبو يعلى الموصلي : حدثنا أبو همام، هو الوليد بن شجاع، حدثنا أبي، حدثني زياد بن خيثمة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: إني فرطكم على الحوض، وإن بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة، كأن الأباريق فيه النجوم . ورواه مسلم، عن الوليد بن شجاع، بلفظ: ألا إني فرط لكم على الحوض، والباقي سواء، تابعهما يعقوب بن سفيان، عن أبي همام .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن المهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد، قال: كتبت إلى جابر بن سمرة، أخبرني بشيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فكتب إلي سمعته يقول: أنا الفرط على الحوض . خرجه مسلم في صحيحه، فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل، فذكره، وفيه: كتبت إلى جابر بن سمرة، مع غلامي نافع، والباقي سواء، وأخرجه اللالكائي في كتاب السنة من طريق عباد بن يعقوب، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن مهاجر بن مسمار، عن عامر بن سعد، قال: كتب إلي جابر بن سمرة، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: أنا فرطكم على الحوض .

وأما حديث أبيه سمرة بن جنادة السوائي العامري، له ولابنه صحبة، فسيأتي حديثه للمصنف قريبا، وأما حديث أبي برزة الأسلمي، فقال اللالكائي في كتاب السنة: أخبرنا عبد الله بن مسلم بن يحيى، أخبرنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا محمد بن يزيد، حدثنا روح بن أسلم، حدثنا شداد، عن أبي الوازع، قال: سمعت أبا برزة، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما بين جنبي حوضي ما بين أيلة إلى صنعاء، مسيرة شهر، عرضه كطوله، فيه مزرابان يثعبان من الجنة، من ورق وذهب، أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، فيه أباريق عدد نجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ حتى يدخل الجنة . إسناد صحيح على شرط مسلم .

وروى أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد المخلدي، أخبرنا المؤمل بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن مطر الوراق، عن عبد الله بن بريدة الأسلمي، قال: شك عبيد الله بن زياد في الحوض، وكان فيه حرورية، فقال: أرأيتم الحوض الذي يذكر؟ ما أراه شيأ، فقال له ناس من صحابته، فإن ههنا رهطا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فأرسل إليهم فسألهم، قال: فأرسل إلى رجل من مزينة فسأله عن الحوض، فحدثه، ثم أرسل إلى أبي برزة الأسلمي، فأتاه وعليه ثوبا حبرة، وقد ائتزر بواحد وارتدى بالآخر، وكان رجلا لحيما إلى القصر، فلما رآه عبيد الله ضحك، ثم قال: إن محمديكم هذا الدحداح، ففهمها الشيخ، فقال: يا عجبا ألا أراني قد بقيت في قوم يعدون صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عارا، فقال له جلساء عبيد الله: إنما أرسل إليك ليسألك عن الحوض، هل سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه شيأ؟ قال: نعم، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكره، فمن كذب به فلا سقاه الله منه، قال: ثم نفض رداءه وانصرف غضبا .

وأما حديث أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- فرواه أحمد، والطبراني، وابن حبان، وسمويه، بلفظ: حوضي مثل ما بين عدن وعمان، وهو أوسع وأوسع، فيه مثعبان من ذهب وفضة، شرابه أبيض من اللبن، وأحلى مذاقة من العسل، وأطيب ريحا من المسك، من شرب منه لم يظمأ بعدها، ولم [ ص: 504 ] يسود وجهه أبدا .

ورواه الطبراني، والضياء، بلفظ: حوضي كما بين عدن وعمان، فيه أكاويب عدد نجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ بعده أبدا، وإن ممن يرد علي من أمتي، الشعثة رؤسهم، الدنسة ثيابهم، لا ينكحون المتنعمات، ولا يحضرون السدد، يعني: أبواب السلطان، الذين يعطون كل الذي عليهم، ولا يعطون كل الذي لهم. والأكاويب جمع كوب .

وأما حديث ابن عباس -رضي الله عنه- فرواه الطبراني في الكبير، بلفظ: حوضي مسيرة شهر، زواياه سواء، أكوازه عدد نجوم السماء، ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا . ورواه أيضا بلفظ: أنا آخذ بحجزكم عن النار، أقول: إياكم وجهنم، وإياكم والحدود، فإذا مت فأنا فرطكم، وموعدكم الحوض، فمن ورد أفلح، ويأتي قوم فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب، أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، مرتدين على أعقابهم .

وروى نحوه عبد الله بن أحمد، والسجزي في الإبانة، وروى ابن مردويه بلفظ: أوتيت الكوثر، آنيته عدد النجوم . وروي أيضا من قوله: الكوثر نهر أعطاه الله محمدا في الجنة . وهو موقوف له حكم الرفع، ورواه ابن جرير عنه، من قوله: الكوثر نهر في الجنة، حافتاه ذهب وفضة، يجري على الياقوت، والدر، ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل . وهذا أيضا موقوف له حكم الرفع .

وروى ابن مردويه عنه من قوله: الكوثر نهر في الجنة، عمقه سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، شاطئاه الدر، والياقوت، والزبرجد، خص الله به نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- دون الأنبياء، وهذا أيضا له حكم الرفع .

وروى البخاري، وابن جرير، والحاكم، من طريق ابن بشير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: الكوثر الخير الذي أعطاه الله إياه، قال أبو بشر، قلت لسعيد بن جبير : فإن ناسا يزعمونه أنه نهر في الجنة، قال: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه إياه.

وروى الطستي في فوائده: أن نافع بن الأزرق، سأل ابن عباس عن الكوثر؟ فقال: نهر في بطنان العرش، حافتاه قباب الدر والياقوت، فيه أزواجه، وخدمه . وهذا أيضا موقوف له حكم الرفع .

وأما حديث عتبة بن عبد السلمي، -رضي الله عنه- فرواه الطبراني في الكبير، بلفظ: حوضي كما بين البيضاء إلى بصرى، يمدني الله فيه بكراع لا يدري إنسان ممن خلق أين طرفاه .

وأما حديث حارثة بن وهب الخزاعي، -رضي الله عنه- فرواه أبو بكر بن أبي داواد، قال: حدثنا أحمد بن صالح، حدثني حرمي بن عمارة، حدثنا شعبة بن معبد بن خالد، سمعت حارثة بن وهب، يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: تصدقوا، فيوشك الرجل أن يخرج بماله فلا يجد من يتصدق عليه، ثم ذكر حوضه، فقال: هو ما بين كذا إلى كذا. تابعه علي بن المديني، عن حرمي بن عمارة، لكنه بين مبهم مسافة الحوض، قال أبو نعيم في الحلية: حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر، حدثنا حرمي، حدثنا شعبة بن معبد بن خالد، سمعت حارثة بن وهب، يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الحوض، فقال: هو ما بين المدينة وصنعاء . رواه البخاري عن علي بن المديني فقال: حدثنا علي بن عبد الله، هو ابن المديني، حدثنا جرير بن عمارة، حدثنا شعبة، عن معبد بن خالد، أنه سمع حارثة بن وهب، يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول، وذكر الحوض، فقال: كما بين المدينة وصنعاء .

وأما حديث المستورد بن شداد الفهري -رضي الله عنه- فرواه البخاري، معلقا، وهذا لفظه في سياق حديث حارثة -رضي الله عنه-، زاد ابن عدي، عن شعبة، عن معبد بن خالد، عن حارثة، سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: حوضه ما بين صنعاء والمدينة، فقال له المستورد : ألم تسمعه قال: ألا وإني، قال: لا، قال المستورد : ترى فيه الآنية مثل الكواكب .

وهذا قد رواه مسلم في صحيحه، فقال حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن معبد بن خالد، عن حارثة، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: حوضه ما بين صنعاء والمدينة، فقال له المستورد : ألم تسمعه قال: ألا وإني؟ قال: لا، فقال: ترى فيه الآنية مثل الكواكب .

ومن هذه الطريق رواه الطبراني في كتاب السنة، فقال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، حدثنا محمد بن أبي عدي، فذكره، خالفهما بكر بن بكار عن شعبة في المسافة، ووافق ابن أبي عدي في الزيادة، رواه أبو بكر بن شاذان، من طريق محمد بن مرزوق، حدثنا بكر بن بكار، حدثنا شعبة، حدثنا معبد بن خالد، سمعت حارثة -رجلا من خزاعة -، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن ما بين حوضي كما بين مكة وصنعاء، فقال له المستورد : ما سمعت شيأ غير هذا؟ قال: لا، قال المستورد : [ ص: 505 ] وفيه آنية كالكواكب .

وأما حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه- فرواه الحكيم في النوادر، بلفظ: أول من يدعى يوم القيامة أنا، وساق الحديث، وفيه: يقومون غرا مجحلين من آثار الوضوء، فيردون على الحوض، ما بين بصرى إلى صنعاء، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، فيه من الآنية عدد نجوم السماء، من ورده فشرب منه لم يظمأ بعده أبدا، ومن صرف عنه لم يره بعده أبدا .

وأما حديث عائشة -رضى الله عنها- فرواه أحمد، ومسلم، بلفظ: إني على الحوض حتى أنتظر من يرد علي منكم، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت بما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم .

وروى ابن مردويه بلفظ: أوتيت الكوثر، آنيته عدد النجوم . وروى ابن أبي شيبة، والبخاري، وابن جرير، وابن مردويه : أنها سئلت عن الكوثر؟ فقالت: هو نهر أعطيه نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في بطنان الجنة، شاطئاه عليه در مجوف، فيه من الآنية والأباريق عدد النجوم . وهذا موقوف له حكم الرفع .

وروى هناد، وابن جرير، عنها، قالت: من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليجعل أصبعيه في أذنيه.

وأما حديث أبي لبابة -رضي الله عنه- فقد رواه أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص في فوائده، عن أبي القاسم البغوي، في أثناء حديث أنس، من طريق الحسن، وقتادة، عنه، أوله: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، يمنع سوادي ودمامتي دخول الجنة؟ قال: لا والذي نفسي بيده، ما اتقيت الله، وآمنت بما جاء به رسوله، فذكر الحديث بطوله، وفيه: تزويجه بابنة حارثة بن وهب الثقفي، ثم شهادته قبل أن يدخل بها، وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيه: أنه ورد الحوض ورب الكعبة، فقال أبو لبابة : بأبي أنت وأمي، وما الحوض؟ قال: حوض أعطانيه ربي -عز وجل- ما بين صنعاء إلى بصرى، حافتاه مكلل بالدر والياقوت، آنيته كعدد نجوم السماء، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا... الحديث، ورجاله ثقات سوى محمد بن عمر الكلاعي، فقال ابن عدي فيه: إنه يحدث عن الثقات بالمناكير، وقد تابع البغوي جماعة، منهم الحسن بن إسحق بن يزيد العطار، وأحمد بن الجعد الوشاء، ومن طريقهما خرجه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب التتمة .

وأما حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- فقال أبو القاسم البغوي : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثني موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحق، عن البراء بن عازب، رفعه: ألا إني فرطكم على الحوض، ومكاثر بكم الأمم يوم القيامة . وقال الحسن بن سفيان الضوي في مسنده: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثني أبي، عن أبيه، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، رفعه: إن لي حوضا لأذود الأمم عنه يوم القيامة، قيل: يا رسول الله، كيف تعرفهم؟ قال: إن أمتي غر محجلون، وإن عرضه كما بين أيلة وبصرى، وإلى صنعاء، وآنيته أكثر من عدد النجوم، ولهو أطيب من ريح المسك، وأحلى من العسل، وأبيض من اللبن، وأبرد من الثلج .

وروى أحمد، وأبو يعلى، والمحاملي، من طريق شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: سمعت البراء يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول للأنصار: إنكم ستلقون بعدي أثرة، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: اصبروا حتى تلقوني على الحوض .

وأما حديث جبير بن مطعم -رضى الله عنه- فقال البزار في مسنده: حدثنا يعقوب بن حميد، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: فإني فرط لكم على الحوض يوم القيامة . رواه الطبراني في كتاب السنة، عن عبد الله بن أحمد، عن يعقوب بن حميد بن كاسب به .

وأما حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- فرواه ابن جرير، وابن مردويه عنه، قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت حمزة بن عبد المطلب يوما فلم يجده، فسأل امرأته عنه؟ فقالت: خرج آنفا، أو لا تدخل يا رسول الله؟ فدخل، فقدمت إليه حيسا، فأكل، فقالت: هنيأ لك يا رسول الله، ومريئا، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك، أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر، فقال: أجل، وأرضه ياقوت، ومرجان، وزبرجد، ولؤلؤ . رواه الحسن بن سفيان في مسنده، فقال: حدثنا أحمد بن حسن اللهبي المديني، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن حرام بن عثمان، عن الأعرج، عن المسور ابن مخرمة، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى بيت حمزة، فذكره، ورواه الطبراني في الكبير، بلفظ: أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر، وعرصته ياقوت، ومرجان، وزبرجد، ولؤلؤ، هو والله مثل ما بين صنعاء وأيلة، [ ص: 506 ] فيه أباريق مثل عدد نجوم السماء . هكذا أورده من حديث أسامة .

وأما حديث حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- فهو الذي تقدم قبله، وأبو عمارة كنية حمزة، ورواه محمد بن عبد الله الشافعي، عن عبد الله بن محمد بن ناجية، قال: حدثني كعب أبو عبد الله الذراع، حدثني يحيى بن عبد الحميد، حدثني عبد العزيز بن محمد، هو الدراوردي، عن حرام ابن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن المسور بن مخرمة، عن أسامة بن زيد، عن امرأة حمزة بن عبد المطلب، عن حمزة بن عبد المطلب، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أعطيت نهرا في الجنة، الكوثر، أرضه الياقوت، والمرجان، ولؤلؤ، وزبرجد، ووصف حوضا.

أما حديث أم محمد خولة بنت قيس الأنصارية -رضى الله عنها- وهي زوجة حمزة بن عبد المطلب، فهو الذي تقدم قبله، قال كعب أبو عبد الله الذراع المتقدم ذكره: وحدثني يحيى بن عبد الحميد الحماني، مرة أخرى، فقال: عن امرأة حمزة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقدم لفظ الحديث في ترجمة أسامة، وهو عند الطبراني نحوه، كما سقناه في حديث أسامة، وفي آخره زيادة: وهي واجب، وأردها إلى قومك يا ابنة قهد، وهذه الزيادة تؤيد أن الحديث المذكور من روايتها، وقد نسبها -صلى الله عليه وسلم- إلى جدها; إذ هي خولة بنت قيس بن قهد، بالقاف، ابن قيس بن ثعلبة، من الأنصار .

وأما حديث حذيفة بن أسيد -رضي الله عنه- فرواه أبو عمر، وعثمان بن أحمد بن السماك، في فوائده، فقال: أخبرنا أبو علي حنبل بن إسحق بن حنبل الشيباني، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا زيد بن الحسن القرشي، حدثنا معروف بن خربوذ، حدثنا أبو الطفيل، هو عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: لما صدر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن حجة الوداع، نزل الجحفة، ونهى عن شجرات أن ينزل تحتهن، فساق الحديث، وفيه: ثم قال ألا إني فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض، حوضا أعرض ما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم، قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي، تابعه سمويه في فوائده، وغيره، قال أبو نعيم الأصبهاني، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا إسمعيل بن عبد الله سمويه، حدثنا سعيد بن سليمان، فذكره، ولفظه: لما صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حجة الوداع، قال: أيها الناس، إني فرطكم على الحوض، وإنكم واردون على حوض عرضه ما بين بصرى وصنعاء، فيه آنية عدد النجوم .

وقال الطبراني في كتاب السنة، حدثنا أحمد بن القاسم بن سادر، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي، وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، وزكريا بن يحيى الساجي، قالا: حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء، قالا: حدثنا زيد بن الحسن الأنماطي، حدثنا معروف بن خربوذ، فذكره بلفظ: أيها الناس، إني فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض، حوضا أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة .

ورواه أبو نعيم في الحلية، فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثني نصر بن عبد الرحمن الوشاء، فذكره بلفظ: أيها الناس، إني فرطكم، وإنكم واردون علي الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله، سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا، ولا تبدلوا، وعترتي، أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير، بأنهما لم يتفرقا حتى يردا علي الحوض .

وأما حديث خباب بن الأرت -رضي الله عنه- فرواه أحمد، وابن أبي عاصم، والطبراني، كلاهما في كتاب السنة، من طريق سماك بن حرب، عن عبد الله بن خباب، عن أبيه، رفعه: سيكون عليكم أمراء فلا تعينوهم على ظلمهم، ولا تصدقوهم بكذبهم، فإن من أعانهم على ظلمهم، وصدقهم بكذبهم، فلن يرد علي الحوض .

وأما حديث زيد بن الأرقم -رضي الله عنه- فقال أبو القاسم البغوي : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي، عن أبي إسحق، عن زيد بن أرقم، رفعه: ألا إني فرطكم على الحوض، ومكاثر بكم الأمم يوم القيامة . وذكر الحديث، وتقدم في ترجمة البراء بن عازب، ورواه أبو علي بن شاذان في فوائده، من طريق الأعمش، عن صهيب بن ثابت، عن زيد بن أرقم، رفعه: إني كأني دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين... الحديث، وقد تقدم في ترجمة أبي سعيد الخدري، قال أبو داود في سننه: حدثنا حفص بن عمر النميري، حدثنا شعبة، عن عمر بن مرة، عن أبي حمزة، عن زيد بن أرقم، قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلنا منزلا، قال: ما أنتم جزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض، قال: قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: سبعمائة، أو ثمانمائة، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه: حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، أخبرني عمرو بن مرة، قال: [ ص: 507 ] سمعت أبا حمزة الأنصاري يقول: سمعت زيد بن أرقم يقول: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره في منزل نزلوه: ما أنتم بجزء من مائة، يعني ألف جزء، ممن يرد على الحوض من أمتي، قال أبو حمزة : قلت لزيد بن أرقم : كم كنتم يومئذ؟ قال: سبعمائة، أو ثمانمائة. أبو حمزة هو طلحة بن يزيد الأنصاري مولاهم الكوفي، روى له الجماعة سوى مسلم، وجاء مصرحا باسمه في الحديث، قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن طلحة مولى قرظة، عن زيد بن أرقم، رفعه: ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد علي الحوض، قلنا لزيد: كم كنتم يومئذ؟ قال: ما بين الستمائة إلى السبعمائة . حدث أبو بكر، عن أبي عاصم في كتاب السنة، عن أبي بكر بن أبي شيبة به، تابعه جرير بن عبد الحميد الضبي، عن الأعمش، قال ابن أبي خيثمة في تاريخه: وحدثنا أبي، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد الأنصاري، قال: قال زيد بن أرقم : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أنتم جزء من مائة ألف جزء ممن يرد علي الحوض، قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: ستمائة أو سبعمائة .

وأما حديث أوس بن الأرقم -رضي الله عنه- وهو أخو زيد بن الأرقم المتقدم بذكره، استشهد يوم أحد، روى أبو محمد المخلدي بسنده المتقدم، في ترجمة أخيه زيد، إلى عبد الله بن بريدة الأسلمي، أن عبد الله بن زياد كان يشك في الحوض، وكان فيه حرورية، وأنه قال: أرأيتم الحوض الذي يذكر؟ ما أراه شيئا، فقال له ناس من صحابته: فإن ههنا رهطا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأرسل إليهم فسألهم. وساق القصة، وفيها: فأرسل إلى زيد بن أرقم، فسأله عن الحوض؟ فحدثه حديثا مونقا أعجبه، قال: أنت سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: لا، ولكن حدثنيه أخي، قال: لا حاجة لنا في حديث أخيك، ورواه أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة مثله، قال الحافظ بن ناصر الدين الدمشقي: أوس بن أرقم، ذكره ابن منده في المعرفة، وأنه أخو زيد بن الأرقم، لكنه قال عن أوس : لا يعرف له حديث، فيرد عليه ما رويناه من رواية أخيه زيد عنه، وما ورد من الحديث أن زيدا لم يسمع حديث الحوض من النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أنه ذلك الحديث الذي حدث به يومئذ بعينه، وإلا فقد حدث زيد في الحوض بأحاديث تقدم ذكر بعضها من طرق، كل فيها التصريح بأن زيدا سمع حديث الحوض من النبي -صلى الله عليه وسلم- .

وأما حديث زيد بن أبي أوفى -رضي الله عنه- وهو أخو عبد الله بن أبي أوفى، فيما جزم به ابن حبان، فرواه ابن أبي حاتم، والبخاري في التاريخ الصغير، والطبراني، وأبو نعيم في الحلية، وأبو موسى المديني، في طوالات الأخبار، والحسن بن سفيان، وابن شاهين، والبغوي، وابن أبي خيثمة، كلهم من طريق عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى، قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسجد المدينة، فجعل يقول: أين فلان بن فلان؟ فساقوا الحديث بطوله في مؤاخاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه، وفيه: ثم نظر في وجوه أصحابه، فقال: أبشروا، وقروا عينا، فأنتم أول من يرد علي الحوض، وأنتم في أعلى الغرف... الحديث، قال أبو موسى المديني : هذا حديث غريب، وزيد بن أبي أوفى عدوه في أهل البصرة، لا يعرف بغير هذا الحديث .

وأما حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- فرواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة، وأبو بكر بن أبي شيبة، والطبراني في كتاب السنة، من طريق القاسم بن حيان، عن زيد بن ثابت، رفعه: إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي، كتاب الله، وعترتي، أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض . ورواه الترمذي، وقال: حسن غريب، وابن الأنباري في المصاحف، والحاكم، بلفظ: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي، أهل بيتي لم يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما . ورواه عبد بن حميد، وابن الأنباري أيضا، بلفظ: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به بعدي لن تضلوا، كتاب الله، وعترتي، أهل بيتي، وإنهما لم يتفرقا حتى يردا علي الحوض . ورواه الطبراني، بلفظ: إني لكم فرط، وإنكم واردون علي الحوض، عرضه ما بين صنعاء إلى بصرى، فيه عدد الكواكب من قدحان الذهب والفضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين... الحديث

وأما حديث سويد بن عامر -رضي الله عنه- فأخرجه حميد بن زنجويه، وابن عساكر، والعقيلي في الضعفاء، بلفظ: حوضي أشرب منه يوم القيامة، ومن اتبعني، ومن استسقاني من الأنبياء... الحديث، وهو حديث منكر، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، ووافقه الذهبي .

وأما حديث أبي بكرة - رضي الله عنه- فرواه أحمد، وتمام، [ ص: 508 ] وابن عساكر، بلفظ: أنا فرطكم على الحوض .

وأما حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- فرواه الطبراني في الأوسط، بلفظ: أنا فرطكم على الحوض، أنتظر من يرد علي منكم، فلألفين ما نوزعت في أحدكم، فأقول: إنه من أمتي، فيقال: لا تدري ما أحدث بعدك .

وأما حديث الصنابح بن الأعسر -رضي الله عنه- فرواه أحمد، والبغوي، وأبو يعلى، وابن حبان، وابن قانع، والطبراني، والضياء، بلفظ: أنا فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم، فلا تقتتلوا بعدي .

ورواه البغوي، ونعيم بن حماد في الفتن، بلفظ: أنا فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم، فلا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض .

وأما حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- فرواه أحمد، والشيخان، بلفظ: أنا فرطكم على الحوض، من ورد يشرب، ومن يشرب لم يظمأ أبدا، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، فأقول: سحقا لمن بدل بعدي . وفي رواية: إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، والباقي سواء، ورواه الطبراني في الكبير، بلفظ: إن لكل قوم فارطا، وإني فرطكم على الحوض، فمن ورد علي الحوض فشرب لم يظمأ، ومن لم يظمأ دخل الجنة .

وأما حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما- فرواه الشيخان، بلفظ: إني على الحوض حتى أنتظر من يرد علي منكم، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا رب مني، ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم . ورواه اللالكائي في كتاب السنة، مقتصرا على قوله: أنا فرطكم على الحوض .

وأما حديث أم سلمة -رضي الله عنها- فرواه مسلم، بلفظ: إني لكم فرط على الحوض، فإياي، لا يأتيني أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال، فأقول: فيم هذا؟ فيقال: لأنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقا .

وأما حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- فرواه أحمد، والشيخان، بلفظ: إني بين أيديكم فرط لكم، وإني شهيد عليكم، وإن موعدكم الحوض، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم الدنيا، أن تنافسوا فيها . ورواه ابن المبارك، والطبراني بنحوه، وفي رواية لمسلم : إني فرطكم على الحوض، وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة، إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخشى عليكم الدنيا، أن تنافسوا فيها، وتقتتلوا، فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم .

وأما حديث الصنابحي -رضي الله عنه- واسمه عبد الله، له صحبة، وهو غير الصنابح بن الأعسر المذكور، وغير أبي عبد الله الصنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، فإنه تابعي، فرواه ابن ماجه، وابن أبي شيبة، والشيرازي في الألقاب، بلفظ: أنا فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم، فلا تقتتلوا بعدي .

وأما حديث علي -رضي الله عنه- فرواه الديلمي في مسند الفردوس، بلفظ: أول من يرد علي الحوض أهل بيتي، ومن أحبني من أمتي .

وأما حديث الحسن بن علي - رضي الله عنهما- فرواه ابن عاصم في كتاب السنة، من طريق علي بن أبي طلحة، مولى بني أمية، قال: حج معاوية بن أبي سفيان، وحج معه معاوية بن خديج، فمر في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدعاه، فقال له الحسن بن علي -رضي الله عنه-: أنت الساب لعلي -رضي الله عنه-؟ أما والله لتردن عليه الحوض، وما أراك ترده، فتجده مشمر الإزار على ساق، يذود عنه، لا يأتي المنافقون، ذود غريبة الإبل، قول الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- وقد خاب من افترى. ورواه الطبراني في كتاب السنة من طريق أبي كثير، قال: قال الحسن بن علي : إياك وبغض أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- فإنك إن وردت عليه الحوض، وما أراك ترد عليه، لتجدنه مشمرا حاسرا عن ساعديه، يذود المنافقين عن حوض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما تذاد غريبة الإبل، قول الصادق المصدوق، أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-. ورواه الخطيب هكذا في كتاب من وافقت كنيته اسم أبيه، من طريق الطبراني، ورواه بعضهم من حديث الحسن، عن أبيه علي -رضي الله عنهما- لكنه من رواية سفيان بن الليل الكوفي، ولا يصح حديثه، والله أعلم .

فهذا ما تيسر لي من جمع أحاديث الحوض، في وقت الكتابة، ولو استوفيت النظر في مجموع ما عندي من الفؤائد، والأجزاء، والتعاليق، والتخاريج، ربما بلغ أكثر مما ذكرت، والله الموفق، ولنعد إلى شرح كلام المصنف رحمه الله تعالى .




الخدمات العلمية