الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وعن عمرو بن حزم الأنصاري قال : تغيب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، لا يخرج إلا لصلاة مكتوبة ، ثم يرجع ، فلما كان اليوم الرابع ، خرج إلينا ، فقلنا : يا رسول الله ، احتبست عنا حتى ظننا أنه قد حدث حدث ، قال : لم يحدث إلا خير ، إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، لا حساب عليهم ، وإني سألت ربي في هذه الثلاثة أيام المزيد ، فوجدت ربي ماجدا ، واجدا ، كريما ، فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا ، قال : قلت : يا رب ، وتبلغ أمتي هذا ؟ قال : أكمل لك العدد من الأعراب وقال أبو ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عرض لي جبريل في جانب الحرة فقال : بشر أمتك : أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، فقلت : يا جبريل وإن سرق ؟ وإن زنى ؟ قال نعم : وإن سرق ، وإن زنى ، قلت : وإن سرق ؟ وإن زنى ؟ قال : وإن سرق وإن زنى، قلت: وإن سرق وإن زنى، قال: وإن سرق وإن زنى وإن شرب الخمر .

وقال أبو الدرداء قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت : وإن سرق ، وإن زنى ، يا رسول الله ؟ فقال ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت : وإن سرق ، وإن زنى ، ؟ فقال ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت : وإن سرق ، وإن زنى ، يا رسول الله ؟ قال وإن ، رغم أنف أبي الدرداء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة ، دفع إلى كل مؤمن رجل من أهل الملل ، فقيل له : هذا فداؤك من النار وروى مسلم في الصحيح ، عن أبي بردة أنه حدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله تعالى مكانه النار يهوديا أو نصرانيا ، فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات ، أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف له ورويأنه وقف صبي في بعض المغازي ينادى عليه فيمن يزيد في يوم صائف شديد الحر ، فبصرت به امرأة في خباء القوم ، فأقبلت تشتد ، وأقبل أصحابها خلفها ، حتى أخذت الصبي ، وألصقته إلى صدرها ، ثم ألقت ظهرها على البطحاء ، وجعلته على بطنها ، تقيه الحر ، وقالت ابني : ابني ، فبكى الناس ، وتركوا ما هم فيه فأقبل ، رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف عليهم ، فأخبروه الخبر ، فسر برحمتهم ، ثم بشرهم ، فقال : أعجبتم من رحمة هذه لابنها ؟ قالوا : نعم ، قال صلى الله عليه وسلم : فإن الله تبارك وتعالى أرحم بكم جميعا من هذه بابنها، فتفرق المسلمون على أفضل السرور ، وأعظم البشارة .

فهذه الأحاديث ، وما أوردنا في كتاب الرجاء ، يبشرنا بسعة رحمة الله تعالى ، فنرجو من الله تعالى أن لا يعاملنا بما نستحقه ويتفضل علينا بما هو أهله بمنه وسعة جوده ، ورحمته .

التالي السابق


(وعن عمرو بن حزم) بن زيد بن لوذان (الأنصاري) -رضي الله عنه-، يكنى أبا الضحاك، شهد الخندق، وما بعدها، واستعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- على نجران، روى عنه ابنه محمد، وجماعة، مات بعد الخمسين، على الراجح، روى له أبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه، (قال: تغيب عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثلاثا، لا يخرج) من منزله (إلا لصلاة مكتوبة، ثم يرجع، فلما كان اليوم الرابع، خرج إلينا، فقلنا: يا رسول الله، احتبست عنا حتى ظننا أنه قد حدث حدث، قال: لم يحدث إلا خير، إن ربي -عز وجل- وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا، لا حساب عليهم، وإني سألت ربي في هذه الثلاثة أيام المزيد، فوجدت [ ص: 568 ] ربي ماجدا، واجدا، كريما، فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا، قال: قلت: يا رب، وتبلغ أمتي هذا؟ قال: أكمل لك العدد من الأعراب) . قال العراقي : رواه البيهقي في البعث، ولأحمد، وأبي يعلى، من حديث أبي بكر : فزادني مع كل واحد سبعين ألفا. وفيه رجل لم يسم، ولأحمد، والطبراني في الأوسط، من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال عمر : فهلا استزدته؟ فقال: قد استزدته، فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا، قال عمر: فهلا استزدته؟ قال: قد استزدته، فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا، قال عمر: فهلا استزدته؟ قال: قد استزدته، قال: أعطاني هكذا، وفرج عبد الله بن بكر بين يديه، قال عبد الله: وبسط باعيه، وحثى عبد الله . وفيه موسى بن عبيدة الربذي ضعيف، اهـ .

قلت: سياق المصنف رواه الطبراني من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أبي يزيد المدني، عن عامر بن عمير النميري، قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا، لا يخرج إلا لصلاة مكتوبة... الحديث. إلخ. قال الحافظ في الإصابة: وهذا اختلف فيه على ثابت، ثم على سليمان، فأما ثابت فقال حماد بن سلمة، عنه، عن عمرو بن عمير الأنصاري، وقال عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن عمارة بن عمير، وقال الضحاك بن نبراس الأزدي البصري، عنه، عن عمرو بن حزم، وأما سليمان، فقيل عنه أيضا: عمرو، أو عامر، على الشك، وقد اختلف في صحابي هذا المتن، فقيل: عمرو الأنصاري، وقيل: عمرو بن بلال، وقيل: عمرو بن عمرو، اهـ .

قلت: وحديث عمرو بن عمير أخرجه البغوي من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي يزيد المدني، عن عمرو ابن عمير الأنصاري، قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غيب عن أصحابه ثلاثا، لا يرونه إلا في صلاة، فقال: وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب . ورواه سلمان بن المغيرة، عن ثابت، بالشك، قال: عن عمرو بن عمير، أو عامر بن عمير، أشار إليه الحافظ في ترجمة عمرو بن عمير .

وروى ابن سعد في الطبقات، من حديث عمرو بن عمير، بلفظ: وعدني ربي أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون، قلت: أي رب، زدني، قال: لك بكل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا، قلت: أي رب، إنهم لا يكملون، قال: إذا نكملهم لك من الأعراب .

ويروى نحو ذلك من حديث عدة من الصحابة، منهم: أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه-، ولفظه: وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعين ألفا، وثلاث حثيات من حثيات ربي . رواه الترمذي، وقال: حسن غريب، وابن ماجه، والطبراني، وابن حبان، والدارقطني في الضعفاء، والضياء .

ومنهم: أبو سعد الخير -رضي الله عنه-، ولفظه: إن ربي -عز وجل- وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه، إن شاء الله مستوعب مهاجري أمتي، ويوفيني الله بشيء من أعرابنا . رواه البغوي، والطبراني، وابن عساكر، وقد روى البغوي هذا المتن بعينه من حديث أبي سعيد الزرقي -رضي الله عنه-، بلفظ: إن الله وعدني. والباقي سواء .

ومنهم: عتبة ابن عبد السلمي -رضي الله عنه-، ولفظه: إن ربي تعالى- وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا، ثم يحثي لي ربي بكفيه ثلاث حثيات . رواه الطبراني في الكبير، زاد ابن الميلق في حادي القلوب: فكبر عمر -رضي الله عنه-، وقال: إن السبعين الأولين يشفعهم الله في آبائهم، وأبنائهم، وعشائرهم، وأرجو الله أن يجعلني في إحدى الحثيات الأواخر .

ومنهم: أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-، ولفظه: إن ربي خيرني بين سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، وبين الحثية عنده، إن ربي زادني، يتبع كل ألف سبعون ألفا، والحثية عنده . رواه أبو نعيم في الحلية، ورواه أحمد، والطبراني، بلفظ: إن ربكم. والباقي سواء .

ومنهم: حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، ولفظه: إن ربي استشارني في أمتي ماذا أفعل بهم؟ فقلت: ما شئت يا رب، هم خلقك، وعبادك، فاستشارني في الثانية، فقلت له كذلك، فاستشارني الثالثة، فقلت له كذلك، فقال تعالى: إني لن أخزيك في أمتك يا أحمد، وبشرني: أن أول من يدخل الجنة معي من أمتي سبعون ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، ليس عليهم حساب، ثم أرسل إلي: ادع تجب، وسل تعط... الحديث. رواه أحمد، وابن عساكر .

ومنهم: ثوبان - رضي الله عنه-، ولفظه: إن ربي -عز وجل- وعدني من أمتي سبعين ألفا لا يحاسبون، مع كل ألف سبعون ألفا . رواه الطبراني في الكبير .

ومنهم: عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله [ ص: 569 ] عنهما-، ولفظه: إن ربي تعالى أعطاني سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، قال عمر: يا رسول الله، هلا استزدته؟ قال: قد استزدته، فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا، قال: هلا استزدته؟ قال: قد استزدته، فأعطاني هكذا، وبسط باعه . رواه أحمد، والطبراني، ورواه الحكيم في النوادر، بلفظ: إن الله أعطاني .

ومنهم: أبو بكر -رضي الله عنه-، ولفظه: أعطيت سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، وقلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي فزادني مع كل واحد سبعين ألفا . رواه أحمد، والحكيم، وأبو يعلى .

وفي الغيلانيات عن زيد بن أسلم، مرسلا: وعدني ربي -عز وجل- أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا، فاستزدته، فزادني سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، وما أدري بقي من أمتي شيء؟

وورد في بعض الأخبار: ثلاثمائة ألف، وأربعمائة ألف، فروى الطبراني عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه، رفعه: إن الله تعالى وعدني أن يدخل من أمتي ثلاثمائة ألف الجنة . وروى أحمد، وأبو يعلى، والضياء، من حديث أنس : إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف، قال أبو بكر: زدنا يا رسول الله، قال: وهكذا، وجمع كفه، قال: زدنا يا رسول الله، قال: وهكذا .

(وقال أبو ذر) الغفاري -رضي الله عنه-: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عرض لي جبريل في جانب الحرة) -موضع بالمدينة- (فقال: بشر أمتك: أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، فقلت: يا جبريل وإن سرق؟ وإن زنى؟ قال: وإن سرق، وإن زنى، قلت: وإن سرق؟ وإن زنى؟ قال: وإن شرب الخمر) . قال العراقي : متفق عليه بلفظ: أتاني جبريل يبشرني. وفي رواية لهما: أتاني آت من ربي. اهـ .

قلت: سياق المصنف لمسلم، ولفظه: أتاني جبريل، فقال: بشر أمتك. إلخ. وهكذا رواه أحمد، والترمذي، وقال: حسن صحيح، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان، وأما لفظ المتفق عليه: أتاني جبريل فبشرني: أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، فقلت: وإن زنى؟ وإن سرق؟ قال: وإن زنى، وإن سرق .

وروى الطبراني، عن سلمة بن وردان، عن أنس، أنه سمعه يقول: أتى معاذ بن جبل، فقلت له: من أين جئت يا معاذ؟ فقال: من عند النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقلت: فما قال لك؟ قال: قال: من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة، قلت: فأذهب، فأسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: اذهب، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا نبي الله، حدثني معاذ بن جبل، أنك قلت كذا، وكذا، قال: صدق معاذ، صدق معاذ، صدق معاذ .

(وقال أبو الدرداء) -رضي الله عنه-: (قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) قوله تعالى: ( ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت: وإن سرق، وإن زنى، يا رسول الله؟ فقال) الثانية: ( ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت: وإن سرق، وإن زنى، يا رسول الله؟ فقال) الثالثة: ( ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت: وإن سرق، وإن زنى، يا رسول الله؟ قال) : نعم، (وإن، رغم أنف أبي الدرداء ) . قال العراقي : رواه أحمد، بإسناد جيد صحيح، اهـ .

قلت: وكذلك رواه ابن أبي شيبة، وابن منيع، والحكيم في النوادر، والنسائي، والبزار، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه .

وروى ابن مردويه، عن أبي هريرة، قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولمن خاف مقام ربه جنتان فقال أبو الدرداء : وإن زنى، وإن سرق، يا رسول الله؟ قال: وإن زنى، وإن سرق، وإن، رغم أنف أبي الدرداء، فكان أبو الدرداء، يقص ويقول: ولمن خاف مقام ربه جنتان وإن، رغم أنف أبي الدرداء .

وروى الطبراني، وابن مردويه، من طريق الجريري، عن أخيه، سمعت محمد بن سعد، يقرأ هذه الآية: ولمن خاف مقام ربه جنتان وإن زنى، وإن سرق، فقلت: ليس فيه وإن زنى، وإن سرق، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤها كذلك، فأنا أقرؤها حتى أموت .

وروى ابن مردويه، من حديث أبي الدرداء : من شهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، دخل الجنة، ثم قرأ: ولمن خاف مقام ربه جنتان

وروى ابن جرير، وابن المنذر، عن سيار، مولى لآل معاوية، عن أبي الدرداء، في قوله تعالى: ولمن خاف مقام ربه جنتان قال: قيل: يا أبا الدرداء، وإن زنى؟ وإن سرق؟ قال: من خاف مقام ربه لم يزن، ولم يسرق.

(وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا كان يوم القيامة، دفع إلى كل مؤمن رجل من أهل الملل، فقيل له: هذا فداؤك من النار) . قال العراقي : رواه مسلم، من حديث أبي موسى نحوه، وقد تقدم، اهـ. ولفظ مسلم: إذا كان يوم القيامة، أعطى الله كل رجل من هذه الأمة رجلا من الكفار، فيقال: هذا فداؤك من النار. وتقدمت رواية الطبراني في الكبير، والأوسط .

(وروى مسلم في الصحيح، عن أبي بردة ) بن أبي [ ص: 570 ] موسى الأشعري، اسمه الحرث، ويقال: عامر، ويقال: اسمه كنيته، تابعي، فقيه، من أهل الكوفة، وولي القضاء بها، فعزله الحجاج، وولى مكانه أخاه أبا بكر، ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل الكوفة، وقال: كان ثقة، كثير الحديث، وقال العجلي: كوفي، تابعي، ثقة، وقال عبد الله بن عياش، عن أبيه: لما ولي يزيد بن المهلب خراسان، قال: دلوني على رجل كامل لخصال الخير، فدل على أبي بردة، فلما جاءه رآه رجلا فائقا، فلما كلمه رأى من مخبرته أفضل من مرآته، قال: إني وليتك كذا، وكذا من عملي، فاستعفاه، فأبى أن يعفيه، فقال: أيها الأمير، ألا أخبرك بشيء حدثنيه أبي، أنه سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: هاته، قال: إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: من تولى عملا وهو يعلم أنه ليس لذلك العمل بأهل فليتبوأ مقعده من النار، وأنا أشهد أيها الأمير أني لست بأهل لما دعوتني إليه، فقال له يزيد: ما زدت على أن حرضتنا على نفسك، ورغبتنا فيك، فاخرج إلى عهدك، فإني غير معفيك، فخرج، ثم أقام فيهم ما شاء الله أن يقيم، فاستأذنه بالقدوم عليه، فأذن له، فقال أيها الأمير، ألا أحدثك بشيء حدثنيه أبي أنه سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: هاته، قال: قال: ملعون من سئل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله، ما لم يسأله هجرا . وقال: أنا أسألك بوجه الله إلا ما أعفيتني أيها الأمير من ذلك، فأعفاه .

قال علي بن المديني : عن سفيان بن عيينة، قال عمر بن عبد العزيز لأبي بردة : كم أتى عليك؟ قال: أشدان، ثمانين سنة، وفي طريق آخر، قال: أشدان، يعني: أربعين، وأربعين، قال الواقدي : مات سنة ثلاث ومائة بالكوفة، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة سبع، روى له الجماعة، (أنه حدث عمر بن عبد العزيز ) 7 بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، (عن أبيه أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه-، (عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله تعالى مكانه النار يهوديا أو نصرانيا، فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات، أن أباه حدثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلف له) ، وهو كما ذكره المصنف، رواه مسلم في الصحيح بهذا السياق، وكذلك رواه ابن حبان في الصحيح، والطبراني في الكبير .

وقال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في كتاب الشريعة، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمارة القرشي، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: وفدت إلى الوليد بن عبد الملك، وكان الذي يعمل في حوائجي عمر بن عبد العزيز، فلما قضيت حوائجي أتيته، فدعوته، وسلمت عليه، ثم مضيت، فذكرت حديثا حدثني به أبي، أنه سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأحببت أن أحدثه به; لما أولاني في قضاء حوائجي، فرجعت إليه، فلما رآني، قال: لقد رد الشيخ حاجة، فلما قربت منه، قال: ما ردك؟ أليس قد قضيت حوائجك؟ قلت: بلى، ولكن حديثا سمعته من أبي، سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأحببت أن أحدثك به; لما أوليتني، قال: وما هو؟ قلت: حدثني أبي، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا كان يوم القيامة، مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا، فيذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا، ويبقى أهل التوحيد، فيقال لهم: وما تنتظرون وقد ذهب الناس؟ فيقولون: إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا، فما نراه، قال: وتعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: نعم، فيقال لهم: وكيف تعرفونه ولم تروه؟ قالوا: إنه لا شبه له، فيكشف لهم الحجاب، فينظرون إلى الله -عز وجل-، فيخرون له سجدا، ويبقى قوم في ظهورهم مثل صياصي البقر، فيريدون السجود، فلا يستطيعون، فذلك قول الله -عز وجل-، يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون فيقول الله -عز وجل-: ارفعوا رؤسكم، قد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار، فقال عمر بن عبد العزيز: آلله الذي لا إله إلا هو، لحدثك أبوك هذا الحديث؟ سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فحلف له ثلاثة أيمان على ذلك، فقال عمر بن عبد العزيز: ما سمعت في أهل التوحيد حديثا هو أحب إلي من هذا .

وقد رواه بسند آخر من طريق الحسن بن موسى، عن حماد بن سلمة، وليست فيه هذه الزيادة، ولفظه: فيتجلى لهم ضاحكا، فيقول: أبشروا معاشر المسلمين، فإنه ليس منكم أحد إلا قد جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا، وقد تقدم هذا قريبا، ورواه أبو نعيم في الحلية، بلفظ: فيتجلى لهم، فيخرون سجودا، فيقال لهم: يا أهل التوحيد، ارفعوا رؤسكم، فقد أوجب الله لكم الجنة، وجعل مكان كل رجل منهم يهوديا أو نصرانيا في النار. ورواه أحمد، بلفظ: إذا [ ص: 571 ] كان يوم القيامة، لم يبق مؤمن إلا أتي بيهودي، أو نصراني، حتى يدفع إليه، فيقال له: هذا فداؤك من النار. ورواه الطبراني في الكبير، والأوسط، والحاكم في الكنى، بلفظ: إذا كان يوم القيامة، بعث الله إلى كل مؤمن ملكا معه كافر، فيقول الملك للمؤمن: يا مؤمن، هاك هذا الكافر، فهذا فداؤك من النار.

(وروي) في الأخبار الصحيحة: (أنه وقف صبي في بعض المغازي ينادى عليه فيمن يزيد) ، أي: في الثمن، وذلك (في يوم صائف شديد الحر، فبصرت به امرأة في خباء القوم، فأقبلت تشتد، وأقبل أصحابها خلفها، حتى أخذت الصبي، وألصقته إلى صدرها، ثم ألقت ظهرها على البطحاء، وجعلته على بطنها، تقيه الحر، وقالت: ابني، ابني، فبكى الناس، وتركوا ما هم فيه، فاقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى وقف عليهم، فأخبروه الخبر، فسر برحمتهم، ثم بشرهم، فقال: أعجبتم من رحمة هذه لابنها؟ قالوا: نعم، قال -صلى الله عليه وسلم-: فإن الله تبارك وتعالى أرحم بكم جميعا من هذه بابنها، فتفرق المسلمون على أفضل السرور، وأعظم البشارة) .

قال العراقي : متفق عليه، مختصرا، مع اختلاف من حديث عمر بن الخطاب، قال: قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذ وجدت صبيا في السبي أخذته، فألصقته ببطنها، وأرضعته، فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا والله، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الله أرحم بعباده من هذه بولدها . لفظ مسلم، وقال البخاري : فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسعى، إذ وجدت سبيا... الحديث، انتهى .

قلت: ورواه عبد بن حميد، من حديث عبد الله بن أبي أوفى، بلفظ: أترون هذه رحيمة بولدها؟ والذي نفسي بيده، الله أرحم بالمؤمنين من هذه بولدها .

وقد ختم المصنف كتابه بهذا الحديث العظيم الوقع في القلوب لأمور: منها: اتفاق البخاري ومسلم على إخراجه في كتابيهما، ففيه نوع تبرك. ومنها: أنه أعظم دليل على سعة رحمة الله تعالى، ولله در القائل:

لم لا نرج العفو من ربنا أم كيف لا نطمع في حلمه وفي الصحيحين أتى أنه
بعبده أرأف من أمه

.

ومنها: حصول ذلك لعامة المؤمنين، كما دلت بذلك رواية عبد بن حميد، أو لعامة الخلق، وقد روى الطبراني، والبيهقي في البعث، من حديث حذيفة -رضي الله عنه-: والذي نفسي بيده، ليدخلن الجنة الفاجر في دينه، الأحمق في معيشته، والذي نفسي بيده، ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه، والذي نفسي بيده، ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة ما خطرت على قلب بشر، والذي نفسي بيده، ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس، رجاء أن تصيبه .

ومنها: التلميح بقوله: فتفرق المسلمون، إلى ختم الكتاب، فإنه إذا فرغ من شيء تفرق عنه. ومنها: حسن التفاؤل، بقوله: أفضل السرور، وأعظم البشارة، فيكون حال مطالع هذا الكتاب، وكاتبه، وخادمه، مختتما بأفضل السرور، منتهيا بأعظم البشارة .

(فهذه الأحاديث، وما أوردنا في كتاب الرجاء، يبشرنا بسعة رحمة الله تعالى، فنرجو من الله تعالى أن لا يعاملنا بما نستحقه) ، أي: نستوجبه; لكمال تقصيرنا، (ويتفضل علينا بما هو أهله بمنه) ، أي: عطائه، (وسعة جوده، ورحمته) ، وبه انتهى الكتاب، ووجد في بعض النسخ زيادة، والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، قال جامعه، ومهذبه، العبد الفقير، المعترف بالعجز والتقصير، أبو الفيض محمد مرتضى بن محمد بن محمد الحسيني الواسطي، خديم علم الحديث، بمصر، غفر الله ذنوبه، وستر في الدارين عيوبه، بمنه وكرمه، آمين .



هذا آخر ما جرى به قلم المدد في تهذيب شرح إحياء علوم الدين، وسطرته يد الفيض من سوانح لوامع الإتحاف للسادة المتقين، ولم آل جهدا في توضيح مرامه في عباراته، وتبيين رموزه وإشاراته، ولا أدعي فيه البراءة من الغلط، والنسيان، والمقر بذنبه يسأل الصفح والغفران، فإن أصبت فبتوفيق الله - عز وجل-، وإن أخطأت فمن عوائد البشر الخطأ، والخطل، ولما لم أنته من هذا الكتاب إلى غاية أرضاها خفت الفوت، فسابقت بإبرازه الموت، وذلك وإن كثر لقليل، ونزر يسير، في جنب ما خص به من الجمع الوافي لمقاصد العلوم، الكافل بإبراز ما في المنطوق والمفهوم، ولو تتبعت مظانه لما وسعت بعض بعضه الدفاتر، وكلت دون مرماه الأقلام، وجفت المحابر .

سائلا ممن وقف عليه من الأفاضل، ومن كل كامل أنار [ ص: 572 ] الله بصيرته، وجبل على الإنصاف سريرته، أن يصفح بحلمه عن عثاري، وزللي، ويسد بسداد فضله خطئي وخللي، فالكريم يقيل العثار، ويقبل الاعتذار، خصوصا قدر مثلي مع قصر باعه في الصناعة، وكساد سوقه بما لديه من مزجاة البضاعة، لكن أخذته غفلات الظلام الغاسق، والليل الواسق، فسرقته من أيدي العوائق، والليل كما قيل: يعين السارق، واستفتحت مغالق المعاني بمفاتيح الفتوحات الإلهية، واستخرجت من مطالب كنوز الفيوضات نفائس الفوائد البهية .

حامدا لله على ما أنعم وألهم، وعلى ما لم أكن أعلم، مصليا، مسلما، على رسوله محمد أشرف أنبيائه، وأفضل مبلغ لأنبائه، وعلى آله، وأصحابه، وأحبائه، وخلفائه، صلاة لا ينقطع عددها، ولا يفنى أمدها، والله أسأل أن يعم به النفع، وينصبه للجزم بالرفع، ويجعله كأصله، ويصله بوصله، وأن ينفع به جيلا بعد جيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، مخلصا من شوائب الرياء، ودواعي التعظيم، وأن يرزقني الإنابة والتوفيق، لما يحبه ويرضاه، ويبلغني مع سائر أحبابي غاية ما أتمناه، وأن يطيل عمري في طاعته، ويلبسني أثواب عافيته، ويجمع لي وللمسلمين بين خيري الدنيا والآخرة، ويصرف عنا سوأهما، ويمنحنا بما منح به عباده الصالحين، مع رضوانه، ويمتعنا بلذة النظر إلى وجهه الكريم، من غير عذاب يسبق، وأستودع الله تعالى نفسي، وديني، وخواتيم عملي، وما أنعم به علي ربي، وهذا الكتاب، فإنه سبحانه إذا استودع شيئا حفظه، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله، وصحبه، وحزبه، وسلم تسليما كثيرا، كثيرا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وكانت مدة إملائه مع شواغل الدهر وإبلائه إحدى عشر عاما، إلا أياما، آخرها في الخامسة من نهار الأحد، خامس جمادى الثانية، من شهور سنة إحدى بعد المائتين وألف من هجرة من له العز والشرف، وذلك بمنزلي، في سويقة لالا، بمدينة مصر، حرسها الله تعالى، وسائر بلاد الإسلام، والحمد لله في البدء والختام، ما كرت الدهور، ومرت الأعوام، وصلى الله على نبيه وآله الكرام وسلم .

[ ص: 573 ]

يقول راجي غفران المساوي مصححه محمد الزهري الغمراوي

نحمدك اللهم، جعلت مطلع شمس عرفانك قلوب أصفيائك، وأنرت بأشعتها الأرواح، وجعلت مسقط أنوارها قلوب أوليائك، فلك الحمد، ذللت السبيل لمعرفتك، بما أفضته على قلوب المتقين، وأزحت الشكوك، وأكدت الحجة، بما ألهمت به أفئدة أهل معاملاتك المخلصين، ولك الشكر أنزلت الحكمة، وجعلت مقرها أهل الصفاء من المقربين، وانغلقت أبواب الفيض على من لم يتبع سبيلهم، ولو دأب في الطلب من السنين مئين، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد، المختار لشرح الحقائق، المكمل لمكارم الأخلاق للخلائق، المختص بفضائل الكرامات، والمصطفى لمحاسن الرسالات، وعلى آله الأنجم الهداة، وأصحابه الكرام التقاة .

(أما بعد)

فقد تم بحمده تعالى طبع كتاب إتحاف السادة المتقين، بشرح أسرار إحياء علوم الدين، لخاتمة المحققين، وعمدة ذوي الفضائل من المدققين، العلامة السيد محمد بن محمد الحسيني الزبيدي الشهير بمرتضى -رحمه الله-، وأثابه من فيض فضله جزيل الرضا، وهو كتاب أشرقت شمس تحقيقاته عما لم يسبقه في ميدانه مناضل، وسطعت أنوار محياه عن محاسن لم يتحل بها لسان قائل، فتح كنوز الإحياء، فظفر بجواهر، أباح عزيزها لمن متع الطرف بمحاسن تلك الصفحات، وغاص لجة عبابه، فاستخرج الدر فنظمه في عقودها تيك المجلدات، فلله در مؤلفه، لقد فتح بابا طالما تشوفت نفوس الأكابر لولوجه، فأحجمت خوفا من أقفاله، وسلك طريقا عسرت على الهداة معالمه، فأنارها بمصباح أقواله; إذ لا يخفى على كل بصير خلا عن داء الحسد والعصبية، واتجهت وجهته إلى استطلاع الحق، وتهذبت نفسه الأبية، أن الإحياء قد اشتمل على أحاديث، وآثار، لم يكن لها سند، وبعض عويصات هي مزلة قدم، ومعض يد، فجاء هذا الشرح بنبراس تخريجاته، وبيانه، وبين أحوال الرجال، ومدلهمات المسائل، فأضحت نيرات الأرجاء، بعد طول الخفاء، وبعد زمانه، أبان عن سعة اطلاع تنبئ أنه البحر المحيط، وعن ذكاء خاطر يوقفك على ما له من الفضل; لذى بالأسرار نيط، فكان تتميما لدواء القلوب، التي أضحت سقيمة، ومنتزها تتريض فيه الأرواح، وتستمتع به القلوب المستقيمة، خصوصا وقد بذلنا غاية الجهد في تصحيحه، وكانت مقابلة معظمه على نسخة بخط المؤلف -رحمه الله-، محضرة من خزانة السادات الوفائية، بمصر، واضحة صحيحة، فجزاه الله على تلك المساعي خير جزاء، وأثابه من جزيل إحسانه أكرم إعطاء، هذا وقد تحلت من هذا الشرح غرره، وتوشت طرره، بكتاب الإحياء المذكور، للإمام الغزالي، وبكتابه الإملاء في الأجوبة عن الإحياء، وبكتاب تعريف الأحياء بفضائل الإحياء، للعلامة الشيخ عبد القادر، الشهير بالعيدروس باعلوي، رحم الله الجميع، وأثابهم من حظائر القدس المكان الرفيع، فجاء روض علم أينعت ثماره، وضوء نهار كثرت أنواره، وذلك بالمطبعة الميمنية، بمصر المحروسة، المحمية، بجوار سيدي أحمد الدردير، قريبا من الجامع الأزهر المنير، إدارة المفتقر لعفو ربه القدير، أحمد البابي الحلبي، ذي العجز والتقصير، وذلك في شهر رمضان سنة 1311 هجرية، على صاحبها أزكى الصلاة، وأتم التحية، آمين، آمين، آمين .




الخدمات العلمية