تنبيهان :
الأول : استشكل الجزم بكونه -صلى الله عليه وسلم- أول من تنشق عنه الأرض ، وأول من يفيق مع التردد من خروج موسى قبله ، وإقامته قبله .
وأجيب بأن
nindex.php?page=treesubj&link=30293النفخة الأولى يعقبها الصعق في جميع الخلائق أحيائهم وأمواتهم ، وهو الفزع كما وقع في سورة النمل ففزع من في السماوات ومن في الأرض [النمل - 87] ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة لما هم فيه وللأحياء موتا ثم ينفخ الثانية للبعث فيفيقون أجمعين ، فمن كان مقبورا انشقت عنه الأرض فخرج من قبره ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك . وسيأتي لهذا مزيد بيان في التنبيه الثاني .
الثاني : قال
سلطان العلماء أبو محمد العز بن عبد السلام ما وجه هذا التردد مع صحة خبر أنه -صلى الله عليه وسلم- مر
بموسى ليلة أسري به قائما يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر ، وأخبر أيضا .
[ ص: 381 ]
عن صعقة
موسى وما جرى له مع ملك الموت ، والكل من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- وأجيب بأجوبة . قال : الصحيح منها ما ذهب إليه الإمام العلامة
الحافظ أبو شامة المقدسي ، وقال : إنه جواب صحيح أرشد إليه
أبو عمرو بن الحاجب قال : ثم وجدت تقريره في الكتاب والسنة عن واحد من العلماء ، أن هذه الصعقة المذكورة في الحديث ليست النفخة الواقعة في آخر الدنيا ، ولا الثانية التي يعقبها نشور الموتى من قبورهم ، فإنما هي صعقة كما في الناس يوم القيامة ، فيصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ، وهي المشار إليها في آية الزمر ، وذلك أول من حملها على صفة آخر الدنيا ، والدليل على أن في آخر يوم القيامة صعقة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=45فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون [الطور - 45] وهذا ظاهر في يوم تعمهم فيه الصعقة ، فأصعق معهم فأكون أول من يفيق وفي رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652235 "فأكون أول من تنشق عنه الأرض" قال : وهذا والله أعلم ، تفسير من الراوي ، واللفظ الأول أولى أن يكون محفوظا ، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- : "من يبعث" فظن بعض الرواة أن المراد من ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30337البعث من القبور
فقال : أول من تنشق عنه الأرض
nindex.php?page=treesubj&link=25037_30362والنبي -صلى الله عليه وسلم- أول من تنشق عنه الأرض حقا كما جاء في حديث آخر ، لكن هذا الحديث لا يحتمل هذا اللفظ لأجل قوله : "يوم القيامة"
ففي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653146 "إن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" ، فهذا نص في أن الناس يصعقون في يوم القيامة ، وهو تفسير ما في آخر الزمر كما مضى في بعض ألفاظ الحديث الصحيح ، وطرق الحديث واختلاف ألفاظه إذا أمكن الجمع بينها لم يضر بعضها بعضا ، وعند ذلك تظهر المناسبة في تردد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن
موسى حوسب بصعقة الطور ، لأنها من جنس ما أصاب الناس ، وقدر الله أن بعض الناس مستثنى منه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68إلا من شاء الله [الزمر - 68] فجاز أن يكون منهم ، ونحوه أجاب
ابن القيم . وأنه قال : فإن قيل : فما يصعقون ؟ بقوله "فلا أدري أفاق قبلي ، أم كان ممن استثنى الله -عز وجل-" ، والذين استثناهم الله -عز وجل- ، هم مستثنون من صعقة النفخة لا من صعقة يوم القيامة ، كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله [الزمر 68] . ثم نفخ فيه أخرى ولم يقع الاستثناء في صعقة الخلائق يوم القيامة ، قيل : هذا- والله أعلم- غير محفوظ ، وهو وهم من بعض الرواة ، والمحفوظ ما تواطأت عليه الروايات الصحيحة من قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=691701 "لا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" ، فظن بعض الرواة أن هذه الصعقة ، هي صعقة النفخ ، وأن موسى داخل فيمن استثنى الله تعالى منها ، وهذا لا يلتئم على سياق الحديث قطعا ، فإن الإفاقة حينئذ
[ ص: 382 ] هي إفاقة البعث فكيف يقول : "لا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور ؟ " فتأمله وهذا بخلاف الصعقة التي يصعقها الناس يوم القيامة ، فإذا جاء الله بفصل القضاء بين العباد وتجلى لهم فإنهم يصعقون ، وأما
موسى -صلى الله عليه وسلم- فإن كان لم يصعق معهم ، فيكون قد جوزي بصعقة يوم تجلى ربه للجبل ، فجعلت صعقة هذا التجلي عوضا من صعقة الخلائق لتجلي الرب-عز وجل- يوم القيامة .
الثالثة : وبأنه
nindex.php?page=treesubj&link=30349_25037يحشر في سبعين ألف ملك .
الرابعة : وبأنه
nindex.php?page=treesubj&link=30349_25037يحشر على البراق .
الخامسة : وبأنه يؤذن باسمه في الموقف .
السادسة : وبأنه
nindex.php?page=treesubj&link=25037يكسى في الموقف أعظم الحلل من الجنة .
السابعة : وبأنه يقوم عن يمين العرش -صلى الله عليه وسلم- .
الثامنة : وبأنه
nindex.php?page=treesubj&link=31044_30373أعطي المقام المحمود .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=690655سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المقام المحمود ، فقال : "هو الشفاعة" . والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أيضا :
nindex.php?page=treesubj&link=31044المقام المحمود مجلسه على العرش .
- ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، وقال : الأول أولى ، على أن الثاني ليس بمدفوع- لا من جهة النقل ولا من جهة الظن- قال
ابن عطية : هو كذلك إذا حمل على ما يليق به ، وبالغ
الواحدي في رد هذا القول فقال : هذا قول رذل موحش فظيع ونص الكتاب ينادي بفساد هذا التفسير ، وبسط الكلام على ذلك ، وأما النقاش فنقل عن أبي داود صاحب السنن أنه قال : من أنكر هذا الحديث فهو متهم .
قلت : والنقاش متهم بالوضع ، وقد جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عند الثعلبي ، وعن ابن عباس عند أبي الشيخ ، وعن عبد الله بن سلام قال : إن
محمدا يوم القيامة على كرسي الرب بين يدي الرب . قلت : وقال
ابن كثير : ومثل هذا لا ينبغي قبوله إلا ممن هو معصوم ، ولم يثبت فيه حديث يعول عليه ولا يصار بسببه إليه .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في هذا المقام ليس بحجة ، ولم يصح إسناده إلى ابن سلام . قال الحافظ :
[ ص: 383 ] فيحتمل أن تكون الإضافة إضافة تشريف ، وعلى ذلك يحمل ما جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وغيره .
تَنْبِيهَانِ :
الْأَوَّلُ : اسْتُشْكِلَ الْجَزْمُ بِكَوْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ ، وَأَوَّلُ مَنْ يُفِيقُ مَعَ التَّرَدُّدِ مِنْ خُرُوجِ مُوسَى قَبْلَهُ ، وَإِقَامَتِهِ قَبْلَهُ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30293النَّفْخَةَ الْأُولَى يَعْقُبُهَا الصَّعْقُ فِي جَمِيعِ الْخَلَائِقِ أَحْيَائِهِمْ وَأَمْوَاتِهِمْ ، وَهُوَ الْفَزَعُ كَمَا وَقَعَ فِي سُورَةِ النَّمْلِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ [النَّمْل - 87] ثُمَّ يَعْقُبُ ذَلِكَ الْفَزَعُ لِلْمَوْتَى زِيَادَةً لِمَا هُمْ فِيهِ وَلِلْأَحْيَاءِ مَوْتًا ثُمَّ يُنْفَخُ الثَّانِيَةُ لِلْبَعْثِ فَيُفِيقُونَ أَجْمَعِينَ ، فَمَنْ كَانَ مَقْبُورًا انْشَقَّتْ عَنْهُ الْأَرْضُ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ وَمَنْ لَيْسَ بِمَقْبُورٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ . وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي .
الثَّانِي : قَالَ
سُلْطَانُ الْعُلَمَاءِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا وَجْهُ هَذَا التَّرَدُّدِ مَعَ صِحَّةِ خَبَرِ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ
بِمُوسَى لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِهِ قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ ، وَأَخْبَرَ أَيْضًا .
[ ص: 381 ]
عَنْ صَعْقَةِ
مُوسَى وَمَا جَرَى لَهُ مَعَ مَلَكِ الْمَوْتِ ، وَالْكُلُّ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ . قَالَ : الصَّحِيحُ مِنْهَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ
الْحَافِظُ أَبُو شَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ ، وَقَالَ : إِنَّهُ جَوَابٌ صَحِيحٌ أَرْشَدَ إِلَيْهِ
أَبُو عَمْرِو بْنُ الْحَاجِبِ قَالَ : ثُمَّ وَجَدْتُ تَقْرِيرَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، أَنَّ هَذِهِ الصَّعْقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَتِ النَّفْخَةَ الْوَاقِعَةَ فِي آخِرِ الدُّنْيَا ، وَلَا الثَّانِيَةَ الَّتِي يَعْقُبُهَا نُشُورُ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ ، فَإِنَّمَا هِيَ صَعْقَةٌ كَمَا فِي النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَهِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي آيَةِ الزُّمَرِ ، وَذَلِكَ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى صِفَةِ آخِرِ الدُّنْيَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ فِي آخِرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ صَعْقَةٌ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=45فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ [الطَّوْرُ - 45] وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي يَوْمٍ تَعُمُّهُمْ فِيهِ الصَّعْقَةُ ، فَأُصْعَقُ مَعَهُمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ وَفِي رِوَايَةٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652235 "فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ" قَالَ : وَهَذَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ ، تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي ، وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا ، وَهُوَ قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : "مَنْ يُبْعَثُ" فَظَنَّ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30337الْبَعْثَ مِنَ الْقُبُورِ
فَقَالَ : أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ
nindex.php?page=treesubj&link=25037_30362وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ حَقًّا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ ، لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ هَذَا اللَّفْظَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ : "يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
فَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653146 "إِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ" ، فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ مَا فِي آخِرِ الزُّمَرِ كَمَا مَضَى فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، وَطُرُقُ الْحَدِيثِ وَاخْتِلَافُ أَلْفَاظِهِ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعَ بَيْنَهَا لَمْ يَضُرَّ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَظْهَرُ الْمُنَاسِبَةُ فِي تَرَدُّدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّ
مُوسَى حُوسِبَ بِصَعْقَةٍ الطَّوْر ، لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسٍ مَا أَصَابَ النَّاسَ ، وَقَدَّرَ اللَّهُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [الزُّمَرُ - 68] فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ، وَنَحْوُهُ أَجَابَ
ابْنُ الْقَيِّمِ . وَأَنَّهُ قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : فَمَا يُصْعَقُونَ ؟ بِقَوْلِهِ "فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي ، أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-" ، وَالَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- ، هُمْ مُسْتَثْنَوْنَ مِنْ صَعْقَةِ النَّفْخَةِ لَا مِنْ صَعْقَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=68وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [الزُّمَرُ 68] . ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى وَلَمْ يَقَعِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي صَعْقَةِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قِيلَ : هَذَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- غَيْرُ مَحْفُوظٍ ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، وَالْمَحْفُوظُ مَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=691701 "لَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ" ، فَظَنَّ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّ هَذِهِ الصَّعْقَةَ ، هِيَ صَعْقَةُ النَّفْخِ ، وَأَنَّ مُوسَى دَاخِلٌ فِيمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا ، وَهَذَا لَا يَلْتَئِمُ عَلَى سِيَاقِ الْحَدِيثِ قَطْعًا ، فَإِنَّ الْإِفَاقَةَ حِينَئِذٍ
[ ص: 382 ] هِيَ إِفَاقَةُ الْبَعْثِ فَكَيْفَ يَقُولُ : "لَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ ؟ " فَتَأَمَّلْهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّعْقَةِ الَّتِي يُصْعَقُهَا النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِذَا جَاءَ اللَّهُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَتَجَلَّى لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُصْعَقُونَ ، وَأَمَّا
مُوسَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنْ كَانَ لَمْ يُصْعَقْ مَعَهُمْ ، فَيَكُونُ قَدْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ يَوْمِ تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ، فَجُعِلَتْ صَعْقَةُ هَذَا التَّجَلِّي عِوَضًا مِنْ صَعْقَةِ الْخَلَائِقِ لِتَجَلِّي الرَّبِّ-عَزَّ وَجَلَّ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
الثَّالِثَةُ : وَبِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30349_25037يُحْشَرُ فِي سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ .
الرَّابِعَةُ : وَبِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30349_25037يُحْشَرُ عَلَى الْبُرَاقِ .
الْخَامِسَةُ : وَبِأَنَّهُ يُؤْذَنُ بِاسْمِهِ فِي الْمَوْقِفِ .
السَّادِسَةُ : وَبِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=25037يُكْسَى فِي الْمَوْقِفِ أَعْظَمَ الْحُلَلِ مِنَ الْجَنَّةِ .
السَّابِعَةُ : وَبِأَنَّهُ يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
الثَّامِنَةُ : وَبِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=31044_30373أُعْطِيَ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=690655سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ ، فَقَالَ : "هُوَ الشَّفَاعَةُ" . وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ أَيْضًا :
nindex.php?page=treesubj&link=31044الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ .
- وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ، وَقَالَ : الْأَوَّلُ أَوْلَى ، عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمَدْفُوعٍ- لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الظَّنِّ- قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هُوَ كَذَلِكَ إِذَا حَمَلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ ، وَبَالَغَ
الْوَاحِدِيُّ فِي رَدِّ هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ : هَذَا قَوْلٌ رَذْلٌ مُوحِشٌ فَظِيعٌ وَنَصُّ الْكِتَابِ يُنَادِي بِفَسَادِ هَذَا التَّفْسِيرِ ، وَبَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَمَّا النِّقَاشُ فَنَقَلَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ صَاحِبُ السُّنَنِ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ مُتَّهَمٌ .
قُلْتُ : وَالنَّقَّاشُ مُتَّهَمٌ بِالْوَضْعِ ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الثَّعْلَبِيِّ ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ : إِنَّ
مُحَمَّدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ . قُلْتُ : وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : وَمِثْلُ هَذَا لَا يَنْبَغِي قَبُولُهُ إِلَّا مِمَّنْ هُوَ مَعْصُومٌ ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَدِيثٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُصَارُ بِسَبَبِهِ إِلَيْهِ .
وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، وَلَمْ يَصِحَّ إِسْنَادُهُ إِلَى ابْنِ سَلَامٍ . قَالَ الْحَافِظُ :
[ ص: 383 ] فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ .