الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس في عصمته صلى الله عليه وسلم من دعثور بن الحارث الغطفاني

                                                                                                                                                                                                                              روى الواقدي عن محمد بن زياد بن أبي هنيدة والضحاك بن عثمان وعبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر عن عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهم قالوا : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من غطفان من بني ثعلبة بن محارب بذي أمر ، قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معهم رجل يقال له : دعثور بن الحارث ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعمائة وخمسين رجلا ومعهم أفراس ، فهزمت منه الأعراب فوق ذروة من الجبال ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا أمر فعسكر به ، وأصابهم مطر كثير ، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته ، فأصابه ذلك المطر فبل ثوبه ، وقد جعل وادي ذي أمر بينه وبين أصحابه ، ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف ، وألقاها على شجرة ثم اضطجع تحتها والأعراب ينظرون ، فقالت لدعثور ، وكان سيدها وأشجعها : قد أمكنك محمد ، وقد انفرد من أصحابه ، حيث إن غوث بأصحابه لم يغث حتى تقتله ، فاختار سيفا من سيوفهم صارما ، ثم أقبل حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورا فقال : يا محمد ، من يمنعك مني اليوم ؟ فقال : «الله عز وجل» ، ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام على رأسه ، فقال : «من يمنعك مني ؟ » قال : لا أحد ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، لا أكثر عليك جمعا أبدا ، فأعطاه سيفه ثم أدبر ، ثم أقبل بوجهه فقال : والله لأنت خير مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنا أحق بذلك منك» .

                                                                                                                                                                                                                              فأتى قومه فقالوا : أين ما كنت تقول ، والسيف في يدك ، قال : قد كان والله ذلك ، ولكن نظرت إلى رجل أبيض طويل ، فدفع في صدري ، فوقعت لظهري ، وعرفت أنه ملك [ ص: 258 ] وشهدت أن محمدا رسول الله ، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام ، ونزلت هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم الآية
                                                                                                                                                                                                                              [المائدة 11] ، وأخرجه البيهقي وقال : روي في غزوة ذات الرقاع قصة أخرى ، مثل هذه ، فإن كان الواقدي قد حفظ ما ذكر في هذه الغزوة فكانت قصتان .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية