السابعة : وباصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة كجارية وغيرها .  
روى  أبو داود  عن  الشعبي-  رضي الله تعالى عنه- قال : كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهم يدعى الصفي إن شاء عبدا أو أمة أو فرضا يختاره قبل الخمس وقبل كل شيء . 
وروى عن ابن عون-  رضي الله تعالى عنه- قال : سألت  محمد بن سيرين  عن سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والصفي قال : كان يصرف له مع المسلمين سهم ، وإن لم يشهدوا الصفي يؤخذ له من رأس الخمس قبل كل شيء . 
وروى ابن سعد   وابن عساكر  عن عمر بن الحكم-  رضي الله تعالى عنه- قال : لما سبيت بنو قريظة ، عرض السبي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانت فيه ريحانة بنت زيد بن عمرو  فأمر بها فعزلت وكان يكون له صفي من كل غنيمة . 
قال  أبو عمر :  سهم الصفي مشهور في صحيح الآثار ، معروف عند أهل العلم ولا يختلف أهل السير في أن صفيه منه . 
وأجمع العلماء على أنه خاص به . 
وذكر  الرافعي  أن ذا الفقار كان من الصفي . 
الثامنة : وبخمس الخمس من الفيء والغنيمة .  
التاسعة : وبأربعة أخماس الخمس بتمامها . 
قال الله سبحانه وتعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول   [الأنفال - 41] ، فسهم الرسول هو المراد ، وقال سبحانه وتعالى : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول   [الحشر - 7] الآية . 
روى  الإمام أحمد  والشيخان عن  عمر-  رضي الله تعالى عنه- قال : إن الله تعالى كان  [ ص: 430 ] 
يخص رسوله في هذا الفيء ما لم يعطه أحدا غيره ، فقال : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير   [الحشر - 6] . فكانت هذه خاصة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان ينفق على أهله نفقتهم سنة ثم يأخذ ما بقي ، فيجعله مجعل مال الله ، فعمل بذلك حياته ، فقال  أبو بكر :  أنا أولى برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعمل فيه بما عمل فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . 
وروى  أبو داود   والحاكم  عن عمرو بن عنبسة-  رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :  "لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم"  . 
العاشرة : وبدخول مكة بغير إحرام على القول بوجوبه في حق غيره على تفصيل فيه ، والأصح استحبابه . 
روى  مسلم  عن  جابر-  رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة  يوم الفتح وعليه عمامة سوداء بغير إحرام . 
وذكر  القضاعي  أن ذلك مما اختص به دون من قبله من الأنبياء ، وتقدمت أحاديث في ذلك في باب لباسه-صلى الله عليه وسلم- . 
الحادية عشرة : وبأن مكة أحلت له ساعة من نهار .  
قال  القضاعي :  خص بذلك من بين سائر الأنبياء . 
الثانية عشرة : وبأن ماله لا يورث عنه وكذلك الأنبياء ، عليهم أن يوصوا بكل مالهم صدقة .  
روى الشيخان عن  عائشة-  رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :  "لا نورث ما تركناه صدقة"  . 
وروى  النسائي  أن  عمر بن الخطاب-  رضي الله تعالى عنه- قال لعبد الرحمن  وسعد   وعثمان   وطلحة  والزبير :  أتشهدون بالله الذي قامت له السموات والأرض ، أسمعتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة ؟ قالوا : اللهم ، نعم . 
والحكمة في أن الأنبياء لا يورثون ،  أن لا يظن بهم مبطل أنهم يجمعون الدنيا لورثتهم ، فقطع الله ظن المبطل ، ولم يجعل للورثة شيئا . 
وقال الشيخ نصر الدين المقدسي :  المعنى والله تعالى أعلم- أن الأنبياء- صلوات الله ، وسلامه عليهم- لا يورثون ، لأنه يقع في قلب الإنسان شهوة موت مورثه ليأخذ ماله في الغالب ، فنزه الله تعالى الأنبياء وأهاليهم عن مثل ذلك ، فقطع الإرث عنهم .  [ ص: 431 ] 
فإن قيل : ما الجواب عن قوله : وورث سليمان داود   [النمل - 16] ، وقوله- تبارك وتعالى- حكاية عن زكريا : فهب لي من لدنك وليا  يرثني   [مريم - 5 ، 6] ، وعموم قوله تقدس اسمه : يوصيكم الله في أولادكم   [النساء - 11] ، فالجواب أن يقال : المراد الوراثة في النبوة والعلم والدين لا المال . ويؤيد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- : "العلماء ورثة الأنبياء" 
وأما : يوصيكم الله   [النساء - 11] فهي عامة لمن ترك شيئا كان يملكه ، وإذا ثبت أنه وقفه قبل موته ، فلم يخلف ما يورث عنه فلم يورث ، وعلى تقدير أنه خلف شيئا فما كان ملكه فدخوله في الخطاب قابل للتخصيص لما عرف من كثرة خصائصه -صلى الله عليه وسلم- وقد صح عنه أنه لا يورث ، فخص من عموم المخاطبين وهم الأمة . 
				
						
						
