تنبيه : جاء في النهي عن قطع السدر  أحاديث . فروى  أبو داود   والطبراني   والبيهقي   والضياء  في صحيحه عن عبد الله بن حبشي  بضم المهملة ثم موحدة ساكنة ، ثم معجمة بعدها ياء ثقيلة ، ابن جنادة ، بضم الجيم وبالنون والدال المهملة ، السلولي ، بفتح السين المهملة ولامين ، رضي الله عنه قال : 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار» 
زاد  الطبراني  يعني من سدر الحرم . وقال  أبو داود  رحمه الله تعالى : يعني من قطع السدر في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها . وروى  البيهقي  عن أبي ثور  أنه سأل  الشافعي  عن قطع السدر فقال : لا بأس به . 
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «اغسلها بماء وسدر» 
فيكون محمولا على ما حمله عليه  أبو داود   . وقال  البيهقي   : وروينا عن  عروة  إنه كان يقطعه وهو أحد رواة النهي ، فيشبه أن يكون النهي خاصا كما قال  أبو داود   . 
وقال  الخطابي :  سئل المزني  عن هذا فقال : وجهه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمن هجم على قطع سدر لقوم أو يتيم أو لمن حرم الله تعالى أن يقطع عليه ، فتحامل عليه فقطعه فاستحق ما قاله ، فتكون المسألة سبقت لسامع فسمع الجواب ولم يسمع المسألة وجعل نظيره  [ ص: 50 ] حديث  أسامة بن زيد  إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنما الربا في النسيئة» 
فسمع الجواب ولم يسمع المسألة 
وقد قال : «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد»  . 
واحتج المزني  بما احتج به  الشافعي  من إجازة النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل الميت بالسدر  ، ولو كان حراما لم يجز الانتفاع به وقال : والورق من السدر كالغصن . قال : وقد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما حرم قطعه من شجر الحرم بين ورقه وغيره ، فلما لم يمنع من ورق السدر ، دل على جواز قطع السدر . 
قال الشيخ  رحمه الله تعالى في فتاويه : «والأولى عندي في تأويل الحديث أنه محمول على سدر الحرم ، كما وقع في رواية  الطبراني .  قال  ابن الأثير  في النهاية : «قيل أراد به سدر مكة  لأنها حرم وقيل سدر المدينة ،  نهي عن قطعه ليكون أنسا وظلا لمن يهاجر إليها ، وقيل أراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أبناء السبيل والحيوان أو في ملك إنسان ، فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق ، ومع هذا فالحديث مضطرب الرواية فإن أكثر ما يروى عن  عروة بن الزبير ،  وكان هو يقطع السدر ويتخذ منه أبوابا . قال هشام :  وهذه أبواب من سدر قطعه أبي ، وأهل العلم مجمعون على إباحة قطعه» . 
وروى  أبو داود  عن حسان بن إبراهيم  قال : «سألت  هشام بن عروة  عن قطع السدر ، وهو مسند ظهره إلى قصر  عروة ،  قال : ترى هذه الأبواب والمصاريع إنما هي من سدر قطعه أبي من أرضه»  . 
 
				
 
						 
						

 
					 
					