الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : قال جماعة : لم تنف عائشة وقوع الرؤية بحديث مرفوع ، ولو كان معها لذكرته ، وإنما اعتمدت الاستنباط على ما ذكرت من ظاهر الآية وما قالوه غفلة عن قولها : إنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك

                                                                                                                                                                                                                              فقالت : يا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال : إنما رأيت جبريل منهبطا .


                                                                                                                                                                                                                              الثاني : من قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبها على قدر عقلها ، ومن حاول تخطئتها فيما ذهبت إليه فهو مخطئ قليل الأدب .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : قول ابن الجوزي : «أن أبا ذر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء ، فأجابه بما أجابه ، ولو سأله بعد الإسراء لأجابه بالإثبات ، ضعيف جدا ، فإن عائشة رضي الله عنها سألته بعد الإسراء ولم تثبت لها الرؤية» .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : احتجاج عائشة بالآية خالفها فيه ابن عباس ، فروى الترمذي وحسنه من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال : محمد رأى ربه . قلت : أليس الله تعالى يقول :

                                                                                                                                                                                                                              «لا تدركه الأبصار» ؟ قال : «ويحك ، ذلك نوره إذا تجلى بنوره الذي هو نوره ، وقد رأى ربه مرتين» . والحاصل أن المراد بالآية الإحاطة به عند رؤيته ، لا نفي أصل رؤيته . وقال النووي :

                                                                                                                                                                                                                              المراد بالإدراك الإحاطة ، والله تعالى لا يحاط به ، وإذا ورد النص بنفي الإحاطة لا يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة ، وأما احتجاجها بقوله تعالى : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا [الشورى : 51] فالجواب عنه من أوجه : أحدها : أنه لا يلزم مع الرؤية وجود الكلام حال الرؤية ، فيجوز وجود الرؤية من غير كلام ، الثاني : أنه عام مخصوص بما تقدم من الأدلة ، الثالث : ما قال بعض العلماء إن المراد بالوحي هنا الكلام من غير واسطة ، وأن القول وإن كان محتملا لكن الجمهور على أن المراد بالوحي هنا الإلهام والرؤيا في المنام وكلاهما يسمى وحيا . وأما قوله تعالى أو من وراء حجاب ، فقال الواحدي وغيره بمعناه غير مجاهر لهم بالكلام بل يسمعون كلامه تعالى من حيث لا يرونه ، وليس المراد أن يكون هناك حجاب يفصل موضعا عن موضع ، ويدل على تحديد المحجوب ، فهو بمنزلة ما يسمع من وراء حجاب حيث لم ير المتكلم .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : قول كعب : «وكلمه موسى مرتين» ، فيه نظر . والحق أنه كلمه أكثر منهما ، كما يرشد إلى ذلك قوله تعالى : وما تلك بيمينك يا موسى [طه 17] وقوله عز وجل . [ ص: 62 ]

                                                                                                                                                                                                                              وما أعجلك عن قومك يا موسى [طه : 83] . وقوله تبارك وتعالى : فإنا قد فتنا قومك من بعدك [طه 85] وقوله تقدس اسمه : فخذها بقوة [الأعراف : 145] ، وقوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                              اذهبا إلى فرعون [طه : 43] ، وقوله عز وجل وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني إذ تمشي أختك ، إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية