الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              التنبيه الرابع عشر :

                                                                                                                                                                                                                              في بعض فضائل بيت المقدس وفيه فوائد : الأولى : في مبدأ خلقه : روى أبو بكر الواسطي عن علي رضي الله عنه قال : كانت الأرض ماء ، فبعث الله تعالى ريحا فمسحت الماء مسحا ، فظهرت على الأرض زبدة فقسمها أربع قطع ، خلق من قطعة مكة ومن أخرى المدينة ومن أخرى بيت المقدس ومن أخرى الكوفة . وتقدم حديث أبي ذر في الباب الأول من أبواب بعض فضائل بلده المنيف فراجعه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن سليمان عليه السلام لما بنى بيت المقدس سأل ربه خلالا ثلاثا فأعطاه إياها : سأله حكما يصادف حكمه فأعطاه إياه وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه ، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد يعني بيت المقدس خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه» .

                                                                                                                                                                                                                              قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ونحن نرجو أن يكون الله تعالى قد أعطاه ذلك»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة والواسطي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : «إن بيت المقدس لمقدس في السماوات السبع بمقداره في الأرض» وروى الواسطي عن عطاء [ ص: 106 ] الخراساني قال : «لما فرغ سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام من بناء بيت المقدس أنبت الله شجرتين عند باب الرحمة إحداهما تنبت الذهب والأخرى تنبت الفضة ، فكان كل يوم تنزع من كل واحدة مائة رطل ذهب وفضة ، ففرش المسجد ، بلاطة ذهبا وبلاطة فضة .

                                                                                                                                                                                                                              فلما جاء بختنصر خربه واحتمل منه ثمانين عجلة ذهبا وفضة فطرحهما برومية» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الواسطي عن سعيد بن المسيب رحمهما الله تعالى أن سليمان عليه السلام لما فرغ من بناء بيت المقدس فرغ له عشرة آلاف من قراء بني إسرائيل : خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار ، فلا تأتي ساعة من ليل أو نهار إلا والله تعالى يعبد فيه . وروى الواسطي عن كعب الأحبار إن سليمان بن داود عليهما السلام لما فرغ من بناء المسجد خر ساجدا شكرا لله وقال : «يا رب من دخله من خائف فأمنه أو من داع فاستجب له أو مستغفر فاغفر له» ، فأوحى الله تعالى إليه : «إني قد أجبت لآل داود الدعاء» . قال : فذبح أربعة آلاف بقرة وسبعة آلاف شاة ، وصنع طعاما كثيرا ودعا بني إسرائيل إليه .

                                                                                                                                                                                                                              والآثار في هذا كثيرة ، وقد ذكر المؤرخون في عمارته وما فيه من الجواهر والمعادن واليواقيت في سمائه وأرضه وجدرانه ما تعجز عنه ملوك الدنيا . فلما دخل بختنصر خربه وأخذ تلك النفائس التي فيه ، وذكر ذلك هنا ليس من غرضنا . الثانية : في بعض فضله ، قال الله سبحانه وتعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله [الإسراء : 1] وهذه الآية هي المعظمة لقدره بإسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه قبل عروجه إلى السماء ، وإخبار الله تعالى بالبركة حوله . وتقدم الكلام على ذلك . وقال تعالى : ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين [الأنبياء : 71] .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو المعالي المشرف بن المرجى المقدسي في فضائله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : «الجنة تحن إلى بيت المقدس ، وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس» . وروى الواسطي عن مكحول قال : «من صلى في بيت المقدس ظهرا وعصرا ومغربا وعشاء ، ثم صلى الغداة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن كعب قال : «في بيت المقدس ، اليوم فيه كألف يوم ، وشهر فيه كألف شهر والسنة فيه كألف سنة ، ومن مات فيه كأنما مات في السماء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «في بيت المقدس لنعم المصلى ، وليوشكن ألا يكون للرجل مثل بسط فرشه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا أو قال خير من الدنيا وما فيها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الواسطي عن كعب قال : «إن الله ينظر إلى بيت المقدس كل يوم مرتين» . والآثار في فضله كثيرة . [ ص: 107 ]

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة : في أسمائه الأول : المسجد الأقصى وتقدم الكلام عليه . الثاني : مسجد إيلياء بوزن كبرياء . وحكى البكري وغيره قصر ألفه ، وحكى ابن يونس في شرح التعجيز . وابن الأثير في النهاية بتشديد الياء . وحكى صاحب المطالع وغيره حذف الياء الأولى وكسر الهمزة وسكون اللام والمد ، قال محمد بن سهل الكاتب : معنى إيلياء بيت الله . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما في مسند أبي يعلى : «الإيلا» بالألف واللام ، قال النووي : وهو غريب .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث والرابع : «بيت المقدس» بفتح الميم وإسكان القاف وكسر الدال مخففة ، «والبيت المقدس» بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة . قال الواحدي : «معناه المطهر» ، قال : أبو علي المقدسي : «وأما بيت المقدس يعني بالتخفيف فلا يخلو إما أن يكون مصدرا أو مكانا ، فإن كان مصدرا كان كقوله تعالى : إليه مرجعكم جميعا [يونس : 4] ونحوه من المصادر ، وإن كان مكانا فالمعنى بيت المكان الذي جعل فيه الطهارة أو بيت مكان الطهارة ، وتطهيره على معنى إخلائه من الأصنام وإبعاده منها» ، وقال الزجاج : «البيت المقدس أي المكان المطهر ، وبيت المقدس أي المكان الذي يطهر فيه من الذنوب ، هذا ما ذكره الواحدي» ، وقال غيره : «البيت المقدس وبيت المقدس لغتان الأولى على الصفة والثانية على إضافة الموصوف إلى صفته كصلاة الأولى ومسجد الجامع .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن سراقة : «ويقال الأرض المقدسة ثلاثة : فلسطين - بفاء مفتوحة فلام مفتوحة- والأردن- بهمزة مضمومة فراء ساكنة فدال مهملة مضمومة فنون ، قال البكري : مشددة- ودمشق ، وهو ما أدرك بصر إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين رفع على الجبل وقيل له : «ما أدرك بصرك فهو ميراث لك ولولدك من بعدك» .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : بيت القدس : بضم الدال وإسكانها بغير ميم ، ذكره الحازمي في أسماء الأماكن ونقل عن ابن الأثير أيضا .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : سلم بتشديد اللام لكثرة سلام الملائكة فيه . قال ابن بري : وأصله «شلم» بالشين المعجمة لأن الشين المعجمة في العربية سين ، فالسلام شلام واللسان لشان والاسم اشم ، وقال البكري في حرف الشين المعجمة : «شلم» بفتح أوله وثانيه وتشديده على وزن [ ص: 108 ] فعل اسم لبيت المقدس . وقال الهمداني : «شلم» : وقد تعربها العرب فنقول : شلم . وحكى ابن القطاع : شلام على وزن فعال . وقال ابن الأثير : «شلم» بالمعجمة وتشديد اللام اسم لبيت المقدس ويروى بالمهملة وكسر اللام سلم كأنه عربه . ومعناه بالعبرانية : بيت السلام .

                                                                                                                                                                                                                              السابع : روي عن كعب الأحبار ، أن الجنة في السماء السابعة بحيال بيت المقدس والصخرة ، ولو وقع حجر منها لوقع على الصخرة ولذلك دعيت : أوري شلم ، ودعيت الجنة : دار السلام . الثامن : أوري شلم ، بضم الهمزة وسكون الواو وكسر الراء وسكون التحتية وفتح الشين المعجمة وكسر اللام المخففة ، كذا قال أبو عبيدة معمر بن المثنى ، والأكثرون بفتح الشين واللام . التاسع : كورة إليا ، العاشر : أورى شلم . الحادي عشر : بيت إيل ، أي بيت الله . الثاني عشر : «صهيون» : بصاد مهملة مكسورة فهاء ساكنة فمثناة تحتية فواو فنون ، ذكره البكري . قال :

                                                                                                                                                                                                                              وهو بفتح الصاد اسم قبيلة . الثالث عشر : «مصرث» بميم فصاد فراء فثاء مثلثة . الرابع عشر :

                                                                                                                                                                                                                              «بابوش» : بموحدتين وآخره شين معجمة . الخامس عشر : «كورشيلاه» . السادس عشر :

                                                                                                                                                                                                                              «صلعون» : ذكر هذه الأسماء ابن خالويه . السابع عشر : سليم . الثامن عشر : «فسط مصر» بضم الفاء . التاسع عشر : أرض المحشر والمنشر . العشرون : المحفوظة . الحادي والعشرون : المفرقة . الثاني والعشرون : مدينة الجنة .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة : في خصائصه : الأولى في مضاعفة الصلاة فيه : وقد اختلفت الأحاديث في مقدارها : الأول : خمسمائة صلاة :

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد وابن ماجه والبزار والقاسم الحافظ أبو القاسم بن عساكر عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : «الصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة» .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : ألف صلاة :

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجه عن ميمونة رضي الله عنها ، قالت : قلت : يا رسول الله ، أفتنا في بيت المقدس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أرض المحشر والمنشر ، ائتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة» .

                                                                                                                                                                                                                              قال النووي : لا بأس بإسناده ، وقال الذهبي : حديث منكر . الثالث : خمسون ألف صلاة :

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صلاة الرجل في بيته بصلاة ، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة ، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة ، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة» .

                                                                                                                                                                                                                              وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف [ ص: 109 ] صلاة»
                                                                                                                                                                                                                              . الرابع : مائتان وخمسون : روى الطبراني في معجمه عن أبي ذر رضي الله عنه ، مرفوعا : «صلاة في مسجدي أفضل من أربع فيه» ، يعني بيت المقدس ، فدل على أن الصلاة في بيت المقدس بمائتين وخمسين صلاة . الخامس : بعشرين ألف صلاة ، روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ولهذا مزيد بيان في أبواب فضائل المدينة الشريفة .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية : استحباب شد المطي إليه لما رواه الشيخان : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة : استحباب ختم القرآن فيه : روى سعيد بن منصور في سننه عن أبي مجلز بكسر الميم وحكي فتحها وإسكان الجيم وفتح اللام وبالزاي- واسمه لاحق بن حميد ، قال :

                                                                                                                                                                                                                              «كانوا يستحبون لمن أتى المساجد الثلاثة أن يختم بها القرآن قبل أن يخرج» .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة : استحباب المجاورة به : روى الحاكم عن ثور بن يزيد عن مكحول قال :

                                                                                                                                                                                                                              «كان عبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله عنهما يسكنان بيت المقدس» . وقد سكنه عدة من الصحابة رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة : يستحب الصيام فيه فقد روي : «صوم في بيت المقدس براءة من النار» .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة : استحباب الإحرام بالحج والعمرة منه :

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة : يستحب لمن لم يقدر على زيارته أن يهدي له زيتا ،

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود وابن ماجه واللفظ له عن ميمونة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله : أفتنا في بيت المقدس .

                                                                                                                                                                                                                              قال : «أرض المحشر والمنشر ، ايتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره» . قلت : يا رسول الله أرأيت إن لم أستطع أن أصل إليه؟ قال : «فتهدي إليه زيتا ليسرج فيه فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              المحشر مفعل من الحشر وهو الجمع يعني يوم القيامة ، فإذا فتحت الشين فهو المصدر ، وأما الموضع فهو بالكسر . قال الجوهري : المحشر بالكسر موضع الحشر . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر صاحب مختصر العين أن المحشر بالكسر والفتح الموضع الذي يحشر إليه الناس والمنشر موضع النشور وهو قيام الموتى من قبورهم .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة : حكي عن بعض السلف أن السيئات تضاعف فيه ، روي ذلك عن كعب [ ص: 110 ] الأحبار وأنه لما كان يأتي من حمص للصلاة فيه ، فإذا صار منه قدر ميل اشتغل بالذكر والتلاوة والعبادة حتى يخرج منه بقدر ميل أيضا ويقول : «السيئات تضاعف فيه» ، أي تزداد قبحا وفحشا لأن العاصي في زمان أو مكان شريف أشد جرأة وأقل خوفا من الله تعالى . وذكر أبو بكر الواسطي عن نافع قال : قال لي ابن عمر : «اخرج بنا من هذا المسجد فإن السيئات تضاعف فيه كما تضاعف الحسنات» .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة : أن الدجال لا يدخل بيت المقدس .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة في المصنف عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال فقال : «وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس [وأنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس قال : فيهزمه الله وجنوده حتى إن جذم الحائط وأصل الشجرة ينادي : يا مؤمن : هذا كافر يستتر بي تعالى اقتله إلى آخره] .

                                                                                                                                                                                                                              العاشرة : أن الصخرة في المسجد الأقصى كالحجر الأسود في المسجد الحرام .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو نعيم عن وهب بن منبه قال : «إن الله تعالى قال لصخرة بيت المقدس : لأضعن عليك عرشي ولأحشرن إليك خلقي وليأتينك يومئذ داود راكبا ، وروى أبو بكر الواسطي وابن عساكر عن يزيد بن جابر في قوله تعالى : واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب [ق 41] ، قال :

                                                                                                                                                                                                                              «يقف إسرافيل على صخرة بيت المقدس فينفخ في الصور فيقول : «يا أيتها العظام النخرة والجلود المتمزقة والأشعار المتقطعة إن الله يأمرك أن تجتمعي لفصل الخطاب» . وروى ابن جرير وابن أبي حاتم والواسطي عن قتادة في الآية قال : «كنا نتحدث أنه ينادى من بيت المقدس من الصخرة وهي أوسط الأرض» ، وحدثنا أن كعبا قال : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا .

                                                                                                                                                                                                                              الحادية عشرة : يكره استقبال بيت المقدس واستدباره بالبول والغائط ولا يحرم قاله في الروض .

                                                                                                                                                                                                                              الثانية عشرة : روي أنه من دفن في بيت المقدس وقي فتنة القبر وسؤال الملكين ومن دفن في زيتون الملة [يعني بإيلياء] فكأنما دفن في السماء الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم في تاريخه عن أحمد بن جعفر بن سعيد قال حدثنا يحيى بن مطرف حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا يوسف بن عطية ، عن أبي سفيان ، عن الضحاك بن عبد الرحمن ابن عرزب- بفتح المهملة وسكون الراء وفتح الزاي ثم موحدة ، وقد تبدل ميما- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من مات في بيت المقدس فكأنما مات في السماء» . [ ص: 111 ]

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة عشرة :

                                                                                                                                                                                                                              روى الخطيب في الموضح عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أول من يدخل الجنة الأنبياء ثم مؤذنو البيت ثم مؤذنو بيت المقدس ثم مؤذنو مسجدي ثم سائر المؤذنين» .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة عشرة : ليحذر من اليمين الفاجرة فيه وكذا في المسجد الحرام ومسجد المدينة فإن عقوبتها معجلة . روي أن عمر بن عبد العزيز أمر بحمل عمال سليمان بن عبد الملك إلى الصخرة ليحلفوا عندها فحلفوا إلا واحدا ، فدى يمينه بألف دينار ، فما مر الحول على واحد منهم بل ماتوا كلهم .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة عشرة :

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن جرير عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم» . قيل :

                                                                                                                                                                                                                              فأين هم يا رسول الله؟ قال : « ببيت المقدس أو بأكناف بيت المقدس »
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم خذلان من خذلهم ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة» .

                                                                                                                                                                                                                              السادسة عشرة : روى أبو المعالي المشرف بن المرجى المقدسي قال : «من حج وصلى في مسجد المدينة ، ومسجد الأقصى في عام واحد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .

                                                                                                                                                                                                                              وإذا ثبت ذلك فقول النووي : «إنه لا أصل لذلك» فيه نظر .

                                                                                                                                                                                                                              السابعة عشرة : ذكر الدارمي : «أنه لا يجوز الاجتهاد يمنة ولا يسرة بمحراب بيت المقدس » وألحقه بمسجد المدينة .

                                                                                                                                                                                                                              الثامنة عشرة : نص الصيدلاني والماوردي والروياني والبغوي والبندنيجي- بفتح الموحدة وسكون النون الأولى وكسر الثانية ثم تحتية والجيم- والجويني في مختصره والغزالي في الخلاصة والخراساني في كافيه على استحباب صلاة العيد في مسجد بيت المقدس وأن فعلها فيه أولى من المصلى .

                                                                                                                                                                                                                              التاسعة عشرة : قال ابن سراقة في كتاب الأعداد : «أكبر مساجد الإسلام واحد وهو [ ص: 112 ] بيت المقدس» . وقيل : «ما تم فيه صف واحد قط لا في عيد ولا في جمعة ولا غير ذلك» .

                                                                                                                                                                                                                              العشرون : يستحب لزائره زيارة الأماكن المشهورة بآثار الأنبياء لا سيما مواضع صلاة نبينا صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              الحادية والعشرون : حشر الكعبة إلى بيت المقدس : روى الواسطي في فضائل بيت المقدس عن خالد بن معدان- بفتح الميم- قال : «لا تقوم الساعة حتى تزف الكعبة إلى الصخرة زف العروس ، فيتعلق بها جميع من حج واعتمر ، فإذا رأتها الصخرة قالت : مرحبا بالزائرة والمزور إليها» . وروي أيضا عن كعب قال : «لا تقوم الساعة حتى يزف البيت الحرام إلى بيت المقدس فيتغادان إلى الجنة ، فيها أهلها ، والعرض والحساب ببيت المقدس »

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن مردويه والأصفهاني في ترغيبه والديلمي عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا كان يوم القيامة زفت الكعبة : البيت الحرام إلى قبري فتقول الكعبة :

                                                                                                                                                                                                                              السلام عليك يا محمد ، فأقول : عليك يا بيت الله ، ما صنع بك أمتي بعدي؟ فتقول : يا محمد من أتاني فأنا أكفيه وأكون له شفيعا ، ومن لم يأتني فأنت تكفيه وتكون له شفيعا»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الجندي عن الزهري نحوه .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية