الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              التنبيه الرابع والخمسون :

                                                                                                                                                                                                                              وجه مناسبة المعراج الثامن إلى سدرة المنتهى لما اشتملت عليه السنة الثامنة من الهجرة . إن السنة الثامنة اشتملت على فتح مكة ، ومكة أم القرى وإليها المنتهى ومنها المبتدأ ، على ما ورد أن الأرض كلها دحيت من مكة ، فلذلك سميت أم القرى ، أو هي أم القرى لأن أهل القرى يرجعون إليها في الدين والدنيا حجا واعتمارا وجوارا وكسبا واتجارا قال الله تعالى : جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس [المائدة : 97] أي تقوم بأبدانهم وأديانهم . وقال تعالى ليشهدوا منافع لهم [الحج 28] قيل هي الأجر والتجارات في الموسم . فبين سدرة المنتهى وأم القرى من المناسبة ما لا يخفى ، إذ سدرة المنتهى ينتهي إليها علم الخلائق ، ومكة ينتهي إليها أهل الآفاق شرقا وغربا وفيها يكون الاجتماع . فكان بلوغه إلى سدرة المنتهى تنبيها على بلوغه إلى فتح مكة أم القرى في العام [ ص: 136 ] الثامن ، وقد غشي السدرة الجراد والفراش والغربان الذي هو جند من جند الله كما غشي مكة في الفتح جند الله وحزبه وغشيها أيضا أجناس من الخلق وألوان من الأسود والأحمر . وجاء اللفظان معا في الحديث ، كما غشي سدرة المنتهى ألوان لا يعلمها إلا الله تعالى : فلما غشيت الألوان السدرة حسنت إلى أن لا يحسن أحد أن ينعتها لفرط الحسن . كما أن ألوان الخلق لما غشيت مكة يوم الفتح حسنت حينئذ بالإيمان وبأهل القرآن حتى لا يحسن أحد أن يصف حالها حينئذ من عظم الشأن .

                                                                                                                                                                                                                              ثم كان ظهور الأنهار الأربعة حينئذ دليلا على أن تلك الأمة ستبلغها ويحققه أيضا

                                                                                                                                                                                                                              قوله صلى الله عليه وسلم : «زويت لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية