تنبيهات 
الأول : قال جماعة : لم تنف  عائشة  وقوع الرؤية  بحديث مرفوع ، ولو كان معها لذكرته ، وإنما اعتمدت الاستنباط على ما ذكرت من ظاهر الآية وما قالوه غفلة عن قولها : إنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك 
فقالت : يا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال : إنما رأيت جبريل  منهبطا . 
الثاني : من قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبها على قدر عقلها ، ومن حاول تخطئتها فيما ذهبت إليه فهو مخطئ قليل الأدب . 
الثالث : قول  ابن الجوزي :  «أن  أبا ذر  سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء ، فأجابه بما أجابه ، ولو سأله بعد الإسراء لأجابه بالإثبات ، ضعيف جدا ، فإن  عائشة  رضي الله عنها سألته بعد الإسراء ولم تثبت لها الرؤية» . 
الرابع : احتجاج  عائشة  بالآية خالفها فيه  ابن عباس  ، فروى  الترمذي  وحسنه من طريق الحكم بن أبان  عن عكرمة  عن  ابن عباس  قال : محمد  رأى ربه . قلت : أليس الله تعالى يقول : 
«لا تدركه الأبصار» ؟ قال : «ويحك ، ذلك نوره إذا تجلى بنوره الذي هو نوره ، وقد رأى ربه مرتين»  . والحاصل أن المراد بالآية الإحاطة به عند رؤيته ، لا نفي أصل رؤيته . وقال النووي :  
المراد بالإدراك الإحاطة ، والله تعالى لا يحاط به ، وإذا ورد النص بنفي الإحاطة لا يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة ، وأما احتجاجها بقوله تعالى : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا   [الشورى : 51] فالجواب عنه من أوجه : أحدها : أنه لا يلزم مع الرؤية وجود الكلام حال الرؤية ، فيجوز وجود الرؤية من غير كلام ، الثاني : أنه عام مخصوص بما تقدم من الأدلة ، الثالث : ما قال بعض العلماء إن المراد بالوحي هنا الكلام من غير واسطة ، وأن القول وإن كان محتملا لكن الجمهور على أن المراد بالوحي هنا الإلهام والرؤيا في المنام وكلاهما يسمى وحيا . وأما قوله تعالى أو من وراء حجاب  ، فقال الواحدي  وغيره بمعناه غير مجاهر لهم بالكلام بل يسمعون كلامه تعالى من حيث لا يرونه ، وليس المراد أن يكون هناك حجاب يفصل موضعا عن موضع ، ويدل على تحديد المحجوب ، فهو بمنزلة ما يسمع من وراء حجاب حيث لم ير المتكلم . 
الخامس : قول كعب :  «وكلمه موسى  مرتين» ، فيه نظر . والحق أنه كلمه أكثر منهما ، كما يرشد إلى ذلك قوله تعالى : وما تلك بيمينك يا موسى   [طه 17] وقوله عز وجل .  [ ص: 62 ] 
وما أعجلك عن قومك يا موسى   [طه : 83] . وقوله تبارك وتعالى : فإنا قد فتنا قومك من بعدك   [طه 85] وقوله تقدس اسمه : فخذها بقوة   [الأعراف : 145] ، وقوله تعالى : 
اذهبا إلى فرعون   [طه : 43] ، وقوله عز وجل وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني  إذ تمشي أختك  ، إلى غير ذلك من الآيات . 
				
						
						
