الباب الرابع في أي زمان ومكان وقع الإسراء  
وفيه فصلان : الأول في مكانه . ففي رواية أنه كان عند البيت  كما عند  البخاري  في باب بدء الخلق وفي باب المعراج في الحطيم ، وربما قال في الحجر ،  والشك من  قتادة  كما بينه  الإمام أحمد  في روايته عن عفان  عن همام  ولفظه : «بينا أنا في الحطيم»  ، وربما قال  قتادة  في الحجر .  قال الحافظ :  والمراد بالحطيم  هنا الحجر ،  وأبعد من قال : المراد به ما بين الركن  والمقام ،  أو ما بين زمزم  والحجر .  قال : وهو إن كان مختلفا في الحطيم  بل هو الحجر  أم لا فالمراد به هنا بيان البقعة التي وقع ذلك فيها لأنها لم تتعدد لأن القصة متحدة باتحاد مخرجها . 
وفي رواية  الزهري  عن  أنس :  «فرج سقف بيتي وأنا بمكة  » ، وفي رواية  الواقدي  أنه : 
«أسري به من شعب أبي طالب»  ، وفي حديث  أم هانئ  عند  الطبراني  أنه «بات في بيتها» ، قالت : ففقدته من الليل فقال : إن جبريل  أتاني» . قال الحافظ :  والجمع بين هذه الأقوال أنه بات في بيت  أم هانئ ،  وبيتها عند شعب أبي طالب ،  ففرج عن سقف بيته ، وأضاف البيت إليه لأنه كان يسكنه ، فنزل منه منزلة المالك ، وأخرجه إلى المسجد ، وكان به أثر النعاس ، ثم أخرجه إلى باب المسجد ، فأركبه البراق . قال : وقد وقع في مرسل الحسن  عند  ابن إسحاق  فأتاه فأخرجه إلى المسجد ، وهو يؤيد هذا الجمع» . انتهى . 
وقال بعضهم : ليس بين قوله : «بينا أنا في المسجد الحرام  » وبين قوله : «في بيتي» وبين  أم هانئ ،  تناف لأنه قد يكون المراد بالمسجد الحرام   . 
الفصل الثاني : في زمانه : الصواب الذي اتفق عليه العلماء : إن الإسراء كان بعد البعثة .  أما ما وقع في رواية شريك  من قوله : «جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه» ، وفيه «فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى» ، ولم يعين المدة التي بين المجيئين ، فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحي إليه ، وحينئذ وقع الإسراء والمعراج ، وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق بين أن تكون المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين . 
قال ابن كثير   : «وهذا الحمل هو الأظهر» ، وجزم به ابن القيم  ، وجرى عليه الحافظ ،  قال : «وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك ،  ويحصل به الاتفاق بأن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة وقبل الهجرة ،  ويسقط تشنيع  الخطابي   وابن حزم  بأن شريكا  خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة» . قال الحافظ :  «وأما ما ذكره بعض الشراح أنه كان بين الليلتين اللتين أتاه فيهما الملائكة سبع وقيل تسع وقيل ثلاثة عشر ، فيحمل على إرادة السنين كما فهمه الشارح المذكور ، وأجاب بعضهم بأن القبلية هنا هي في أمر مخصوص وليست  [ ص: 65 ] 
مطلقة ، واحتمل أن يكون المعنى قبل أن يوحى إليه في شأن الإسراء والمعراج مثلا ، أي أن ذلك وقع بغتة قبل أن ينذر به . ويؤيده قوله في حديث  الزهري :  فرج سقف بيتي . انتهى . 
				
						
						
