التنبيه الحادي والتسعون :
في قول موسى : «قد عالجت الناس قبلك» إلى آخره دليل على أن علم التجربة زائدة على العلوم ، ولا يقدر على تحصيله بكثرة العلوم ولا يكتسب إلا بها ، أعني التجربة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأفضلهم سيما وهو حديث عهد بالكلام مع ربه تبارك وتعالى وورد إلى موضع لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ثم مع هذا الفضل العظيم قال له موسى عليه السلام : «أنا أعلم بالناس منك» ، وذكر له العلة التي لأجلها كان أعلم منه بقوله : «عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة» . فأخبره أنه أعلم منه في هذا العلم الخاص الذي لا يوجد ولا يدرك إلا بالمباشرة وهي التجربة .


