تنبيهات 
الأول : اختلف في اسم أبي اليتيمين اللذين كان المسجد لهما ، فقال   [موسى بن عقبة :  
هما ابنا رافع بن عمرو بن أبي عمرو]  ، وقال  الزهري   وابن إسحاق :  هما ابنا عمرو .  قال في "العيون" : إنه الأشهر . وحاول السهيلي  التوفيق بين القولين فقال : "هما ابنا رافع بن عمرو"  ، فعلى هذا نسبا إلى جدهما . قال الحافظ : "والأرجح هو قول  الزهري   وابن إسحاق"   . 
الثاني : ذكر  ابن إسحاق  أنهما كانا في حجر معاذ بن عفراء ،  وقال  أبو ذر الهروي  أحد رواة الصحيح :  أسعد بن زرارة  بإثبات الألف في أسعد .  قال الحافظ والسيد : "وهو الوجه" . 
وقال ابن زبالة  ويحيى  أنهما كانا في حجر  أبي أيوب ،  وقد يجمع باشتراك من ذكر في كونهما في حجورهم ، وبانتقال ذلك بعد  أسعد بن زرارة  إلى من ذكر واحدا بعد واحد ، سيما وقد روى محمد بن الحسن المخزومي  عن  ابن أبي فديك  قال : "سمعت بعض أهل العلم يقولون إن أسعد  توفي قبل أن يبني رسول الله المسجد ، فباعه رسول الله من سهل  وسهيل"   . 
الثالث : 
في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى ملأ بني النجار بسبب موضع المسجد ، فقال :  "يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا" ، فقالوا : "والله لا نطلب ثمنه إلا من الله"   . 
وفي رواية :  "فدعا بالغلامين فساومهما بالمربد يتخذه مسجدا"  . ووقع في رواية ابن  [ ص: 344 ] 
عيينة :   "فكلم عمهما ، أي الذي كانا في حجره ، أن يبتاعه منهما" ، فقال : "ما تصنع به" ؟ فلم يجد بدا من أن يصدقهما ، فأخبرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراده ، فقالا : "نحن نعطيه" ، فأعطياه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبناه . أخرجه الجندي .  
وذكر ابن زبالة ،  ويحيى ،  أن  أبا أيوب  قال : يا رسول الله أنا أرضيهما . وذكر ابن عقبة  أن أسعد  عوضهما عنه نخلا ، قال : وقيل : ابتاعه منهما رسول الله صلى الله عليه وسلم . وطريق الجمع بين ذلك كما أشار إليه الحافظ أنهم لما قالوا :  "لا نطلب ثمنه إلا من الله" سأل عمن يختص بملكه منهم ، فعينوا الغلامين ، فابتاعه منهما أو من وليهما إن كانا غير بالغين ، وحينئذ فيحتمل أن الذين قالوا :  "لا نطلب ثمنه إلا من الله تحملوا عنه للغلامين بالثمن . فقد نقل ابن عقبة  أن  أسعد بن زرارة  عوض الغلامين عنه نخلا له في بياضة . وتقدم أن  أبا أيوب  قال : أنا أرضيهما ، فأرضاهما ، وكذلك معاذ بن عفراء ،  فيكون بعد الشراء . ويحتمل أن كلا من أسعد ،  وأبي أيوب  وابن عفراء  أرضى اليتيمين بشيء ، فنسب ذلك لكل منهم . 
وقد روي أن اليتيمين امتنعا من قبول عوض ، فيحتمل ذلك على بدء الأمر ، ولكن قال  الواقدي :  أنه صلى الله عليه وسلم اشتراه من بني عفراء بعشرة دنانير ذهبا دفعها  أبو بكر الصديق  رضي الله عنه ، فلعله رغب في الخير ، فدفع العشرة مع أولئك ، أو أنه صلى الله عليه وسلم أخذ أولا بعض المربد في بنائه الأول سنة قدومه ، ثم أخذ بعضا آخر لما سبق أنه بناه مرتين وزاد فيه ، فكان الثمن من مال  أبي بكر  في إحداهما ، ومن الآخرين في الأخرى . 
الرابع : ذكر السيد أن قول النبي صلى الله عليه وسلم  لعمار :   "تقتلك الفئة الباغية"  . كان في البناء الثاني ، لأن  البيهقي  روى في "الدلائل" عن أبي عبد الرحمن السلمي  أنه سمع  عبد الله بن عمرو بن العاص  يقول لأبيه عمرو :   "قد قتلنا هذا الرجل ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما قال" . 
قال : "أي رجل" ؟ قال :   "عمار بن ياسر ،  أما تذكر يوم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ، وكنا نحمل لبنة لبنة ،  وعمار  يحمل لبنتين لبنتين ، ؟ فمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال "تحمل لبنتين لبنتين وأنت ترحض؟ أما إنك ستقتلك الفئة الباغية ، وأنت من أهل الجنة"  . فدخل  عمرو بن العاص  على  معاوية :  فقال : "قتلنا هذا الرجل ، وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال" فقال  معاوية :  
"اسكت ، فوالله ما تزال تدحض في بولك ، أنحن قتلناه؟ إنما قتله  علي  وأصحابه ، جاءوا به حتى ألقوه بيننا . قال السمهودي]   : "وهو يقتضي أن هذا القول  لعمار  كان في البناء الثاني للمسجد ، لأن إسلام  عمرو بن العاص  كان في السنة الخامسة للهجرة"   .  [ ص: 345 ] 
الخامس : في بيان غريب ما سبق : 
"المربد" - بكسر الميم- الموضع الذي يجعل فيه التمر . 
"الملأ" - بفتح الميم واللام- : أشراف الناس ورؤساؤهم ومقدموهم الذين يرجع إلى قولهم . 
"النجار" : بالنون والجيم . 
"ثامنوني" : أي بايعوني وقاولوني . 
"الحائط" هنا : البستان ، وتقدم أنه كان مربدا ، فلعله كان أولا حائطا ثم خرب فصار مربدا ، ويؤيده قوله : ليتخذ مسجدا . 
"النوار" : بفتح النون وتشديد الواو ، بعد الألف راء . 
"عايذ" : بالمثناة التحتية والذال المعجمة . 
"الجدار" ككتاب : الحائط . 
"الغرقد" بالغين المعجمة والراء والقاف والدال المهملة : ضرب من شجر العضاه ، واحده غرقدة . 
"خرب" بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وبالموحدة : [جمع خربة وهي الموضع الخراب] ، وفي لفظ بالحاء المهملة وسكون الراء والمثلثة : [حرث] . 
"العريش" : السقف وما يستظل به ، وهو المراد هنا . 
"ثمامات" : جمع ثمام بضم المثلثة : نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص ، وربما حشي به أو سد به خصاص البيوت ، الواحدة ثمامة . 
"العضادتان" : تثنية عضادة- بكسر العين المهملة والضاد المعجمة وبعد الألف دال مهملة- : جانب الباب . 
"طفق" : جعل . 
"الحمال" : بكسر الحاء المهملة : من الحمل ، والذي يحمل من خيبر : التمر . أي أن هذا  [ ص: 346 ] في الآخرة أفضل من ذاك وأحمد عاقبة ، كأنه جمع حمل أو حمل ، ويجوز أن يكون مصدر حمل أو حامل . 
"خيبر" : يأتي الكلام عليها في غزوتها . 
"أرديتهم" : جمع رداء . 
"متنطعا" - بميم مضمومة فمثناة فوقية فنون مفتوحتين فطاء مهملة مكسورة فعين مهملة : من تنطع إذا تعمق وتغالى وتأنق . 
"الوفرة" : بواو مفتوحة ففاء فراء : الشعر المجتمع على الرأس ، أو ما مال على الأذنين منه ، أو ما جاوز شحمة الأذنين ، ثم الجمة ، ثم اللمة . 
"ويح" : كلمة ترحم وتوجع ، يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها ، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب ، وهي منصوبة على المصدر . 
"الحبحبة" : بحاءين مهملتين بعد كل موحدة ، وهي في الأصل جري الماء قليلا قليلا كالحبحب ، والحبحبة : الضعف ، وسوق الإبل ، ومن النار اتقادها ، والبطيخ الشامي الذي يسميه أهل العراق  الرقي ، والفرس تسميه الهندي . 
"بالسميط" : أي على لبنة واحدة ، والسميط من النعل : الطاق الواحد لا رقعة فيها . 
"السواري" : جمع سارية ، وهي الأسطوانة . 
"السعد" : ثلث اللبنة ، والسعيد كزبير : ربعها . 
"وكف" : سال ماؤه . 
"الخصف" بخاء معجمة فصاد مهملة مفتوحتين : المنسوج من الخوص . 
"الشموس" - بفتح الشين المعجمة وضم الميم وبالواو والسين : [بنت النعمان بن عامر بن مجمع] من الأنصار . 
"الرحبة" - بالراء والحاء المهملة والموحدة المفتوحات ، قال في "الصحاح" : رحبة المسجد بالتحريك : ساحته ، والجمع : رحب ورحبات ورحاب . 
"الزوايا" جمع زاوية : الناحية .  [ ص: 347 ] 
"انماط" : بالنون والميم والطاء المهملة بعد الألف : أي تنحى . 
"نخرت" - بالنون المفتوحة والخاء المعجمة المكسورة والراء : يبست وتفتتت . 
"المنقوشة" - بميم مفتوحة فنون فقاف فواو فشين معجمة : الملونة بلونين أو ألوان . 
"الساج" - بسين مهملة وجيم مخففة : نوع من الشجر . 
"القصة" - بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة المفتوحة فتاء تأنيث : [الحجارة من الجص] . 
"الفسيفساء" قال في "النور" : بضم الفاء الأولى وفتح السين المهملة فتحتية ساكنة ففاء مكسورة ثم سين مهملة أخرى ممدودة ، هكذا سمع الناس ينطقون به ، وكذا رأيته محررا بخط كمال الدين بن العديم في تاريخه في غير موضع ، وكذا رأيته مضبوطا بالقلم في "مطالع" ابن فرفود ، وهو فصوص صغار من ألوان الزجاج تلصق بالحائط وتطلى بماء الذهب ، وهي كثيرة بجامع دمشق  وبيت المقدس [وهي غاية] في الحسن والبهجة .  [ ص: 348 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					