ثم دخلت سنة تسع وخمسين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
أن
nindex.php?page=treesubj&link=33814السيدة أرسلان خاتون زوجة الخليفة دخلت إلى بغداد في جمادى الأولى ، وخرج الناس لتلقيها ، واستقبلها الوزير
فخر الدولة على نحو فرسخ ، وخدمها بالدعاء على ظهر فرسه ، وحضر العميد
أبو سعد المستوفي في
بيت النوبة حتى قرئت الكتب الواردة في هذه الصحبة ، وهي مشتملة على التمسك بالطاعة ، والتصرف على قوانين الخدمة ، والإجابة إلى المرسوم ، وخوطب فيها الوزير بالوزير الأجل بعد أن كان يكتب إليه: الرئيس الأجل .
nindex.php?page=treesubj&link=33814 [بناء مشهد الإمام nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة]
وفي هذه الأيام بنى
أبو سعد المستوفي الملقب شرف الملك مشهد الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه ، وعمل لقبره ملبنا ، وعقد القبة ، وعمل المدرسة بإزائه ، وأنزلها الفقهاء ، ورتب لهم مدرسا ، فدخل
أبو جعفر بن البياضي إلى الزيارة فقال ارتجالا:
ألم تر أن العلم كان مضيعا فجمعه هذا المغيب في اللحد كذلك كانت هذه الأرض ميتة
فأنشرها جود العميد أبي سعد
قال المصنف رحمه الله: قرأت بخط
أبي الوفاء بن أبي عقيل قال: وضع أساس مسجد بين يدي ضريح
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة بالكلس والنورة وغيره ، فجمع سنة ست وثلاثين
[ ص: 101 ] وأربعمائة وأنا ابن خمس سنين أو دونها بأشهر ، وكان المنفق عليه تركيا قدم حاجا ، ثم قدم
أبو سعد المستوفي ، وكان حنفيا متعصبا ، وكان قبر
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة تحت سقف عمله بعض الأمراء
التركمان ، وكان قبل ذلك وأنا صبي عليه خربشت خاصا له ، وذلك في سنتي سبع أو ثمان وثلاثين قبل دخول الغز
بغداد سنة سبع وأربعين ، فلما جاء شرف الملك سنة ثلاث وخمسين عزم على إحداث القبة وهي هذه ، فهدم جميع أبنية المسجد وما يحيط بالقبر ، وبنى هذا المشهد ، فجاء بالقطاعين والمهندسين ، وقدر لها ما بين ألوف آجر ، وابتاع دورا من جوار المشهد ، وحفر أساس القبة ، وكانوا يطلبون الأرض الصلبة فلم يبلغوا إليها إلا بعد حفر سبعة عشر ذراعا في ستة عشر يوما ، فخرج من هذا الحفر عظام الأموات الذين كانوا يطلبون جوار
النعمان أربعمائة صن ، ونقلت جميعها إلى بقعة كانت ملكا لقوم ، فحفر لها ودفنت ، وخرج في ذلك الأساس شخص منتظم العظام له ريح كريح الكافور .
قال
ابن عقيل: فقلت: وما يدريكم لعل
النعمان قد خرجت عظامه في هذه العظام وبقيت هذه القبة فارغة من مقصود .
قال: فبعث شرف الملك إلى
أبي منصور بن يوسف شاكيا مني وطالبا منه مقابلتي على ذلك ، فكان غاية ما قال لي بعد أن أحضرني في خلوة: يا سيدي ، ما نعلم كيف حالنا مع هؤلاء الأعاجم والدولة لهم؟ فقلت: يا سيدي ، رأيت منكرا فاشيا فما ملت نفرتي الدينية .
قال
ابن عقيل: وكانت العمارة في سنة تسع وخمسين ، وساجه وأبوابه غصب من بعض بيع سامرا ، فما عند هؤلاء من الدين خبر .
أخبرنا
محمد بن ناصر الحافظ ، أنبأنا
أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12922أبا الحسين بن المهتدي يقول: لا يصح أن قبر
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا عليه القبة ، وكان الحجيج قبل ذلك يردون ويطوفون حول المقبرة فيزورون
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة لا يعينون موضعا .
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ
فَمِنَ الْحَوَادِثِ فِيهَا:
أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33814السَّيِّدَةَ أَرْسَلَانَ خَاتُونَ زَوْجَةَ الْخَلِيفَةِ دَخَلَتْ إِلَى بَغْدَادَ فِي جُمَادَى الْأُولَى ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِتَلَقِّيهَا ، وَاسْتَقْبَلَهَا الْوَزِيرُ
فَخْرُ الدَّوْلَةِ عَلَى نَحْوِ فَرْسَخٍ ، وَخَدَمَهَا بِالدُّعَاءِ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ ، وَحَضَرَ الْعَمِيدُ
أَبُو سَعْدٍ الْمُسْتَوْفِي فِي
بَيْتِ النُّوبَةِ حَتَّى قُرِئَتِ الْكُتُبُ الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الصُّحْبَةِ ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالطَّاعَةِ ، وَالتَّصَرُّفِ عَلَى قَوَانِينِ الْخِدْمَةِ ، وَالْإِجَابَةِ إِلَى الْمَرْسُومِ ، وَخُوطِبَ فِيهَا الْوَزِيرُ بِالْوَزِيرِ الْأَجَلِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُكْتَبُ إِلَيْهِ: الرَّئِيسُ الْأَجَلُّ .
nindex.php?page=treesubj&link=33814 [بِنَاءُ مَشْهَدِ الْإِمَامِ nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ]
وَفِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بَنَى
أَبُو سَعْدٍ الْمُسْتَوْفِي الْمُلَقَّبُ شَرَفَ الْمُلْكِ مَشْهَدَ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَعَمِلَ لِقَبْرِهِ مَلْبَنًا ، وَعَقَدَ الْقُبَّةَ ، وَعَمِلَ الْمَدْرَسَةَ بِإِزَائِهِ ، وَأَنْزَلَهَا الْفُقَهَاءَ ، وَرَتَّبَ لَهُمْ مُدَرِّسًا ، فَدَخَلَ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَيَاضِيِّ إِلَى الزِّيَارَةِ فَقَالَ ارْتِجَالًا:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعِلْمَ كَانَ مُضَيَّعًا فَجَمَعَهُ هَذَا الْمُغَيَّبُ فِي اللَّحْدِ كَذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ مَيِّتَةً
فَأَنْشَرَهَا جُودُ الْعَمِيدِ أَبِي سَعْدِ
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ
أَبِي الْوَفَاءِ بْنِ أَبِيِ عَقِيلٍ قَالَ: وُضِعَ أَسَاسُ مَسْجِدٍ بَيْنَ يَدَيْ ضَرِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ بِالْكِلْسِ وَالنُّورَةِ وَغَيْرِهِ ، فَجَمَّعَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ
[ ص: 101 ] وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ دُونَهَا بِأَشْهُرٍ ، وَكَانَ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ تُرْكِيًّا قَدِمَ حَاجًّا ، ثُمَّ قَدِمَ
أَبُو سَعْدٍ الْمُسْتَوْفِي ، وَكَانَ حَنَفِيًّا مُتَعَصِّبًا ، وَكَانَ قَبْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ تَحْتَ سَقْفٍ عَمِلَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ
التُّرْكُمَانِ ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَا صَبِيٌّ عَلَيْهِ خَرْبَشْتُ خَاصًّا لَهُ ، وَذَلِكَ فِي سَنَتَيْ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ قَبْلَ دُخُولٍ الْغُزِّ
بَغْدَادَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ ، فَلَمَّا جَاءَ شَرَفُ الْمُلْكِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ عَزَمَ عَلَى إِحْدَاثِ الْقُبَّةِ وَهِيَ هَذِهِ ، فَهَدَمَ جَمِيعَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ وَمَا يُحِيطُ بِالْقَبْرِ ، وَبَنَى هَذَا الْمَشْهَدَ ، فَجَاءَ بِالْقَطَّاعِينَ وَالْمُهَنْدِسِينَ ، وَقَدَّرَ لَهَا مَا بَيْنَ أَلُوفٍ آجُرٍّ ، وَابْتَاعَ دُورًا مِنْ جِوَارِ الْمَشْهَدِ ، وَحَفَرَ أَسَاسَ الْقُبَّةِ ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَ الْأَرْضَ الصُّلْبَةَ فَلَمْ يَبْلُغُوا إِلَيْهَا إِلَّا بَعْدَ حَفْرِ سَبْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فِي سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَخَرَجَ مِنْ هَذَا الْحَفْرِ عِظَامُ الْأَمْوَاتِ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ جِوَارَ
النُّعْمَانِ أَرْبَعَمِائَةِ صُنَّ ، وَنُقِلَتْ جَمِيعُهَا إِلَى بُقْعَةٍ كَانَتْ مِلْكًا لِقَوْمٍ ، فَحُفِرَ لَهَا وَدُفِنَتْ ، وَخَرَجَ فِي ذَلِكَ الْأَسَاسِ شَخْصٌ مُنْتَظِمُ الْعِظَامِ لَهُ رِيحٌ كَرِيحِ الْكَافُورِ .
قَالَ
ابْنُ عَقِيلٍ: فَقُلْتُ: وَمَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّ
النُّعْمَانَ قَدْ خَرَجَتْ عِظَامُهُ فِي هَذِهِ الْعِظَامِ وَبَقِيَتْ هَذِهِ الْقُبَّةُ فَارِغَةً مِنْ مَقْصُودٍ .
قَالَ: فَبَعَثَ شَرَفُ الْمُلْكِ إِلَى
أَبِي مَنْصُورِ بْنِ يُوسُفَ شَاكِيًا مِنِّي وَطَالِبًا مِنْهُ مُقَابَلَتِي عَلَى ذَلِكَ ، فَكَانَ غَايَةُ مَا قَالَ لِي بَعْدَ أَنْ أَحْضَرَنِي فِي خَلْوَةٍ: يَا سَيِّدِي ، مَا نَعْلَمُ كَيْفَ حَالُنَا مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَعَاجِمِ وَالدَّوْلَةُ لَهُمْ؟ فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي ، رَأَيْتُ مُنْكَرًا فَاشِيًا فَمَا مَلَّتْ نَفْرَتِي الدِّينِيَّةُ .
قَالَ
ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَانَتِ الْعِمَارَةُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ ، وَسَاجُهُ وَأَبْوَابُهُ غَصْبٌ مِنْ بَعْضِ بِيَعِ سَامُرَّا ، فَمَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ مِنَ الدِّينِ خَبَرٌ .
أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ الْحَافِظُ ، أَنْبَأَنَا
أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12922أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ الْمُهْتَدِي يَقُولُ: لَا يَصِحَّ أَنَّ قَبْرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ الْقُبَّةَ ، وَكَانَ الْحَجِيجُ قَبْلَ ذَلِكَ يَرِدُونَ وَيَطُوفُونَ حَوْلَ الْمَقْبَرَةِ فَيَزُورُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُعَيِّنُونَ مَوْضِعًا .