الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3458 - محمود بن نصر بن صالح أمير حلب .

كان من أحسن الناس ، نزل بها في سنة سبع وخمسين ، وقوي على عمه ، وكان عطية قد ملكها بعد أخيه نصر فحاصره فخرج منها ، فقال ابن حيوس:


أبى الله إلا أن يكون لك السعد فليس لما تبغيه منع ولا رد     قضت حلب ميعادها بعد مطله
وأطيب وصل ما مضى قبله صد     تهز لواء النصر حولك عصبة
إذا طلبوا نالوا وإن عقدوا شدوا     وخطية سمر وبيض قواضب
وصافية رعف وصافنة جرد

3459 - مسعود بن المحسن بن الحسن بن عبد الرزاق ، أبو جعفر بن البياض الشاعر

له شعر مطبوع .

أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أنشدني أبو جعفر بن البياض لنفسه:


ليس لي صاحب معين سوى الليل     إذا طال بالصدود عليا
أنا أشكو بعد الحبيب إليه     وهو يشكو بعد الصباح إليا

قال: وأنشدني لنفسه:


يا من لبست لهجره ثوب الضنا     حتى خفيت به عن العواد

[ ص: 176 ]

وأنست بالسهر الطويل فأنسيت     أجفان عيني كيف كان رقادي
إن كان يوسف بالجمال مقطع     الأيدي فأنت مقطع الأكباد

قال: وأنشدني لنفسه:


لأية علة ولأي حال     صرمت حبال وصلك من حبالي
وبدلت البعاد من التداني     ومر الهجر من حلو الوصال
فإن تكن الوشاة سعوا بشيء     علي فرب ساع بالمحال
فعاقبني عليه بكل شيء     أردت سوى الصدود فما أبالي
وإن تك مثل ما زعموا ملولا     لما تهوى سريع الانتقال
صبرت على ملالك لي برغمي     وقلت عسى تمل من الملال
ولم أنشدك حين صرمت حبلي     بدا لي من محبتكم بدا لي

توفي ابن البياضي في ذي القعدة من هذه السنة ودفن بباب أبرز .



3460 - ناصر بن محمد بن علي التركي المضافري ، أبو منصور ، والد شيخنا أبي الفضل بن ناصر .

ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة ، وقرأ القرآن بالقراءات ، وسمع الحديث من أبي الحسين بن المهتدي ، وأبي جعفر ابن المسلمة ، والصريفيني ، وغيرهم ، وكتب الكثير من اللغة ، وقال الشعر ، فكان أبو بكر الخطيب يرى له ويقدمه على الأشياخ ، وتولى قراءة التاريخ عليه بحضرة الشيوخ ، وكان ظريفا صبيحا ، وتوفي في حداثته ليلة الأحد الثالث عشر من ذي القعدة من هذه السنة ، فرثاه شيخنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس ، ويعرف بالبارع .

[ ص: 177 ]

أنبأنا أبو عبد الله البارع أنه قال:


سلام وأنى يرد السلاما     معاشر في الترب أمسوا رماما
لدى البيد صرعى كأن الحمام     سقاهم بكأس المنايا مداما
أحباءنا في بطون الثرى     فأبلين تلك الوجوه الوساما
فلو تبصر العين ما في الصفيح     نهاها تخوفها أن تناما
ألا هل أرى لكم أوبة     وللشمل بعد الفراق التئاما
ألا كل يوم مطايا المنون     تحف بكم موحدا أو تؤاما
نحيي ضرائحكم إنها     تضمن قوما علينا كراما
سلام على جدث بالعراق     أغمدت بالأمس فيه حساما
أناصر يفديك من لو أطاق     دافع عنك المنايا وحامى
دفنت العلا والتقى والعفاف     والحلم والعلم فيه حماما
أناصر لو أن لي ناصرا     صببت على الموت موتا زؤاما
هو الدهر لا يتقى ضيمه     لشيء فأجدر أن لا يضاما
أناديك إذ لات حين الدعاء     بمسمعه لو أطقت الكلاما
لقد خصني يا قرين الشباب     فيك المصاب وعم الأناما
وأوجدني منك ريب المنو     ـن ظمآن لم أشف منك الأواما
وكيف يطير مهيض الجناح     خانته عند النهوض القدامى
وأطفئ بالدمع نار الحشا     ويأبى لها الوجد إلا ضراما
وكنت ألام على أدمعي     فأيقنت بعدك أن لا ألاما
فلا استشعر القلب عنك السلو     ولا ازداد بعدك إلا هياما
إذا رام صبرا تمثلت فيه     فأقصى خيالك ذاك المراما
وما أنا من بعد علم اليقين     أحسب يومك إلا مناما
لقد كنت غرة وجه الزمان     فقد عاد من عاد بشر جهاما

[ ص: 178 ]

وكنت على تاجه درة      [تضيء الدجى] وتزين النظاما
فأضحى بك الله مستأثرا     وجللنا بعد نور ظلاما
وضن بك الدهر عن أهله     فنلت حميدا ولم تلق ذاما
وأيقنت أن الدنا للفناء     فاعتضت في الخلد عيشا دواما
فغص ببرد الزلال امرؤ     يرى أن ورد المنايا أماما
لتبك عليك فنون العلوم     فقد كنت في كل فن إماما
وما كنت إلا قريع الزمان     وما الناس بعدك إلا سواما
ألا لا أرى مشكلات العلوم     يزددن بعدك إلا انفحاما
فمن ذا يفرج عنا الهموم     إذ ازدحمت في الصدور ازدحاما
ومن للمجالس صدر سواك     إذا اضطرمت أبحر العلم عاما
ومن للمحاريب أهل سواك     وقدما تقدمت فيها غلاما
تجاوزت في العلم حد الشيوخ     وكل سنيك ثلاثون عاما
ولم أر كاليوم بدرا سواك     عاجل فيه السرار التماما
كفى حزنا أنني لا أرى     ضريحك يزداد إلا لماما
وأن لو يفي بالإخاء الوفاء     إذا لسقى ثراه استلاما
وإني لأنظر دون الصفيح     بحار العلوم لديه نظاما
أرى زفراتي تحدو إلى     ضريحك من عبراتي غماما
فيا ساكن القبر حيا ثراه     مريض النسيم بريح الخزامى
ولا برحت بالغدو الشمال     ولا بالأصائل فيه النعامى
وجاد أصيل الغيث فكاكه     تبل الثرى وتروي العظاما
ولا كحل الترب تلك الجفون     ولا اضمحل اللحد ذاك القواما
وحاشا لسانا تلا ما تلوت     يصبح للدود يوما طعاما
وحاشا لكف يخط العلوم     تعرى أشاجعها والسلامى

[ ص: 179 ]

فلست أرى جثث الأولياء     على الدود في الأرض إلا حراما
يهون وجدي أني غدا     كما قد لقيت ملاق حماما
وأن سوف يجمعنا موقف     ترى الخلق في حافتيه قياما
عليك السلام فإني امرؤ     على القرب والبعد أهدي السلاما



3461 - يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد ، أبو القاسم النهرواني .

ولد سنة ثمانين وثلاثمائة ، وكان يسكن رباط الزوزني ، وحدث عن أبي أحمد الفرضي وغيره ، وخرج له أبو بكر الخطيب مشيخة ، وحدثنا عنه أبو الفضل الأرموي ، وكان ثقة ، وتوفي يوم الأربعاء رابع عشر ذي الحجة ، ودفن على باب الرباط .

3462 - يوسف بن محمد بن يوسف بن الحسن ، أبو القاسم الخطيب الهمذاني .

ولد سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، وسمع الكثير ، ورحل بنفسه وجمع وصنف ، وانتشرت عنه الرواية ، وكان خيرا صالحا صادقا دينا ، توفي في ذي القعدة من هذه السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية