الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 164 ] باب ذكر خلافة المقتدي بأمر الله

واسمه: عبد الله بن ذخيرة الدين أبي العباس محمد بن القائم بأمر الله ، ويكنى: أبا القاسم . ومولده في سحرة يوم الأربعاء ثامن جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وأمه أم ولد أرمنية ، تسمى: أرجوان ، وتدعى قرة العين ، أدركت خلافته وخلافة ابنه وابن ابنه ، وكان الذخيرة قد بقي من أولاد القائم ولم يبق له ذكر سواه ، فاستشعر الناس انتقاض الدولة وانقضام الأمر لعدم ولد للبيت القادري ، وأن من [سواهم من] الأسرة مخالط للعوام في البلد ، وجارى مجاري السوقة ، وذلك ينفر قلوب العوام عن المتولي ، فحفظ الله هذا البيت بأن كان الذخيرة قد ألم بجاريته أرجوان فتشوقت النفوس إلى ما يكون من ذلك ، فجاءت بالمقتدي بعد موت الذخيرة بخمسة أشهر وكسر ، فوقعت البشائر ولم يزل جده ضنينا به ، حذرا عليه ، فلما كانت نوبة البساسيري كان للمقتدي دون الأربع سنين ، فستره أهله وحملوه إلى أبي الغنائم محمد بن علي بن المحلبان ، فسار به إلى حران على ما قد سبق ذكره ، فلما عاد القائم إلى منزله أعيد المقتدي ، فبلغ والقائم حي ، فأشهد القائم على نفسه بولاية العهد ، فظهرت ألطاف الله سبحانه في أمر المقتدي من حيث ولادته ، وأنها كانت سببا لحفظ هذا البيت من جهة حراسته في الفتنة ، ومن جهة بلوغه مرتبة الخلافة في حياة جده ، ومن جهة سلب ملك شاه حين تغيرت نيته عليه ، وأراد منه أن يخرج من بغداد ، فقال: أمهلني عشرة أيام ، فهلك السلطان في اليوم العاشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية