الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي يوم الجمعة لخمس بقين من شوال: عبر قاص من الأشعرية يقال له: البكري إلى جامع المنصور ومعه الفضولي الشحنة والأتراك والعجم بالسلاح فوعظ ، وكان هذا البكري فيه حدة وطيش ، وكان النظام قد أنفذ ابن القشيري فتلقاه الحنابلة بالسب ، وكان له عرض فائق من هذا فأخذه النظام إليه ، وبعث إليهم هذا الرجل ، وكان ممن لا خلاق له ، فأخذ يسب الحنابلة ويستخف بهم ، وكان معه كتاب من النظام يتضمن الإذن له في الجلوس في المدرسة ، والتكلم بمذهب الأشعرية ، فجلس في الأماكن كلها ، وقال: لا بد من جامع المنصور . فقيل لنقيب النقباء ، فقال: لا طاقة لي بأهل باب البصرة فقيل: لا بد من مداراة هذا الأمر . فقال: ابعثوا إلى أصحاب الشحنة ، فأقام على كل باب من أبواب الجامع تركيا ، ونادى من باب البصرة وتلك الأصقاع دعوا لنا اليوم الجامع ، فمنعهم من الحضور ، وحضر الفضولي الشحنة والأتراك والعجم بالسلاح ، وصعد المنبر وقال: وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ما كفر أحمد بن حنبل ، وإنما أصحابه ، فجاء الآجر فأخذ النقيب قوام الجامع ، وقال: هذا من أين؟ فقالوا: إن قوما من الهاشميين تبطنوا السقف وفعلوا هذا .

وكان الحنابلة يكتبون إليه العجائب فيستخف بهم في جوابها ، واتفق أنه عبر إلى قاضي القضاة أبي عبد الله في يوم الأحد ثالث عشر شوال فاجتاز في نهر القلائين ، فجرى بين أصحابه وأصحاب أبي الحسين بن الفراء سباب وخصام ، فعاد إلى العميد وأعلمه [ ص: 225 ] بذلك ، فبعث من وكل بدار ابن الفراء ونهبت الدار ، وأخذ منها كتاب "الصفات" وجعله العميد بين يديه يقرئه لكل من يدخل إليه ويقول: أيجوز لمن يكتب هذا أن يحمى أو يؤوى في بلد؟

قال المصنف: قرأت بخط ابن عقيل: أنه لما أنفذ نظام الملك بأبي نصر ابن القشيري تكلم بمذهب أبي الحسن ، فقابلوه بأسخف كلام على ألسن العوام ، فصبر لهم هنيئة ، ثم أنفذ البكري سفيها طرقيا شاهد أحواله الإلحاد ، فحكى عن الحنابلة ما لا يليق بالله سبحانه ، فأغرى بشتمهم وقال: هؤلاء يقولون لله ذكر فرماه الله في ذلك العضو بالخبيث فمات .

وفيها: حارب ملك شاه أخاه تكش ، فأسره ثم من عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية