الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن المسلم لا يقتل بالكافر فحالهما تنقسم أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما لا يقتل به ، وتجب عليه دية كافر ، وهو أن يبتدئ المسلم بقتل الكافر ، توجيها فلا يجب القود لإسلام القاتل ، وتجب به دية كافر لكفر المقتول .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ما لا يجب فيه القود ، وتجب فيه دية مسلم ، وهو أن يجرح المسلم كافرا ، ثم يسلم المجروح ، ويموت مسلما ، فلا قود على المسلم : لأن المقتول وقت الجرح كان كافرا ، وفيه دية مسلم : لأنه مات من الجرح مسلما : لأن الاعتبار في القود بحال الابتداء ، وفي الدية بحال الانتهاء .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ما يقتل به المسلم ولا يجب فيه إلا دية كافر ، وذلك في حالتين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقتل كافر كافرا ثم يسلم ؛ فيقتل القاتل به ، وإن كان مسلما ، اعتبارا بحال القتل ، ولا تجب عليه إلا دية كافر : لأن المقتول مات كافرا .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يطلب المسلم نفس الكافر فيجوز للكافر أن يقتل طالب نفسه وإن كان مسلما ، فلو قتله المسلم الطالب لم يجب عليه إلا دية كافر ، ولو قتل المسلم لم يجب له دية لأن نفس المطلوب مضمونة ، ونفس الطالب هدر .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : ما اختلف القول فيه ، وهو أن يقتل مسلم كافرا في الحرابة ففي قتله به قولان للشافعي :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو المشهور عنه أنه لا يقتل به لعموم النهي .

                                                                                                                                            والقول الثاني : ذكره الشافعي في موضع وقال : هذا مما أستخير الله فيه أن يقتل به : لأن في قتل الحرابة حقا لله تعالى يجب أن يستوفى ولا يجوز العفو عنه فاستوى فيه قتل المسلم والكافر ، وهو في غير الحرابة حق لآدمي يجوز العفو عنه فسقط في حق الكافر ، ولو قتل مرتد كافرا لم يجب عليه القود ، وإن اتفقا على الكفر لما ثبت له من حرمة الإسلام ، وما أجري عليه من أحكامه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية