فصل :  وإذا تنازع رجلان في أبوة ولد ثم قتلاه أو أحدهما   فلا يخلو من أحد أمرين :  
إما أن يكون لقيطا قد ادعاه كل واحد منهما ولدا أو إما أن يكون لاشتراكهما في      [ ص: 24 ] افتراش أمة بشبهة فإن كان لقيطا وادعاه كل واحد منهما ولدا فعند  أبي حنيفة      : أنه يلحق بهما .  
وعلى مذهب  الشافعي      : أنه يعرض على القافة ، ويلحق بمن ألحقوه به منهما ، فإن عدمت القافة ، وأشكل عليهم وقف إلى زمان الانتساب لينتسب إلى أحدهما بطبعه ، وللكلام معه موضع غير هذا ، وإذا كان كذلك فللمدعي أبوته ثلاثة أحوال : أحدها : أن يكونا مقيمين على ادعائه والتنازع فيه ، فإن قتلاه فلا قود عليهما : لجريان حكم الأبوة عليهما ، وإن لم يتعين في أحدهما : لأن كل واحد منهما يجوز أن يكون أباه وإن قتله أحدهما قبل البيان فلا قود عليه سواء لحق بالقاتل أو بالآخر : لثبوت الشبهة فيه عند قتله .  
والحال الثانية : أن يسلمه أحدهما إلى الآخر قبل القتل فيلحق بمن سلم إليه ، ويصير ابنا له دون الآخر ، فإن قتله من ألحق به فلا قود عليه : لأنه أب له .  
وإن قتله من نفي عنه أقيد به : لأنه أجنبي منه ، وإن قتلاه معا فلا قود على الأب ، ويقاد من الآخر .  
والحال الثالثة : أن يرجعا جميعا عن ادعائه فلا يقبل رجوعهما ، وإن قبل رجوع أحدهما : لأنه قد صار بدعواهما مستحقا لأبوة أحدهما فإذا سلمه أحدهما صارا متفقين على إثبات أبوته فقبل منهما ، وإذا رجعا عنها صارا متفقين على إسقاط أبوته فلم يقبل منهما .  
فإن قتلاه أو أحدهما لم يقتل به لبقاء حكم الأبوة بينهما .  
وإن تنازعا لاشتراكهما في الفراش ، أو تناكراه مع اشتراكهما في الفراش ، فالحكم فيهما سواء ، وكذلك لو سلمه أحدهما إلى الآخر لم يقبل منه بخلافهما في دعوى اللقيط : لأن حكم الأبوة في اللقيط يثبت بالدعوى : فجاز تسليمه لأحدهما .  
وفي ولد الموطوءة ثبت حكم الأبوة بالاشتراك في الفراش فلم يؤثر فيه التسليم والإنكار ، وإذا كان كذلك فلبيان نسبه في لحوقه بأحدهما حالتان :  
أحدهما : بالولادة ، وهو أن تلده لأقل من ستة أشهر من وطء أحدهما ، ولستة أشهر فصاعدا من وطء الآخر : فيكون لاحقا بمن ولدته لستة أشهر فصاعدا من وطئه ، وهذا بيان لا يجوز أن يتأخر عن زمان الولادة فلا يكون القتل إلا بعد استقرار نسبه ؟ فإن قتله من لحق به فلا قود عليه ، وإن قتله من انتفى عنه أقيد به ، وإن اشتركا في قتله قتل به غير أبيه ، وسقط القود عن أبيه .  
والحال الثانية : أن لا يبين نسبه بالولادة ، لولادته بعد ستة أشهر من وطئهما معا      [ ص: 25 ] فيوقف نسبه على البيان ، بالقافة أو الانتساب ، فإن قتل بعد البيان أقيد به غير أبيه ، وإن قتل قبل البيان فلا قود على واحد منهما ، سواء بان من بعد أنه أب أو غير أب : لثبوت الشبهة حال القتل .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					