مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : وعلى المتغلب باللصوصية والمأمور القود إذا كان قاهرا للمأمور .
قال
الماوردي : وجملة ذلك أن من
nindex.php?page=treesubj&link=27178أمر غيره بقتل نفس ظلما بغير حق لا يخلو من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون إماما ملتزم الطاعة .
والثاني : أن يكون متغلبا نافذ الأمر .
والثالث : أن يساوي المأمور ، ولا يعلو عليه بطاعة ولا قدرة .
[ ص: 72 ] فأما القسم الأول وهو أن يكون
nindex.php?page=treesubj&link=27178الآمر بالقتل إماما ملتزم الطاعة .
فلا يخلو حال المأمور في قتله من أحد أمرين :
إما أن يجهل حال المقتول ولا يعلم أنه مظلوم ، ويعتقد أن الإمام لا يقتل إلا بحق فلا قود على المأمور ، ولا دية ، ولا كفارة ، لأن طاعة الإمام واجبة عليه لقول الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] وعلى الإمام القود ، لأن أمره إذا كان ملتزم الطاعة يقوم مقام فعله لنفوذه ، وحدوث الفعل عنه ، وجرى المأمور معه جري الآلة .
قال
الشافعي : وهكذا قتل الأئمة ويستحب للمأمور أن يكفر لما تولاه من المباشرة .
والحال الثانية : أن يكون المأمور عالما بأنه مظلوم ، يقتل بغير حق فلهذا المأمور حالتان :
إحداهما : أن يقتله مختارا .
والثاني : مكرها .
فإن قتله مختارا غير مكره فهو القاتل دون الإمام ، لأن طاعة الإمام لا تلزم في المعاصي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=924434لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وقال
أبو بكر رضي الله تعالى عنه : أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم ، ويكون الإمام بأمره آثما ، ويتمكن المأمور من القتل عاصيا ، وإن لم يلزمه قود ولا دية ولا كفارة .
وهو ظاهر من مذهب
الشافعي وقول جمهور أصحابه .
وذهب بعض أصحابه إلى وجوب القود على الإمام بمجرد أمره ، وإن لم يكن منه إكراه للزوم طاعته ، ونفوذ أمره ، وجعل القود واجبا على الآمر والمأمور معا ، ولهذا القول وجه في اعتبار المصلحة ، وحسم عدوان الأئمة ، وإن كان في القياس ضعيفا .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=27177كان المأمور مكرها على القتل بأن قال له الإمام : إن لم تقتله قتلتك ، فالقود على الإمام الآمر واجب .
وفي وجوبه على المأمور قولان :
[ ص: 73 ] أحدهما : واجب كالإمام يقاد منهما جميعا ، فإن عفا عنهما اشتركا في الدية ، وكان على كل واحد منهما كفارة .
وبه قال
زفر بن الهذيل .
والقول الثاني : أنه لا قود على المأمور والمكره ، ويختص القود بالإمام المكره .
واختلف أصحابنا في تعليل هذا القول في
nindex.php?page=treesubj&link=27177سقوط القود عن المأمور فذهب
البغداديون بأسرهم إلى أن العلة فيه أن الإكراه شبهة تدرأ بها الحدود .
فعلى هذا التعليل يجب عليه إذا سقط القود عنه نصف الدية ، لأنه أحد القاتلين ، وعليه الكفارة . وذهب
البصريون منهم : إلى أن العلة فيه أن الإكراه إلجاء وضرورة تنقل حكم الفعل عن المباشر إلى الآمر كالحاكم إذا ألجأه شهود الزور إلى القتل .
فعلى هذا التعليل تسقط عنه الدية والكفارة كما تسقط عنه القود ، وتكون الدية كلها على الإمام المكره وهذا قول
أبي حنيفة ومحمد .
وقال
أبو يوسف : لا قود على الإمام الآمر ، ولا على المأمور استدلالا بأن أمر الإمام سبب ومباشرة المأمور إلجاء ، فسقط حكم السبب بحدوث المباشرة ، وسقط حكم المباشرة بوجود الإلجاء ، فسقط القود عنهما .
وهذا خطأ لقول الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [ الإسراء : 33 ] فلو سقط القود عنهما مع وجود الظلم في القتل لبطل سلطانه ، ولما انزجر عن القتل ظالم ، ولأن إجماع الصحابة يمنع من قول
أبي يوسف . وهو ما روي أن
أبا بكر رضي الله تعالى عنه ولى رجلا
اليمن ، فأتاه رجل منها مقطوع اليد . فقال : إن خليفتك ظلمني فقطعني . فقال
أبو بكر : لو علمت أنه ظلمك لقطعته .
فدل على مؤاخذة الوالي بظلمه فيما أمر به .
وقد أنفذ
عمر رضي الله تعالى عنه رسولا إلى امرأة أرهبها فأجهضت ما في بطنها فزعا فالتزم
عمر ديته .
وروي أن رجلين شهدا عند
علي بن أبي طالب - عليه السلام - على رجل بالسرقة فقطعه بشهادتهما ، ثم عادا ، وقالا : غلطنا ، والسارق هو هذا فرد شهادتهما ، ولم يقطع الثاني ، وقال : لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما .
فجعل الجهل لهما بالشهادة موجبا لإضافة الحكم إليهما وأخذهما بموجبها ، ووافقه على ذلك من عاصره فصار مع ما تقدم عن
أبي بكر وعمر إجماعا ، ولأن القتل
[ ص: 74 ] قد يكون بالمباشرة تارة ، وبالسبب أخرى ، فلما وجب القود بالمباشرة جاز أن يجب بالسبب ، لأنه أحد نوعي القتل .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَعَلَى الْمُتَغَلِّبِ بِاللُّصُوصِيَّةِ وَالْمَأْمُورِ الْقَوَدُ إِذَا كَانَ قَاهِرًا لِلْمَأْمُورِ .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27178أَمْرِ غَيْرِهِ بِقَتْلِ نَفْسٍ ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ إِمَامًا مُلْتَزَمَ الطَّاعَةِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مُتَغَلِّبًا نَافِذَ الْأَمْرِ .
وَالثَّالِثُ : أَنْ يُسَاوِيَ الْمَأْمُورَ ، وَلَا يَعْلُوَ عَلَيْهِ بِطَاعَةٍ وَلَا قُدْرَةٍ .
[ ص: 72 ] فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=27178الْآمِرُ بِالْقَتْلِ إِمَامًا مُلْتَزَمَ الطَّاعَةِ .
فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمَأْمُورِ فِي قَتْلِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ :
إِمَّا أَنْ يَجْهَلَ حَالَ الْمَقْتُولِ وَلَا يَعْلَمَ أَنَّهُ مَظْلُومٌ ، وَيَعْتَقِدَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْتُلُ إِلَّا بِحَقٍّ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمَأْمُورِ ، وَلَا دِيَةَ ، وَلَا كَفَّارَةَ ، لِأَنَّ طَاعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [ النِّسَاءِ : 59 ] وَعَلَى الْإِمَامِ الْقَوَدُ ، لِأَنَّ أَمْرَهُ إِذَا كَانَ مُلْتَزَمَ الطَّاعَةِ يَقُومُ مَقَامَ فِعْلِهِ لِنُفُوذِهِ ، وَحُدُوثِ الْفِعْلِ عَنْهُ ، وَجَرَى الْمَأْمُورُ مَعَهُ جَرْيَ الْآلَةِ .
قَالَ
الشَّافِعِيُّ : وَهَكَذَا قَتْلُ الْأَئِمَّةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُكَفِّرَ لِمَا تَوَلَّاهُ مِنَ المُبَاشَرَةِ .
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ ، يُقْتَلُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِهَذَا الْمَأْمُورِ حَالَتَانِ :
إِحْدَاهُمَا : أَنْ يَقْتُلَهُ مُخْتَارًا .
وَالثَّانِي : مُكْرَهًا .
فَإِنْ قَتَلَهُ مُخْتَارًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ الْقَاتِلُ دُونَ الْإِمَامِ ، لِأَنَّ طَاعَةَ الْإِمَامِ لَا تَلْزَمُ فِي الْمَعَاصِي قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=924434لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ .
وَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ ، وَيَكُونُ الْإِمَامُ بِأَمْرِهِ آثِمًا ، وَيَتَمَكَّنُ الْمَأْمُورُ مِنَ القَتْلِ عَاصِيًا ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ قَوَدٌ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ مَذْهَبِ
الشَّافِعِيِّ وَقَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ .
وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِلَى وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْإِمَامِ بِمُجَرَّدِ أَمْرِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إِكْرَاهٌ لِلُزُومِ طَاعَتِهِ ، وَنُفُوذِ أَمْرِهِ ، وَجَعَلَ الْقَوَدَ وَاجِبًا عَلَى الْآمِرِ وَالْمَأْمُورِ مَعًا ، وَلِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهٌ فِي اعْتِبَارِ الْمَصْلَحَةِ ، وَحَسْمِ عُدْوَانِ الْأَئِمَّةِ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيَاسِ ضَعِيفًا .
وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27177كَانَ الْمَأْمُورُ مُكْرَهًا عَلَى الْقَتْلِ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْإِمَامُ : إِنْ لَمْ تَقْتُلْهُ قَتَلْتُكَ ، فَالْقَوَدُ عَلَى الْإِمَامِ الْآمِرِ وَاجِبٌ .
وَفِي وُجُوبِهِ عَلَى الْمَأْمُورِ قَوْلَانِ :
[ ص: 73 ] أَحَدُهُمَا : وَاجِبٌ كَالْإِمَامِ يُقَادُ مِنْهُمَا جَمِيعًا ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُمَا اشْتَرَكَا فِي الدِّيَةِ ، وَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ .
وَبِهِ قَالَ
زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى الْمَأْمُورِ وَالْمُكْرَهِ ، وَيَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِالْإِمَامِ الْمُكْرِهِ .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27177سُقُوطِ الْقَوَدِ عَنِ الْمَأْمُورِ فَذَهَبَ
الْبَغْدَادِيُّونَ بِأَسْرِهِمْ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ شُبْهَةٌ تُدْرَأُ بِهَا الْحُدُودُ .
فَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُ نِصْفُ الدِّيَةِ ، لِأَنَّهُ أَحَدُ الْقَاتِلِينَ ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ . وَذَهَبَ
الْبَصْرِيُّونَ مِنْهُمْ : إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ إِلْجَاءٌ وَضَرُورَةٌ تَنْقُلُ حُكْمَ الْفِعْلِ عَنِ الْمُبَاشِرِ إِلَى الْآمِرِ كَالْحَاكِمِ إِذَا أَلْجَأَهُ شُهُودُ الزُّورِ إِلَى الْقَتْلِ .
فَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ تَسْقُطُ عَنْهُ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ كَمَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْقَوَدُ ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ كُلُّهَا عَلَى الْإِمَامِ الْمُكْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ .
وَقَالَ
أَبُو يُوسُفَ : لَا قَوَدَ عَلَى الْإِمَامِ الْآمِرِ ، وَلَا عَلَى الْمَأْمُورِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ سَبَبٌ وَمُبَاشَرَةُ الْمَأْمُورِ إِلْجَاءٌ ، فَسَقَطَ حُكْمُ السَّبَبِ بِحُدُوثِ الْمُبَاشَرَةِ ، وَسَقَطَ حُكْمُ الْمُبَاشَرَةِ بِوُجُودِ الْإِلْجَاءِ ، فَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُمَا .
وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا [ الْإِسْرَاءِ : 33 ] فَلَوْ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُمَا مَعَ وُجُودِ الظُّلْمِ فِي الْقَتْلِ لَبَطَلَ سُلْطَانُهُ ، وَلَمَّا انْزَجَرَ عَنِ الْقَتْلِ ظَالِمٌ ، وَلِأَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ يَمْنَعُ مِنْ قَوْلِ
أَبِي يُوسُفَ . وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَّى رَجُلًا
الْيَمَنَ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهَا مَقْطُوعُ الْيَدِ . فَقَالَ : إِنَّ خَلِيفَتَكَ ظَلَمَنِي فَقَطَعَنِي . فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ ظَلَمَكَ لَقَطَعْتُهُ .
فَدَلَّ عَلَى مُؤَاخَذَةِ الْوَالِي بِظُلْمِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ .
وَقَدْ أَنْفَذَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَسُولًا إِلَى امْرَأَةٍ أَرْهَبَهَا فَأَجْهَضَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَزَعًا فَالْتَزَمَ
عُمَرُ دِيَتَهُ .
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَقَطَعَهُ بِشَهَادَتِهِمَا ، ثُمَّ عَادَا ، وَقَالَا : غَلِطْنَا ، وَالسَّارِقُ هُوَ هَذَا فَرَدَّ شَهَادَتَهُمَا ، وَلَمْ يَقْطَعِ الثَّانِي ، وَقَالَ : لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا .
فَجَعَلَ الْجَهْلَ لَهُمَا بِالشَّهَادَةِ مُوجِبًا لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهِمَا وَأَخْذِهِمَا بِمُوجِبِهَا ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ عَاصَرَهُ فَصَارَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِجْمَاعًا ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ
[ ص: 74 ] قَدْ يَكُونُ بِالْمُبَاشَرَةِ تَارَةً ، وَبِالسَّبَبِ أُخْرَى ، فَلَمَّا وَجَبَ الْقَوَدُ بِالْمُبَاشَرَةِ جَازَ أَنْ يَجِبَ بِالسَّبَبِ ، لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْقَتْلِ .