[ ص: 109 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=9233القصاص بالسيف وغيره
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا قال : وإذا خلى الحاكم الولي وقتل القاتل فينبغي له أن يأمر من ينظر إلى سيفه فإن كان صارما وإلا أمره بصارم لئلا يعذبه ثم يدعه وضرب عنقه .
قال
الماوردي :
nindex.php?page=treesubj&link=9132ما أوجب القصاص من الجنايات ضربان : طرف ، ونفس .
فأما الطرف فلا يمكن مستحق القصاص من استيفائه بنفسه ، لما يخاف من تعديه إلى ما لا يمكن استدراكه ، وأما النفس فيجوز للولي أن يتولى استيفاء القود منها بنفسه إذا قدر على مباشرته للآية ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=924447فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وكما يستوفي جميع حقوقه بنفسه ، ولأن القود موضوع للتشفي فكانت المباشرة فيه أشفى ، وإذا كان كذلك
nindex.php?page=treesubj&link=9205فاستيفاؤه للقود معتبر بستة شروط :
أحدها : أن يحكم به الحاكم ليميز العمد المحض من عمد الخطأ ، وليتعين بالحكم ما اختلف فيه الفقهاء ، ولئلا يتسرع الناس إلى استباحة الدماء .
nindex.php?page=treesubj&link=9205والشرط الثاني : أن يكون مستوفيه رجلا فإن كانت امرأة منعت ، لما فيه من بذلتها وظهور عورتها .
nindex.php?page=treesubj&link=9205والشرط الثالث : أن يكون ثابت النفس عند مباشرة القتل ، فإن ضعفت منع .
nindex.php?page=treesubj&link=9205والشرط الرابع : أن يعرف القود ويحسن إصابة المفصل ، فإن لم يحسن منع .
nindex.php?page=treesubj&link=9205والشرط الخامس : أن يكون قوي اليد نافذ الضربة ، فإن ضعفت يده لشلل أو مرض منع .
فإذا تكاملت فيه هذه الشروط الخمسة وصار بها من أهل الاستيفاء لم يخل حال الولي أن يكون واحدا أو عددا ، فإن كان واحدا قام باستيفائه ، وإن كانوا عددا خرج منهم من لم يتكامل فيه شروط الاستيفاء ولم يجز أن يشترك الباقون فيه حتى يتولاه أحدهم ، فإن سلموه لأحدهم كان أحقهم به وإن تنازعوا فيه أقرع بينهم ، فمن قرع كان أحقهم باستيفائه ، فإذا تعين الاستيفاء لواحد منهم اعتبر في استيفائه عشرة أشياء :
[ ص: 110 ] أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=9227حضور الحاكم الذي حكم له بالقود ، أو نائب عنه ليكون حضوره تنفيذا لحكمه .
والثاني : أن يحضره شاهدان ليكونا بينة في استيفاء الحق أو في التعدي بظلم .
والثالث : أن يحضر معه من الأعوان من إن احتاج إليهم أعانوا ، فربما حدث ما يحتاج إلى كف وردع .
والرابع : أن يؤمر المقتص منه بما تعين عليه من صلاة يومه ، ليحفظ حقوق الله تعالى من الإضاعة .
والخامس : أن يؤمر بالوصية فيما له وعليه من الحقوق ، ليحفظ بها حقوق الآدميين .
والسادس : أن يؤمر بالتوبة من ذنوبه ، ليزول عند مآثم المعاصي .
والسابع : أن يساق إلى موضع القصاص سوقا رفيقا ، ولا يكلم بخنا ولا شتم .
والثامن : أن تستر عورته بشداد حتى لا تبرز للأبصار .
والتاسع : أن تشد عينيه بعصابة حتى لا يرى القتل ويترك ممدود العنق ، حتى لا يعدل السيف عن عنقه .
والعاشر :
nindex.php?page=treesubj&link=9233أن يكون سيف القصاص صارما ليس بكال ولا مسموم ، لأن الكال والمسموم يفسد لحمه ويمنع من غسله ، فيراعى سيف الولي ، فإن كان على الصفة المطلوبة وإلا التمس سيفا على صفته أو أعطي من بيت المال إن كان موجودا ، وإنما اعتبرنا هذه الشروط والأوصاف إحسانا في الاستيفاء ، ومنعا من التعذيب ، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924448إن الله تعالى كتب عليكم الإحسان فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه "
nindex.php?page=hadith&LINKID=924449نهى عن تعذيب البهائم " فكان النهي عن تعذيب الآدميين أحق .
[ ص: 109 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=9233الْقِصَاصِ بِالسَّيْفِ وَغَيْرِهِ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا قَالَ : وَإِذَا خَلَّى الْحَاكِمُ الْوَلِيَّ وَقَتَلَ الْقَاتِلَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى سَيْفِهِ فَإِنْ كَانَ صَارِمًا وَإِلَّا أَمَرَهُ بِصَارِمٍ لِئَلَّا يُعَذِّبَهُ ثُمَّ يَدَعُهُ وَضَرْبَ عُنُقِهِ .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=9132مَا أَوْجَبَ الْقِصَاصَ مِنَ الجِنَايَاتِ ضَرْبَانِ : طَرَفٌ ، وَنَفْسٌ .
فَأَمَّا الطَّرَفُ فَلَا يُمْكِنُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ مِنَ اسْتِيفَائِهِ بِنَفْسِهِ ، لِمَا يَخَافُ مِنْ تَعَدِّيهِ إِلَى مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ ، وَأَمَّا النَّفْسُ فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتَوَلَّى اسْتِيفَاءَ الْقَوَدِ مِنْهَا بِنَفْسِهِ إِذَا قَدَرَ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ لِلْآيَةِ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=924447فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَكَمَا يَسْتَوْفِي جَمِيعَ حُقُوقِهِ بِنَفْسِهِ ، وَلِأَنَّ الْقَوَدَ مَوْضُوعٌ لِلتَّشَفِّي فَكَانَتِ الْمُبَاشَرَةُ فِيهِ أَشْفَى ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=9205فَاسْتِيفَاؤُهُ لِلْقَوَدِ مُعْتَبَرٌ بِسِتَّةِ شُرُوطٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يَحْكُمَ بِهِ الْحَاكِمُ لِيُمَيِّزَ الْعَمْدَ الْمَحْضَ مِنْ عَمْدِ الْخَطَأِ ، وَلِيَتَعَيَّنَ بِالْحُكْمِ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ ، وَلِئَلَّا يَتَسَرَّعَ النَّاسُ إِلَى اسْتِبَاحَةِ الدِّمَاءِ .
nindex.php?page=treesubj&link=9205وَالشَّرْطُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مُسْتَوْفِيهِ رَجُلًا فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً مُنِعَتْ ، لِمَا فِيهِ مِنْ بَذْلَتِهَا وَظُهُورِ عَوْرَتِهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=9205وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ ثَابِتَ النَّفْسِ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ ، فَإِنْ ضَعُفَتْ مُنِعَ .
nindex.php?page=treesubj&link=9205وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ : أَنْ يَعْرِفَ الْقَوَدَ وَيُحْسِنَ إِصَابَةَ الْمَفْصِلِ ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ مُنِعَ .
nindex.php?page=treesubj&link=9205وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ : أَنْ يَكُونَ قَوِيَّ الْيَدِ نَافِذَ الضَّرْبَةِ ، فَإِنْ ضَعُفَتْ يَدُهُ لِشَلَلٍ أَوْ مَرَضٍ مُنِعَ .
فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ وَصَارَ بِهَا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا أَوْ عَدَدًا ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا قَامَ بِاسْتِيفَائِهِ ، وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا خَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَتَكَامَلْ فِيهِ شُرُوطُ الِاسْتِيفَاءِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِكَ الْبَاقُونَ فِيهِ حَتَّى يَتَوَلَّاهُ أَحَدُهُمْ ، فَإِنْ سَلَّمُوهُ لِأَحَدِهِمْ كَانَ أَحَقَّهُمْ بِهِ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِيهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ ، فَمَنْ قَرَعَ كَانَ أَحَقَّهُمْ بِاسْتِيفَائِهِ ، فَإِذَا تَعَيَّنَ الِاسْتِيفَاءُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمُ اعْتُبِرَ فِي اسْتِيفَائِهِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ :
[ ص: 110 ] أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=9227حُضُورُ الْحَاكِمِ الَّذِي حَكَمَ لَهُ بِالْقَوَدِ ، أَوْ نَائِبٌ عَنْهُ لِيَكُونَ حُضُورُهُ تَنْفِيذًا لِحُكْمِهِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَحْضُرَهُ شَاهِدَانِ لِيَكُونَا بَيِّنَةً فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ أَوْ فِي التَّعَدِّي بِظُلْمٍ .
وَالثَّالِثُ : أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ مِنَ الأَعْوَانِ مَنْ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهِمْ أَعَانُوا ، فَرُبَّمَا حَدَثَ مَا يَحْتَاجُ إِلَى كَفٍّ وَرَدْعٍ .
وَالرَّابِعُ : أَنْ يُؤْمَرَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ بِمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ يَوْمِهِ ، لِيَحْفَظَ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الإِضَاعَةِ .
وَالْخَامِسُ : أَنْ يُؤْمَرَ بِالْوَصِيَّةِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ مِنَ الحُقُوقِ ، لِيَحْفَظَ بِهَا حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ .
وَالسَّادِسُ : أَنْ يُؤْمَرَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ ذُنُوبِهِ ، لِيَزُولَ عِنْدَ مَآثِمِ الْمَعَاصِي .
وَالسَّابِعُ : أَنْ يُسَاقَ إِلَى مَوْضِعِ الْقِصَاصِ سَوْقًا رَفِيقًا ، وَلَا يُكَلَّمُ بِخَنَا وَلَا شَتْمٍ .
وَالثَّامِنُ : أَنْ تُسْتَرَ عَوْرَتُهُ بِشِدَادٍ حَتَّى لَا تَبْرُزَ لِلْأَبْصَارِ .
وَالتَّاسِعُ : أَنْ تُشَدَّ عَيْنَيْهِ بِعِصَابَةٍ حَتَّى لَا يَرَى الْقَتْلَ وَيُتْرَكُ مَمْدُودَ الْعُنُقِ ، حَتَّى لَا يَعْدِلَ السَّيْفُ عَنْ عُنُقِهِ .
وَالْعَاشِرُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9233أَنْ يَكُونَ سَيْفُ الْقِصَاصِ صَارِمًا لَيْسَ بِكَالٍّ وَلَا مَسْمُومٍ ، لِأَنَّ الْكَالَّ وَالْمَسْمُومَ يُفْسِدُ لَحْمَهُ وَيَمْنَعُ مِنْ غُسْلِهِ ، فَيُرَاعَى سَيْفُ الْوَلِيِّ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَإِلَّا الْتَمَسَ سَيْفًا عَلَى صِفَتِهِ أَوْ أُعْطِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ وَالْأَوْصَافَ إِحْسَانًا فِي الِاسْتِيفَاءِ ، وَمَنْعًا مِنَ التَّعْذِيبِ ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924448إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْإِحْسَانَ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ . وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=924449نَهَى عَنْ تَعْذِيبِ الْبَهَائِمِ " فَكَانَ النَّهْيُ عَنْ تَعْذِيبِ الْآدَمِيِّينَ أَحَقُّ .