[ ص: 139 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=9233القصاص بغير السيف
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : وإن
nindex.php?page=treesubj&link=9234طرحه في نار حتى يموت طرح في النار حتى يموت .
قال
الماوردي : قد مضى الكلام في وجوب القصاص في القتل بجميع ما يقتل مثله من حديد وغير حديد ، وذكرنا خلاف
أبي حنيفة في أن لا قصاص إلا في القتل بالحديد والنار ، ولا قود في القتل بمثقلات وغيرها إلا بمثقل الحديد وحده ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=9234استيفاء القصاص فمعتبر بحال القتل ، فإن كان بالحديد لم يجز أن يستوفي القصاص إلا بمثله ، وإن كان بغير الحديد كان الولي مخيرا في استيفائه بمثله أو بالحديد .
وقال
أبو حنيفة : إذا قتله بمثقل الحديد أو بالنار لم يجز أن يستوفي القصاص منه إلا بمحدد الحديد دون مثقله ، ودون النار ، استدلالا بما رواه
سعيد بن المسيب عن
أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
لا قود إلا بالسيف .
وروي عن
عاصم بن ضمرة عن
علي بن أبي طالب - عليه السلام - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924454لا قود إلا بحديدة .
وروي أن
علي بن أبي طالب رضوان الله عليه حرق قوما بالنار ادعوه إلها فقال له
ابن العباس : لو كنت أنا لم أقتلهم إلا بالسيف ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924455لا يعذب بالنار إلا رب النار ولأن استحقاق القتل يمنع من استيفائه بغير السيف كالمرتد وكالقاتل بالسيف ، ولأن تفويت النفوس المباحة لا يجوز إلا بالمحدد كالذبائح ، مع أن نفوس الآدميين أغلظ حرمة من نفوس البهائم .
ودليلنا قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم البقرة : 194 ] ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها الشورى : 40 ] .
[ ص: 140 ] وروى
البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه .
nindex.php?page=hadith&LINKID=924456وروى أنس أن رجلا من اليهود شدخ رأس جارية من الأنصار فقتلها ، وأخذ حليها ، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشدخ رأسه بين حجرين حتى قتل . ولأن كل آلة قتل مثلها جاز استيفاء القصاص بمثلها كالسيف .
ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=9234القصاص موضوع للمماثلة وهي معتبرة في النفس فكان أولى أن تعتبر في آلة القتل .
ولأن القتل مستحق لله تعالى تارة وللآدميين تارة ، فلما تنوع في حق الله تعالى نوعين بالحديد تارة ، وبالمثقل في رجم الزاني المحصن ، وجب أن يتنوع في حقوق الآدميين نوعين بمثقل وغير مثقل .
وتحريره قياسا : أحد القتلين فوجب أن يتنوع استيفاء نوعين كالقتل في حقوق الله تعالى .
فأما الجواب عن قوله :
لا قود إلا بالسيف .
وقوله : إلا بحديدة ، فمحمول على القتل إذا كان بسيف أو حديدة ، ورواية
ابن عباس " أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=924455لا يعذب بالنار إلا رب النار " فوارد في غير القصاص ، لأن
nindex.php?page=treesubj&link=9234القصاص مماثلة ليس بعذاب ، وإنما هو استيفاء حق ، وكذا الجواب عن قياسهم على قتل المرتد .
وأما قياسه على الذبائح مع فساده يرجم الزاني المحصن فالمعنى فيه : أن المماثلة غير معتبرة فيه ، وأن محل الذبح معين ، فجاز أن تكون الآلة معينة ، ولما اعتبرت المماثلة بمحل الجناية اعتبرت بمثل آلتها .
[ ص: 139 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=9233الْقِصَاصِ بِغَيْرِ السَّيْفِ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9234طَرَحَهُ فِي نَارٍ حَتَّى يَمُوتَ طُرِحَ فِي النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِجَمِيعِ مَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيدٍ وَغَيْرِ حَدِيدٍ ، وَذَكَرْنَا خِلَافَ
أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنْ لَا قِصَاصَ إِلَّا فِي الْقَتْلِ بِالْحَدِيدِ وَالنَّارِ ، وَلَا قَوَدَ فِي الْقَتْلِ بِمُثَقَّلَاتٍ وَغَيْرِهَا إِلَّا بِمُثَقَّلِ الْحَدِيدِ وَحْدَهُ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=9234اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فَمُعْتَبَرٌ بِحَالِ الْقَتْلِ ، فَإِنْ كَانَ بِالْحَدِيدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ إِلَّا بِمِثْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ كَانَ الْوَلِيُّ مُخَيَّرًا فِي اسْتِيفَائِهِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْحَدِيدِ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : إِذَا قَتَلَهُ بِمُثَقَّلِ الْحَدِيدِ أَوْ بِالنَّارِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ مِنْهُ إِلَّا بِمُحَدَّدِ الْحَدِيدِ دُونَ مُثَقَّلِهِ ، وَدُونَ النَّارِ ، اسْتِدْلَالًا بِمَا رَوَاهُ
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ .
وَرُوِيَ عَنْ
عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924454لَا قَوَدَ إِلَّا بِحَدِيدَةٍ .
وَرُوِيَ أَنَّ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَّقَ قَوْمًا بِالنَّارِ ادَّعَوْهُ إِلَهًا فَقَالَ لَهُ
ابْنُ الْعَبَّاسِ : لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَقْتُلْهُمْ إِلَّا بِالسَّيْفِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924455لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَتْلِ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ السَّيْفِ كَالْمُرْتَدِّ وَكَالْقَاتِلِ بِالسَّيْفِ ، وَلِأَنَّ تَفْوِيتَ النُّفُوسِ الْمُبَاحَةِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالْمُحَدَّدِ كَالذَّبَائِحِ ، مَعَ أَنَّ نُفُوسَ الْآدَمِيِّينَ أَغْلَظُ حُرْمَةً مِنْ نُفُوسِ الْبَهَائِمِ .
وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ الْبَقَرَةِ : 194 ] ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا الشُّورَى : 40 ] .
[ ص: 140 ] وَرَوَى
الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
مَنْ حَرَّقَ حَرَّقْنَاهُ وَمَنْ غَرَّقَ غَرَّقْنَاهُ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=924456وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ شَدَخَ رَأْسَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَتَلَهَا ، وَأَخَذَ حُلِيَّهَا ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَدَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ حَتَّى قُتِلَ . وَلِأَنَّ كُلَّ آلَةٍ قَتَلَ مِثْلُهَا جَازَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِمِثْلِهَا كَالسَّيْفِ .
وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=9234الْقِصَاصَ مَوْضُوعٌ لِلْمُمَاثَلَةِ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي النَّفْسِ فَكَانَ أَوْلَى أَنْ تُعْتَبَرَ فِي آلَةِ الْقَتْلِ .
وَلِأَنَّ الْقَتْلَ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى تَارَةً وَلِلْآدَمِيِّينَ تَارَةً ، فَلَمَّا تَنَوَّعَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى نَوْعَيْنِ بِالْحَدِيدِ تَارَةً ، وَبِالْمُثَقَّلِ فِي رَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ ، وَجَبَ أَنْ يَتَنَوَّعَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ نَوْعَيْنِ بِمُثَقَّلٍ وَغَيْرِ مُثَقَّلٍ .
وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا : أَحَدُ الْقَتْلَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَوَّعَ اسْتِيفَاءُ نَوْعَيْنِ كَالْقَتْلِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ :
لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ .
وَقَوْلُهُ : إِلَّا بِحَدِيدَةٍ ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْقَتْلِ إِذَا كَانَ بِسَيْفٍ أَوْ حَدِيدَةٍ ، وَرِوَايَةُ
ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924455لَا يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ " فَوَارِدٌ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ ، لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=9234الْقِصَاصَ مُمَاثَلَةٌ لَيْسَ بِعَذَابٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ ، وَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى قَتْلِ الْمُرْتَدِّ .
وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الذَّبَائِحِ مَعَ فَسَادِهِ يُرْجَمُ الزَّانِي الْمُحْصَنُ فَالْمَعْنَى فِيهِ : أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ ، وَأَنَّ مَحَلَّ الذَّبْحِ مُعَيَّنٌ ، فَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْآلَةُ مُعَيَّنَةً ، وَلَمَّا اعْتُبِرَتِ الْمُمَاثَلَةُ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ اعْتُبِرَتْ بِمِثْلِ آلَتِهَا .