الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن سراية القصاص إلى الكف لا تكون قصاصا من سراية الجناية إلى الكف ، فإذا اقتصصنا من إصبع الجاني أخذنا الباقي من دية الكف على ما وصفنا ، ولم ينتظر بإصبعه أن ينتهي في السراية إلى مثل سراية جنايته ، لأنها لو انتهت إليه لم يكن قصاصا فلم يكن للانتظار وجه ، وهو معنى قول الشافعي : ولم ينتظر به أن يراقى إلى مثل جنايته أولا ، فإن سرت أكلة الكف إلى نفس المجني عليه بعد الاقتصاص من إصبع الجاني نظر فإن كانت السراية إلى نفسه بعد أخذ دية باقي كفه فلا قصاص له في النفس ، لأنه قد استوفى بعض ديتها فيستوفي ما بقي من دية النفس وذلك نصف الدية ، لأنه قد أخذ بالقصاص والأرش نصفها الآخر ، وإن كانت السراية قبل أخذ [ ص: 167 ] الباقي من دية كفه ففي وجوب القصاص في النفس وجهان بناء على اختلاف أصحابنا في دية السراية إلى الكف هل يكون دية عمد أو خطأ ؟

                                                                                                                                            أحد الوجهين : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها دية خطأ ، فعلى هذا لا قود في السراية إلى النفس ، ويعدل إلى استكمال الدية ليأخذ تسعين من الإبل لاقتصاصه من إصبع ديتها عشرا من الإبل ، وعلى هذا لو سرى القصاص من الجاني إلى نفسه لم تسقط عنه الدية .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو مقتضى قول أبي علي بن أبي هريرة ، وقول أبي حامد الإسفراييني أنها دية عمد ، فعلى هذا يستحق القصاص في النفس إلا أن يعفو إلى الدية فيعطاها إلا دية إصبع ، وعلى هذا لو سرى القصاص من إصبع الجاني إلى نفسه كانت سرايته قصاصا ، لأن سراية جنايته موجبة للقصاص والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية