الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو كان ذلك في سرقة لم يقطع يمينه ولا يشبه الحد حقوق العباد .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها : أن يستحق قطع يمين السارق فيخرج يسراه فتقطع فقد قال الشافعي في موضع القديم : القياس أن تقطع يمناه والاستحسان ألا تقطع فصار قوله في القديم لم يلزم من تقديم على الاستحسان ، لأنه لا يجوز أن يؤخذ يسرى السارق بيمناه كالقصاص وقطع اليمنى بعد قطع اليسرى إذا اندملت ، فعلى هذا إذا أخرجها السارق مبيحا لها لا قصاص فيها ولها دية ، وإن أخرجها لتقطع في السرقة بدلا من يمناه فليستقد بها منه .

                                                                                                                                            وإن عمد الجلاد قطع اليسرى وعلم بها اقتص منه ، وإن لم يعلم فلا قصاص عليه وفي وجوب الدية وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجب عليه دية للسيد ، لأن ما وجب في القود في عمده وجبت الدية في خطئه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا دية عليه ، لأنه في الخطأ متسلط ، وفي العمد ممنوع هذا ما يقتضيه مذهبه في القديم .

                                                                                                                                            فأما قوله في الجديد فلم يختلف أن أخذ اليسرى في السرقة مجزئ عن قطع اليمنى ، وإن لم يجز في القصاص .

                                                                                                                                            والفرق بينهما من ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن حقوق الله تعالى موضوعة على المساهلة والمسامحة ، وحقوق العباد موضوعة على الاستقصاء والمشاحة ؟

                                                                                                                                            والثاني : أن قطع اليمنى في السرقة يسقط بذهابها إذا تآكلت ، ولا يسقط حكم الجناية بذهابها في القصاص إذا تآكلت .

                                                                                                                                            والثالث : أن يسرى السارق تقطع إذا عدم اليمنى ، ولا تقطع يسرى السارق بجاني إذا عدم اليمنى . فلهذه المعاني الثلاثة افترقا .

                                                                                                                                            [ ص: 196 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية