الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ولو جرحه فشان وجهه أو رأسه شينا يبقى فإن كان الشين أكثر من الجرح أخذ بالشين وإن كان الجرح أكثر من الشين أخذ بالجرح ولم يزد للشين .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن شجاج الرأس والوجه تتقدر دياتها في الموضحة وما فوقها من الهاشمة والمنقلة والمأمومة وإن لم تتقدر دياتها في الجسد تغليظا لحكم الرأس على حكم الجسد ، فاقتضى ذلك فيما لا تتقدر دياته من شجاج الرأس والوجه فيما دون الموضحة من الحارصة والدامية والدامغة والباضعة والمتلاحمة والسمحاق أن تكون حكوماتها في الرأس أغلظ من حكوماتها في الجسد ، وإذا كان كذلك وجب في الرأس أن يعتبر فيها أغلظ الأمرين .

                                                                                                                                            قال الشافعي في تفصيله الذي قدمه من الشين أو الجراح فاختلف أصحابنا في تأويله على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وجمهور البصريين : أنه أراد أكثر الحكومتين من حال الشين بعد اندماله في الانتهاء ، أو قال : الجرح عند سيلان دمه في الابتداء فأيهما كان أكثر فهو القدر المستحق تغليظا لشجاج الرأس على شجاج البدن في غير المقدر كما تغلظ في المقدر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي حامد الإسفراييني وطائفة من البغداديين أن مراد الشافعي بأكثر الحكومتين أن يعتبر قدرها في العمق من قدر الموضحة ، فإن كان نصفها اعتبر قدر شينها بعد الاندمال ، فإن نقصت عن نصف الموضحة أوجبت نصف الموضحة وهو الجرح ، لأنه أغلظ من قدر الشين وإن كان قدر شينها زائدا على نصف الموضحة . وبلغ ثلاثة أرباعها أوجبت حكومة الشين وهو ثلاثة أرباع الموضحة ، لأنه أغلظ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية