مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله - تعالى : " وأي أبويه كان مجوسيا فلا أرى تؤكل ذبيحته . وقال في كتاب النكاح : ولا ينكح إن كانت جارية وليست كالصغيرة يسلم أحد أبويها : لأن الإسلام لا يشركه الشرك والشرك يشركه الشرك " .  
قال  الماوردي      : قد ذكرنا أن  ذبيحة المجوسي   لا تحل ، وتحل  ذبيحة أهل الكتاب في كل حيوان   مباح .  
وقال  مالك      : تحل لنا ذبائح أهل الكتاب في كل حيوان مما يستحلونه من البقر والغنم ، ولا تحل فيما لا يحلونه من الإبل : لأنهم يقصدون بذبحه الإتلاف دون الذكاة ، وهذا غلط : لقوله تعالى :  وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم      [ المائدة : 5 ] يريد بالطعام : الذبيحة دون ما يستطعمونه : لأنهم يستطعمون الخنزير ، ولا يحل لنا .  
ولأن ما حل بذبيحة المسلم حل بذبيحة الكتابي ، كالبقر والغنم طردا ، وكالبغال والحمير عكسا .  
وإذا كان هذا أصلا مقررا ، وقياسا مستمرا ، فاختلف  أبوا الكافر   ، فحلت ذبيحة أحدهما ، ولم تحل ذبيحة الآخر بأن يكون أحدهما يهوديا والآخر مجوسيا نظر :  
فإن كان أبوه مجوسيا وأمه يهودية فلا تحل ذبيحته لوجهين :  
أحدهما : أن نسبه يلحق بأبيه ، فكان حمله حمل أبيه .  
والثاني : أن الحظر والإباحة إذا اجتمعا يغلب حكم الحظر على الإباحة .  
وإن كان أبوه يهوديا وأمه مجوسية ، ففي إباحة ذبيحته قولان :  
أحدهما : تحل ذبيحته تعليلا بأنه يرجع إلى أبيه في نسبه .  
 [ ص: 25 ] والقول الثاني : لا تحل ذبيحته تعليلا بأن  اجتماع الحظر والإباحة يوجب تغليب الحظر على الإباحة   ، كالمتولد من حمار وحشي وحمار أهلي .  
وقال  أبو حنيفة      : إن كان أحدهما كتابيا حلت ذبيحته سواء كان الكتابي منهما أباه وأمه ، كما لو كان أحد أبويه مسلما . والآخر مجوسيا ، ولا يوجب تغليب الحظر على الإباحة : كما لم يغلب الحظر في إسلام أحد أبويه ، وهذا فاسد من وجهين :  
أحدهما : أنه لما غلب في النكاح حكم الحظر على الإباحة في ولد الكافر ، وإن لم يغلب حكم الحظر إذا كان أحدهما مسلما وجب حكم الذبيحة بمثابته .  
والثاني : وهو ما علل به  الشافعي   أن الإسلام لا يشركه الشرك والشرك يشركه الشرك ، وبيانه أن الإسلام والشرك لا يجتمعان ، ويرتفع الشرك بقوة الإسلام : لقول الله تعالى :  بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق   ولقول النبي : - صلى الله عليه وسلم -  الإسلام يعلو ولا يعلى     .  
وإذا كان أحد أبويه مسلما ، والآخر مشركا ، غلبه حكم الإسلام على حكم الشرك ، ويجتمع الشرطان : لأنهما باطلان ، فلم يرتفع حكم أحدهما بالآخر ، وإذا لم يرتفع حكما أحدهما وجب أن يغلب الحظر منهما .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					