الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا صح جواز السبق بعوض وغير عوض ، فهو بغير عوض من العقود الجائزة ، دون اللازمة ، وإن كان معقودا على عوض ، ففي لزومه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه من العقود اللازمة كالإجارة ليس لواحد منهما فسخه بعد تمامه إلا عن تراض منهما بقسمة ، ولا يدخله خيار الثلاث ، وفي دخول خيار المجلس فيه وجهان .

                                                                                                                                            كالإجارة ، فإن شرعا في السبق والرمي يسقط خيار المجلس فيه : لأن الشروع في العمل رضى بالإمضاء .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه من العقود الجائزة دون اللازمة ، كالجعالة ، وبه قال أبو حنيفة : ويكون كل واحد من المسابقين قبل الشروع من السبق ، وبعد الشروع فيه ما لم يستقر السبق ، وينبرم بالخيار .

                                                                                                                                            [ ص: 184 ] فإن شرط فيه اللزوم بطل ، فإن قيل بلزومه على القول الأول ، فدليله شيئان : أحدهما : أنه عقد ، ومن شرط صحته أن يكون معلوم العوض والمعوض ، فوجب أن يكون لازما كالإجارة طردا والجعالة عكسا .

                                                                                                                                            والثاني : أن ما أفضى إلى إبطال المعقود بالعقد كان ممنوعا منه في العقد ، وبقاء خياره فيه مفض إلى إبطاله المقصود به : لأنه إذا توجه السبق على أحدهما فسخ لم يتوصل إلى سبق ، ولم يستحق فيه عوض ، والعقد موضوع لاستقراره واستحقاقه ، فنافاه الخيار وضاهاه اللزوم .

                                                                                                                                            فإن قيل : بجوازه على القول الثاني ، فدليله شيئان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ما صح من عقود المعاوضات إذا قابل غير موثوق بالقدرة عليه عند استحقاقه كان من العقود الجائزة دون اللازمة كالجعالة طردا : لأنه لا يثق بالغلبة في السبق والرمي كما لا يثق بوجود الضالة في الجعالة ، وعكسه الإجارة متى لم يثق بصحة العمل منه لم يصح العقد .

                                                                                                                                            والثاني : أن ما كان إطلاق العوض فيه موجبا لتعجيل استحقاقه كان جائزا كالجعالة ، وإطلاق العوض في السبق والرمي لا يوجب التعجيل ، فوجب أن يكون جائزا ولا يكون لازما ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية