فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن  يكون الموجي هو الثاني دون الأول   ، فهذا على ثلاثة أضرب :  
أحدها : أن يكون الأول لم يثبته بإصابته ، فيكون الصيد ملكا للثاني الموجي ، وتكون التوجية ذكاة سواء كانت في محل الذكاة أو كانت في غيرها .  
والضرب الثاني : أن يكون الأول قد أثبته بإصابته ، فيكون ملكا للأولى ، وينظر في توجية الثاني : فإن كانت في عد محل الذكاة من الحلق واللبة كان مأكولا ، وضمن بالتوجية ما بين قيمته مجروحا ومذبوحا ، وإن كانت التوجية في غير محل الذكاة بأن قطع نصفين ، فهو غير مأكول : لأنه قد صار بإثبات الأول مقدورا عليه لا يحل إلا بذكاته في الحلق واللبة ، ويضمن الموجي جميع قيمته مجروحا .  
والضرب الثالث : أن يشك فيه هل أثبت الأول بإصابته أم لا ، فيكون الشك مسقطا لحكم الإثبات في حق الأولى : لأنه على أصل الامتناع ، ويكون ملكا للثاني ، وينظر في توجيته .  
فإن كانت في محل الذكاة أكل ، وإن كانت في غير محلها ففي إباحة أكله وجهان :  
أحدهما : مباح : لأن إثبات الأول قد يسقط بالشك .  
والوجه الثاني : محظور : لتردده بين جواز في محتملين مع ما يقضيه حكم الأصل من الحظر ، وإنما يسقط بالشك ملك الأول : لأن الأصل أنه غير مالك ولم يسقط بالشك حكم الحظر : لأن الأصل فيه الحظر ، ولو ادعى الجارح الأول أنه قد أثبته ،      [ ص: 32 ] وأنكر الموجي فالقول قول الموجي مع يمينه ، والتوجية كالتذكية .  
فإن قيل : ألستم قلتم : إنهما اتفقا على إصابته أنه بين الجارح والموجي في أحد الوجهين ، فهلا جعلتموه في تقدم أحدهما على الآخر على وجهين .  
قيل : الفرق بينهما في أحد الوجهين من وجهين :  
أحدهما : أن أيديهما في الاتفاق متساويان ، وفي الاختلاف مفترقان .  
والثاني : أنه لم يمض مع الاتفاق زمان الإثبات ، فيراعى ، وقد مضى مع اختلاف في زمان الإثبات ، فصار مراعى .  
				
						
						
