[ ص: 67 ] كتاب الضحايا
من كتاب اختلاف الأحاديث ومن إملاء على كتاب
أشهب
ومن كتاب
أهل المدينة وأبي حنيفة
قال
الشافعي رحمه الله : " أخبرنا
إسماعيل بن إبراهيم عن
عبد العزيز بن صهيب عن
أنس بن مالك nindex.php?page=hadith&LINKID=925192أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين ، وقال
أنس : وأنا أضحي أيضا بكبشين ، وقال
أنس في غير هذا الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925193ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين ، وذبح أبو بردة بن نيار قبل أن يذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأضحى ، فزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يعود لضحية أخرى ، فقال أبو بردة : لا أجد إلا جذعا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن لم تجد إلا جذعا فاذبحه ، قال
الشافعي رحمه الله : فاحتمل أمره بالإعادة أنها واجبة ، واحتمل على معنى أنه إن أراد أن يضحي ، فلما قال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925194إذا دخل العشر ، فأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يمس من شعره وبشره شيئا دل على أنها غير واجبة ، وبلغنا أن
أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كراهية أن يرى أنها واجبة ، وعن
ابن عباس أنه اشترى بدرهمين لحما ، فقال : هذه أضحية
ابن عباس .
القول في
nindex.php?page=treesubj&link=3977مشروعية الأضحية
فصل : قال
الماوردي :
nindex.php?page=treesubj&link=3975والأصل في الضحايا والهدايا قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير [ الحج : 36 ] الآية ، إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36القانع والمعتر . أما البدن ففيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها الإبل خاصة ، وهو قول الجمهور .
والثاني : أنها الإبل والبقر ، وهو قول
جابر وعطاء .
والثالث : أنها النعم كلها من الإبل والبقر والغنم وفي تسميتها بدنا تأويلان :
أحدهما : لكبر أبدانها ، وهو تأويل من جعلها الإبل والبقر .
والثاني : لأنها مبدنة بالسمن ، وهو تأويل من جعلها جميع النعم ، وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36من شعائر الله تأويلان :
أحدهما : من فروضه : وهو تأويل من أوجب الضحايا .
والثاني : من معالم دينه .
[ ص: 68 ] وهو تأويل من سن الضحايا ، وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36لكم فيها خير تأويلان :
أحدهما : أجر ، قاله
السدي .
والثاني : منفعة إن احتاج إلى ظهرها ركب وإن حلب لبنها شرب ، قاله
النخعي .
وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28993فاذكروا اسم الله عليها صواف وهي قراءة الجمهور تأويلان :
أحدهما : معقولة قاله
مجاهد .
والثاني : مصطفة قاله
ابن عيسى ، وقرأ
الحسن البصري : " صوافي " أي : خالصة لله ، مأخوذ من الصفوة ، وقرأ
ابن مسعود " صوافن " أي مصفونة ، وهو أن تعقل إحدى يديها حتى تقف على ثلاث قوائم مأخوذ من صفن الفرس إذا أثنى إحدى يديه حتى قام على ثلاث ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=31الصافنات الجياد . قال الشاعر :
ألف الصفون فلا يزال كأنه مما يقوم على الثلاث كسيرا
وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فإذا وجبت جنوبها تأويلان :
أحدهما : أي سقطت جنوبها إلى الأرض .
ومنه قولهم : وجبت الشمس إذا سقطت للغروب .
والثاني : طفت جنوبها بخروج الروح ، ومنه وجوب الميت إذا خرجت نفسه ، وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فكلوا منها وأطعموا ثلاثة أوجه :
أحدها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=33048_4113الأكل والإطعام واجبان .
والثاني : أنهما مستحبان .
والثالث : أن الأكل مستحب والإطعام واجب ، وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28993القانع والمعتر ثلاثة أوجه :
أحدها : أن القانع : السائل ، والمعتر : الذي يتعرض ولا يسأل . قاله
الحسن .
والثاني : أن القانع : الذي يقتنع ولا يسأل ، والمعتر : الذي يعتري فيسأل . قاله
قتادة ، وأنشد
أبو عبيدة :
له نحلة الأوفى إذا جاء عانيا وإن جاء يعرو لحمنا لم يؤنب
والثالث : أن القانع الطواف والمعتر : الصديق الزائر . قاله
زيد بن أسلم ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم [ الحج : 37 ] . وفيه تأويلان :
[ ص: 69 ] أحدهما : لن يتقبل الله الدماء ، إنما يتقبل التقوى .
والثاني : لن يصعد إلى الله لحومها ولا دماؤها ، وإنما يصعد إليه التقوى والعمل الصالح ، لأنهم كانوا في الجاهلية إذا نحروا بدنهم استقبلوا الكعبة بها ونضحوا الدماء عليها ، فأرادوا أن يفعلوا في الإسلام مثل ذلك ، فنهوا عنه
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37كذلك سخرها لكم فيه تأويلان :
أحدهما : ذللها حتى أقدركم عليها .
والثاني : سهلها لكم حتى تقربتم بها .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=28993لتكبروا الله على ما هداكم فيه تأويلان :
أحدهما : أنه التسمية عند ذبحها .
والثاني : أنه التكبير عند الإحلال بدلا من التلبية في الإحرام
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37وبشر المحسنين فيه تأويلان :
أحدهما : بالقبول .
والثاني : بالجنة ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير [ الحج : 28 ] . أما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=28993ويذكروا اسم الله ففيه قولان :
أحدهما : أمر الله بذبحها في أيام معلومات .
والثاني : التسمية بذكر الله عند ذبحها في الأيام المعلومات ، وفيها قولان :
أحدهما : أيام العشر من ذي الحجة .
والثاني : أنها أيام التشريق وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28على ما رزقهم من بهيمة الأنعام أي على نحر ما رزقهم ، وفيه تأويلان :
أحدهما : ما ملكهم .
والثاني : ما مكنهم ، وبهيمة الأنعام هي الأزواج الثمانية والضحايا والهدايا ، وفي البائس الفقير : تأويلان :
أحدهما : أنه الفقير الزمن .
والثاني : الذي به ضر الجوع وأثر البؤس .
والثالث : أنه الذي يمد يده بالسؤال ويتكفف بالطلب .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29079إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر [ الكوثر : 1 ، 2 ] . وفي الكوثر ستة تأويلات :
[ ص: 70 ] أحدها : أنه النبوة ، قاله
عكرمة .
والثاني : أنه القرآن ، قاله
الحسن .
والثالث : أنه الإسلام ، قاله
المغيرة .
والرابع : أنه الخير الكثير ، قاله
ابن عباس .
والخامس : أنه كثرة أمته ، قاله
أبو بكر بن عياش .
والسادس : أنه حوض في الجنة يكثر عليه الناس يوم القيامة ، قاله
عطاء وهو فاعل من الكوثر .
وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29079فصل لربك وانحر ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه صلاة العيد ونحر الضحايا ، قاله
سعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وقتادة .
والثاني : أنها صلاة الفرض واستقبال القبلة فيها بنحر ، قاله
أبو الأحوص .
والثالث : أن الصلاة : الدعاء ، والنحر : الشكر ، قاله بعض المتأخرين والأول أظهرها .
فهذه أربع آيات من كتاب الله تعالى تدل على الأمر بالضحايا والهدايا .
وأما السنة ، فما رواه
الشافعي في أول الكتاب ، عن
أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=925195كان يضحي بكبشين أملحين .
وفي الأملحين ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه الأبيض الشديد البياض ، وهذا قول
ثعلب .
والثاني : أنه الذي ينظر في سواد ويأكل في سواد ، ويمشي في سواد وباقيه بياض ، وهذا قول
عائشة رضي الله عنها .
والثالث : أنه الذي بياضه أكثر من سواده على الإطلاق ، وهذا قول
أبي عبيد ، وفي قصد أضحيته بالأملح وجهان :
أحدهما : ما لحسن منظره .
والثاني : لشحمه وطيب لحمه ، لأنه نوع متميز عن جنسه .
وروى
أبو سعيد الزرقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=925196ضحى بكبش أدغم . قال
ابن قتيبة : والأدغم من الكباش ما أرنبته وما تحت حنكه سواد وباقيه بياض .
وروى
أبو رملة عن
مخنف بن سليم قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925197على كل [ ص: 71 ] مسلم في كل عام أضحاة وعتيرة ، والعتيرة ذبيحة كانت تذبح في رجب ، كما تذبح الأضحية في ذي الحجة ، فنسخت العتيرة وبقيت الأضحية .
وروى
الشافعي عن
سفيان عن
الزهري عن
ابن المسيب عن
أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925198لا فرعة ولا عتيرة قال
الشافعي : والفرعة في كلام العرب أول ما تنتج الناقة ، يقولون : لا يملكها ويذبحها رجاء البركة في لبنها وكثرة نسلها .
القول في
nindex.php?page=treesubj&link=3977حكم الأضحية
فإذا ثبت أن الضحايا مأمور بها ، فقد اختلف الفقهاء في وجوبها على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب
الشافعي ، أنها سنة مؤكدة ، وليست بواجبة على مقيم ولا مسافر ، وهو قول أكثر الصحابة والتابعين .
وبه قال
أحمد بن حنبل وأبو يوسف ومحمد .
والمذهب الثاني : وهو قول
مالك : أنها واجبة على المقيم والمسافر ، وبه قال
ربيعة والأوزاعي ،
والليث بن سعد .
والمذهب الثالث : - وهو قول
أبي حنيفة - أنها واجبة على المقيم دون المسافر احتجاجا في الوجوب ، يقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فصل لربك وانحر [ الكوثر : 2 ] . وهذا أمر ، وبحديث
أبي رملة عن
مخنف بن سليم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925197على كل مسلم في كل عام أضحاة وعتيرة وبرواية
أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
من لم يضح فلا يشهد مصلانا وهذا وعيد يدل على الوجوب ، وبرواية
بشر بن يسار أن
أبا بردة بن نيار ذبح أضحية قبل الصلاة ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد ، فدل الأمر بالإعادة على الوجوب ، قالوا : ولأن حقوق الأموال إذا اختصت بالعيد وجبت كالفطرة ، قالوا : ولأن ما وجب بالنذر كان له أصل وجوب في الشرع كالعتق ، ولأن توقيت زمانها والنهي عن معيبها دليل على وجوبها ، كالزكوات ، ودليلنا : ما رواه
مندل عن
ابن خباب عن
ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
الأضاحي علي فريضة وعليكم سنة وهذا نص .
[ ص: 72 ] وروى
عكرمة عن
ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم : الوتر والنحر والسواك .
وروى
سعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925202إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا فعلق الأضحية بالإرادة ، ولو وجبت لحتمها ، فإن قيل : فقد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925203من أراد منكم الجمعة فليغتسل فلم يدل تعليق الجمعة على الإرادة على أنها غير واجبة ، كذلك الأضحية ، قلنا : إنما علق بالإرادة الغسل دون الجمعة ، والغسل ليس بواجب فكذلك الأضحية .
وروي عن الصحابة رضي الله عنهم ما ينعقد به الإجماع على سقوط الوجوب ، فروي عن
أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يرى أنها واجبة .
وروي عن
أبي مسعود البدري ، أنه قال : لا أضحي وأنا موسر لئلا يقدر جيراني أنها واجبة علي .
وروي عن
ابن عباس ، أنه أعطى
عكرمة درهمين ، وأمره أن يشتري بها لحما ، وقال : من سألك عن هذا فقل : هذه أضحية
ابن عباس .
فإن قيل : فلعل ذلك لعدم ، قيل : قد روي عن
ابن عباس أنه قال : عندي نفقة ثمانين سنة ، كل يوم ألف .
ومن القياس : أنه إراقة دم ،
nindex.php?page=treesubj&link=3980لا تجب على المسافر ، فلا تجب على الحاضر كالعقيقة ، ولأن من لم تجب عليه العقيقة لم تجب عليه الأضحية كالمسافر ، ولأنها أضحية لا تجب على المسافر فلم تجب على الحاضر ، كالواجد لأقل من نصاب ، ولأن ما سقط وجوبه بفوات وقته مع إمكان القضاء سقط وجوبه في وقته مع إمكان الأداء ، كسائر السنن طردا ، وجميع الفروض عكسا ، ولأن كل ذبيحة حل له الأكل منها لم يجب عليها ذبحها كالتطوع طردا ، ودم المناسك عكسا .
فأما الجواب عن الآية ، فهو ما ذكرناه ، من اختلاف التأويل فيها ، ثم لا يمنع حملها على الاستحباب ، لما ذكرنا .
وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925197على كل مسلم في كل عام أضحاة وعتيرة فمن وجهين :
[ ص: 73 ] أحدهما : أن رواية
أبي رملة عن
مخنف بن سليم ، وهما مجهولان عند أصحاب الحديث .
والثاني : أن جمعه بين الأضحية والعتيرة دليل على اشتراكهما في الحكم .
والعتيرة غير واجبة ، فكذلك الأضحية .
وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم :
من لم يضح ، فلا يشهد مصلانا فمن وجهين :
أحدهما : أنه جمع في الترك بين الأضحية ، والتأخر عن الصلاة ، والصلاة سنة ، فكذلك الأضحية ، ويكون معناه : أن من ترك ما أمرناه من الأضحية ، فليترك ما أمرناه من الصلاة .
والثاني : أن هذا زجر يتوجه إلى الاستحباب دون الوجوب ، كما قال :
nindex.php?page=treesubj&link=33223من أكل من هذه البقلة شيئا ، فلا يقربن مصلانا .
فأما الواجبات ، فالأمر بها ، وإلزام فعلها ، أبلغ في الوجوب من هذا الزجر .
وأما حديث
أبي بردة فمحمول على أحد وجهين : إما على الإعادة استحبابا ، وإما على الوجوب ، لأنها كانت نذرا .
وأما الجواب عن قياسهم على زكاة الفطر ، فهو أن زكاة الفطر لما استوى فيها الحاضر والمسافر ، ولزم قضاؤها مع الفوات ، وخلف منها لأضحية ، جاز أن تجب زكاة الفطر ، ولم تجب الأضحية .
وأما الجواب عن قياسهم بأن ما وجب بالنذر كان له أصل في الشرع ، فهو أن له في الشرع أصلا في دماء الحج ، فلم يحتج أن تكون الأضحية له أصلا .
وأما الجواب عن استدلالهم بوقتها ، والامتناع من العيوب فيها ، فهو أن هذين معتبران في حق المسافر ، وإن لم تجب عليه ، فكذلك اعتبارها في حق الحاضر لا يقتضي وجوبها عليه ، والله أعلم .
القول في أخذ المضحي من شعره وبشره في عشر ذي الحجة
[ ص: 67 ] كِتَابُ الضَّحَايَا
مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ وَمِنْ إِمْلَاءٍ عَلَى كِتَابِ
أَشْهَبَ
وَمِنْ كِتَابِ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ
قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " أَخْبَرَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=925192أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ ، وَقَالَ
أَنَسٌ : وَأَنَا أُضَحِّي أَيْضًا بِكَبْشَيْنِ ، وَقَالَ
أَنَسٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925193ضَحَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ، وَذَبَحَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نَيَّارٍ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْأَضْحَى ، فَزَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ لِضَحِيَّةٍ أُخْرَى ، فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ : لَا أَجِدُ إِلَّا جَذَعًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا جَذَعًا فَاذْبَحْهُ ، قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَاحْتَمَلَ أَمْرُهُ بِالْإِعَادَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ ، وَاحْتَمَلَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، فَلَمَّا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925194إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ ، فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ ، وَبَلَغَنَا أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُرَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ ، وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ اشْتَرَى بِدِرْهَمَيْنِ لَحْمًا ، فَقَالَ : هَذِهِ أُضْحِيَّةُ
ابْنِ عَبَّاسٍ .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3977مَشْرُوعِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ
فَصْلٌ : قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=3975وَالْأَصْلُ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ [ الْحَجِّ : 36 ] الْآيَةَ ، إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ . أَمَّا الْبُدْنُ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا الْإِبِلُ خَاصَّةً ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ ، وَهُوَ قَوْلُ
جَابِرٍ وَعَطَاءٍ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا النَّعَمُ كُلُّهَا مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَفِي تَسْمِيَتِهَا بُدْنًا تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : لِكِبَرِ أَبْدَانِهَا ، وَهُوَ تَأْوِيلُ مَنْ جَعَلَهَا الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ .
وَالثَّانِي : لِأَنَّهَا مُبَدَّنَةٌ بِالسِّمَنِ ، وَهُوَ تَأْوِيلُ مَنْ جَعَلَهَا جَمِيعَ النَّعَمِ ، وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : مِنْ فُرُوضِهِ : وَهُوَ تَأْوِيلُ مَنْ أَوْجَبَ الضَّحَايَا .
وَالثَّانِي : مِنْ مَعَالِمِ دِينِهِ .
[ ص: 68 ] وَهُوَ تَأْوِيلُ مَنْ سَنَّ الضَّحَايَا ، وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَجْرٌ ، قَالَهُ
السُّدِّيُّ .
وَالثَّانِي : مَنْفَعَةٌ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ظَهْرِهَا رَكِبَ وَإِنْ حَلَبَ لَبَنَهَا شَرِبَ ، قَالَهُ
النَّخَعِيُّ .
وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28993فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَعْقُولَةٌ قَالَهُ
مُجَاهِدٌ .
وَالثَّانِي : مُصْطَفَّةٌ قَالَهُ
ابْنُ عِيسَى ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : " صَوَافِيَ " أَيْ : خَالِصَةٌ لِلَّهِ ، مَأْخُوذٌ مِنَ الصَّفْوَةِ ، وَقَرَأَ
ابْنُ مَسْعُودٍ " صَوَافِنَ " أَيْ مَصْفُونَةٌ ، وَهُوَ أَنْ تُعْقَلَ إِحْدَى يَدَيْهَا حَتَّى تَقِفَ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ مَأْخُوذٌ مِنْ صَفَنَ الْفَرَسُ إِذَا أَثْنَى إِحْدَى يَدَيْهِ حَتَّى قَامَ عَلَى ثَلَاثٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=31الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
أَلِفَ الصُّفُونَ فَلَا يَزَالُ كَأَنَّهُ مِمَّا يَقُومُ عَلَى الثَّلَاثِ كَسِيرَا
وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَيْ سَقَطَتْ جُنُوبُهَا إِلَى الْأَرْضِ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : وَجَبَتِ الشَّمْسُ إِذَا سَقَطَتْ لِلْغُرُوبِ .
وَالثَّانِي : طَفَتْ جُنُوبُهَا بِخُرُوجِ الرُّوحِ ، وَمِنْهُ وُجُوبُ الْمَيْتِ إِذَا خَرَجَتْ نَفْسُهُ ، وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33048_4113الْأَكْلَ وَالْإِطْعَامَ وَاجِبَانِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ الْأَكْلَ مُسْتَحَبٌّ وَالْإِطْعَامَ وَاجِبٌ ، وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28993الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْقَانِعَ : السَّائِلُ ، وَالْمُعْتَرَّ : الَّذِي يَتَعَرَّضُ وَلَا يَسْأَلُ . قَالَهُ
الْحَسَنُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْقَانِعَ : الَّذِي يَقْتَنِعُ وَلَا يَسْأَلُ ، وَالْمُعْتَرُّ : الَّذِي يَعْتَرِي فَيَسْأَلُ . قَالَهُ
قَتَادَةُ ، وَأَنْشَدَ
أَبُو عُبَيْدَةَ :
لَهُ نِحْلَةُ الْأَوْفَى إِذَا جَاءَ عَانِيًا وَإِنْ جَاءَ يَعْرُو لَحْمَنَا لَمْ يُؤَنَّبِ
وَالثَّالِثُ : أَنَّ الْقَانِعَ الطَّوَّافُ وَالْمُعْتَرَّ : الصَّدِيقُ الزَّائِرُ . قَالَهُ
زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [ الْحَجِّ : 37 ] . وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ :
[ ص: 69 ] أَحَدُهُمَا : لَنْ يَتَقَبَّلَ اللَّهُ الدِّمَاءَ ، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ التَّقْوَى .
وَالثَّانِي : لَنْ يَصْعَدَ إِلَى اللَّهِ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا ، وَإِنَّمَا يَصْعَدُ إِلَيْهِ التَّقْوَى وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا نَحَرُوا بُدْنَهُمُ اسْتَقْبَلُوا الْكَعْبَةَ بِهَا وَنَضَحُوا الدِّمَاءَ عَلَيْهَا ، فَأَرَادُوا أَنْ يَفْعَلُوا فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَنُهُوا عَنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : ذَلَّلَهَا حَتَّى أَقْدَرَكُمْ عَلَيْهَا .
وَالثَّانِي : سَهَّلَهَا لَكُمْ حَتَّى تَقَرَّبْتُمْ بِهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37nindex.php?page=treesubj&link=28993لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ ذَبْحِهَا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ التَّكْبِيرُ عِنْدَ الْإِحْلَالِ بَدَلًا مِنَ التَّلْبِيَةِ فِي الْإِحْرَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=37وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : بِالْقَبُولِ .
وَالثَّانِي : بِالْجَنَّةِ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [ الْحَجِّ : 28 ] . أَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=28993وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَمْرُ اللَّهِ بِذَبْحِهَا فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ .
وَالثَّانِي : التَّسْمِيَةُ بِذِكْرِ اللَّهِ عِنْدَ ذَبْحِهَا فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ ، وَفِيهَا قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَيَّامُ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَيْ عَلَى نَحْرِ مَا رَزَقَهُمْ ، وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَا مَلَّكَهُمْ .
وَالثَّانِي : مَا مَكَّنَهُمْ ، وَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ هِيَ الْأَزْوَاجُ الثَّمَانِيَةُ وَالضَّحَايَا وَالْهَدَايَا ، وَفِي الْبَائِسِ الْفَقِيرِ : تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الْفَقِيرُ الزَّمِنُ .
وَالثَّانِي : الَّذِي بِهِ ضُرُّ الْجُوعِ وَأَثَرُ الْبُؤْسِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ الَّذِي يَمُدُّ يَدَهُ بِالسُّؤَالِ وَيَتَكَفَّفُ بِالطَّلَبِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29079إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [ الْكَوْثَرِ : 1 ، 2 ] . وَفِي الْكَوْثَرِ سِتَّةُ تَأْوِيلَاتٍ :
[ ص: 70 ] أَحَدُهَا : أَنَّهُ النُّبُوَّةُ ، قَالَهُ
عِكْرِمَةُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ الْقُرْآنُ ، قَالَهُ
الْحَسَنُ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ الْإِسْلَامُ ، قَالَهُ
الْمُغِيرَةُ .
وَالرَّابِعُ : أَنَّهُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ ، قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ .
وَالْخَامِسُ : أَنَّهُ كَثْرَةُ أُمَّتِهِ ، قَالَهُ
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ .
وَالسَّادِسُ : أَنَّهُ حَوْضٌ فِي الْجَنَّةِ يَكْثُرُ عَلَيْهِ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَهُ
عَطَاءٌ وَهُوَ فَاعِلٌ مِنَ الْكَوْثَرِ .
وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29079فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ صَلَاةُ الْعِيدِ وَنَحْرُ الضَّحَايَا ، قَالَهُ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا صَلَاةُ الْفَرْضِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِيهَا بِنَحْرٍ ، قَالَهُ
أَبُو الْأَحْوَصِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ الصَّلَاةَ : الدُّعَاءُ ، وَالنَّحْرَ : الشُّكْرُ ، قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُهَا .
فَهَذِهِ أَرْبَعُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى تَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِالضَّحَايَا وَالْهَدَايَا .
وَأَمَّا السُّنَّةُ ، فَمَا رَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=925195كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ .
وَفِي الْأَمْلَحَيْنِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ الْأَبْيَضُ الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ ، وَهَذَا قَوْلُ
ثَعْلَبٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ وَبَاقِيهِ بَيَاضٌ ، وَهَذَا قَوْلُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَهَذَا قَوْلُ
أَبِي عُبَيْدٍ ، وَفِي قَصْدِ أُضْحِيَّتِهِ بِالْأَمْلَحِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَا لِحُسْنِ مَنْظَرِهِ .
وَالثَّانِي : لِشَحْمِهِ وَطِيبِ لَحْمِهِ ، لِأَنَّهُ نَوْعٌ مُتَمَيِّزٌ عَنْ جِنْسِهِ .
وَرَوَى
أَبُو سَعِيدٍ الزُّرَقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=925196ضَحَّى بَكَبْشٍ أَدْغَمَ . قَالَ
ابْنُ قُتَيْبَةَ : وَالْأَدْغَمُ مِنَ الْكِبَاشِ مَا أَرْنَبَتُهُ وَمَا تَحْتَ حَنَكِهِ سَوَادٌ وَبَاقِيهِ بَيَاضٌ .
وَرَوَى
أَبُو رَمْلَةَ عَنْ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925197عَلَى كُلِّ [ ص: 71 ] مُسْلِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ ، وَالْعَتِيرَةُ ذَبِيحَةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ ، كَمَا تُذْبَحُ الْأُضْحِيَّةُ فِي ذِي الْحِجَّةِ ، فَنُسِخَتِ الْعَتِيرَةُ وَبَقِيَتِ الْأُضْحِيَّةُ .
وَرَوَى
الشَّافِعِيُّ عَنْ
سُفْيَانَ عَنِ
الزُّهْرِيِّ عَنِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925198لَا فَرَعَةَ وَلَا عَتِيرَةَ قَالَ
الشَّافِعِيُّ : وَالْفَرَعَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَوَّلُ مَا تُنْتَجُ النَّاقَةُ ، يَقُولُونَ : لَا يَمْلِكُهَا وَيَذْبَحُهَا رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي لَبَنِهَا وَكَثْرَةِ نَسْلِهَا .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3977حُكْمِ الْأُضْحِيَّةِ
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الضَّحَايَا مَأْمُورٌ بِهَا ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ :
أَحَدُهَا : وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ ، أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَى مُقِيمٍ وَلَا مُسَافِرٍ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ .
وَبِهِ قَالَ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ .
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ : أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ ، وَبِهِ قَالَ
رَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ .
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ : - وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ - أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِ دُونَ الْمُسَافِرِ احْتِجَاجًا فِي الْوُجُوبِ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [ الْكَوْثَرِ : 2 ] . وَهَذَا أَمْرٌ ، وَبِحَدِيثِ
أَبِي رَمْلَةَ عَنْ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925197عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ وَبِرِوَايَةِ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
مَنْ لَمْ يُضَحِّ فَلَا يَشْهَدْ مُصَلَّانَا وَهَذَا وَعِيدٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَبِرِوَايَةِ
بِشْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ
أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ ذَبَحَ أُضْحِيَّةً قَبْلَ الصَّلَاةِ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعِيدَ ، فَدَلَّ الْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ عَلَى الْوُجُوبِ ، قَالُوا : وَلِأَنَّ حُقُوقَ الْأَمْوَالِ إِذَا اخْتُصَّتْ بِالْعِيدِ وَجَبَتْ كَالْفِطْرَةِ ، قَالُوا : وَلِأَنَّ مَا وَجَبَ بِالنَّذْرِ كَانَ لَهُ أَصْلُ وُجُوبٍ فِي الشَّرْعِ كَالْعِتْقِ ، وَلِأَنَّ تَوْقِيتَ زَمَانِهَا وَالنَّهْيَ عَنْ مَعِيبِهَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا ، كَالزَّكَوَاتِ ، وَدَلِيلُنَا : مَا رَوَاهُ
مِنْدَلٌ عَنِ
ابْنِ خَبَّابٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
الْأَضَاحِيُّ عَلَيَّ فَرِيضَةٌ وَعَلَيْكُمْ سُنَّةٌ وَهَذَا نَصٌّ .
[ ص: 72 ] وَرَوَى
عِكْرِمَةُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ : الْوِتْرُ وَالنَّحْرُ وَالسِّوَاكُ .
وَرَوَى
سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925202إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا فَعَلَّقَ الْأُضْحِيَّةَ بِالْإِرَادَةِ ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَحَتَّمَهَا ، فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925203مَنْ أَرَادَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ فَلَمْ يَدُلَّ تَعْلِيقُ الْجُمُعَةِ عَلَى الْإِرَادَةِ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ ، كَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ ، قُلْنَا : إِنَّمَا عَلَّقَ بِالْإِرَادَةِ الْغُسْلَ دُونَ الْجُمُعَةِ ، وَالْغُسْلُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ .
وَرُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِجْمَاعُ عَلَى سُقُوطِ الْوُجُوبِ ، فَرُوِيَ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ مَخَافَةَ أَنْ يُرَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ .
وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا أُضَحِّي وَأَنَا مُوسِرٌ لِئَلَّا يُقَدِّرَ جِيرَانِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيَّ .
وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ أَعْطَى
عِكْرِمَةَ دِرْهَمَيْنِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا لَحْمًا ، وَقَالَ : مَنْ سَأَلَكَ عَنْ هَذَا فَقُلْ : هَذِهِ أُضْحِيَّةُ
ابْنِ عَبَّاسٍ .
فَإِنْ قِيلَ : فَلَعَلَّ ذَلِكَ لِعُدْمٍ ، قِيلَ : قَدْ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : عِنْدِي نَفَقَةُ ثَمَانِينَ سَنَةً ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفٌ .
وَمِنَ الْقِيَاسِ : أَنَّهُ إِرَاقَةُ دَمٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3980لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ ، فَلَا تَجِبُ عَلَى الْحَاضِرِ كَالْعَقِيقَةِ ، وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْعَقِيقَةُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ كَالْمُسَافِرِ ، وَلِأَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْحَاضِرِ ، كَالْوَاجِدِ لِأَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ ، وَلِأَنَّ مَا سَقَطَ وُجُوبُهُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ مَعَ إِمْكَانِ الْقَضَاءِ سَقَطَ وُجُوبُهُ فِي وَقْتِهِ مَعَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ ، كَسَائِرِ السُّنَنِ طَرْدًا ، وَجَمِيعِ الْفُرُوضِ عَكْسًا ، وَلِأَنَّ كُلَّ ذَبِيحَةٍ حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا ذَبْحُهَا كَالتَّطَوُّعِ طَرْدًا ، وَدَمِ الْمَنَاسِكِ عَكْسًا .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ ، فَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ ، مِنِ اخْتِلَافِ التَّأْوِيلِ فِيهَا ، ثُمَّ لَا يُمْنَعُ حَمْلُهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ، لِمَا ذَكَرْنَا .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925197عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ فَمِنْ وَجْهَيْنِ :
[ ص: 73 ] أَحَدُهُمَا : أَنَّ رِوَايَةَ
أَبِي رَمْلَةَ عَنْ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ ، وَهُمَا مَجْهُولَانِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ جَمْعَهُ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَتِيرَةِ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُكْمِ .
وَالْعَتِيرَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ ، فَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
مَنْ لَمْ يُضَحِّ ، فَلَا يَشْهَدْ مُصَلَّانَا فَمِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ جَمَعَ فِي التَّرْكِ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ ، وَالتَّأَخُّرِ عَنِ الصَّلَاةِ ، وَالصَّلَاةُ سُنَّةٌ ، فَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ : أَنَّ مَنْ تَرَكَ مَا أَمَرْنَاهُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ ، فَلْيَتْرُكْ مَا أَمَرْنَاهُ مِنَ الصَّلَاةِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ هَذَا زَجْرٌ يَتَوَجَّهُ إِلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=33223مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ شَيْئًا ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا .
فَأَمَّا الْوَاجِبَاتُ ، فَالْأَمْرُ بِهَا ، وَإِلْزَامُ فِعْلِهَا ، أَبْلَغُ فِي الْوُجُوبِ مِنْ هَذَا الزَّجْرِ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
أَبِي بُرْدَةَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إِمَّا عَلَى الْإِعَادَةِ اسْتِحْبَابًا ، وَإِمَّا عَلَى الْوُجُوبِ ، لِأَنَّهَا كَانَتْ نَذْرًا .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ ، فَهُوَ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَمَّا اسْتَوَى فِيهَا الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ ، وَلَزِمَ قَضَاؤُهَا مَعَ الْفَوَاتِ ، وَخَلَفَ مِنْهَا لِأُضْحِيَّةٍ ، جَازَ أَنْ تَجِبَ زَكَاةُ الْفِطْرِ ، وَلَمْ تَجِبِ الْأُضْحِيَّةُ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ بِأَنَّ مَا وَجَبَ بِالنَّذْرِ كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ ، فَهُوَ أَنَّ لَهُ فِي الشَّرْعِ أَصْلًا فِي دِمَاءِ الْحَجِّ ، فَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ لَهُ أَصْلًا .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِوَقْتِهَا ، وَالِامْتِنَاعِ مِنَ الْعُيُوبِ فِيهَا ، فَهُوَ أَنَّ هَذَيْنِ مُعْتَبَرَانِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ ، فَكَذَلِكَ اعْتِبَارُهَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْقَوْلُ فِي أَخْذِ الْمُضَحِّي مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ