nindex.php?page=treesubj&link=16918ما يقطع من الحيوان عند الذبح
مسألة : قال
الشافعي : " قال : والذكاة في الحلق واللبة ، وهي ما لا حياة بعده إذا قطع وكمالها بأربع : الحلقوم والمريء والودجين ، وأقل ما يجزئ من الذكاة أن يبين الحلقوم والمريء ، وإنما أريد بفري الأوداج لأنها لا تفرى إلا بعد قطع الحلقوم والمريء والودجان عرقان قد ينسلان من الإنسان والبهيمة ثم يحيا " .
قال
الماوردي : أما
nindex.php?page=treesubj&link=16914الذكاة في اللغة فقد ذكرنا أن فيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها التطييب من قولهم : رائحة ذكية ، أي طيبة ، فسمى بها ذبح الحيوان : لما فيه من تطييب أكله .
والوجه الثاني : أنها القطع ، فسمي بها ذبح الحيوان لقطعه .
والوجه الثالث : أنها القتل فسمي بها ذبح الحيوان لقتله ، والذكاة حالتان : كمال ، وإجزاء .
فأما حال الكمال ، فيكون بقطع أربعة : الحلقوم والمريء والودجين ، فأما الحلقوم فهو مجرى النفس في مقدم الرقبة ، وأما المريء فهو مجرى الطعام والشراب يلي الحلقوم ، وبهما توجد الحياة ، وبفقدهما تفقد الحياة ، وأما الودجان فهما عرقان في جنبي العنق من مقدمه ، ولا تفوت الحياة بفواتهما .
قال
الشافعي : لأنهما قد ينسلان من الإنسان والبهيمة ثم يحييان ، والودجان اسم لهما في البهيمة ، ويسميان في الإنسان الوريدين ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=16ونحن أقرب إليه من حبل الوريد [ ق : 16 ] ولكن لما ذكره
الشافعي في الإنسان والبهيمة سماه فيهما باسم واحد إفهاما للعامة ، فهذا حال الكمال في الذكاة بقطع هذه الأربعة .
وأما حال الجواز فقد اختلف الفقهاء فيه على أربعة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب
الشافعي أن إجزاء الذبح بقطع الحلقوم والمريء دون
[ ص: 88 ] الودجين ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=16918_17005_16950قطع الحلقوم والمريء ، واستثنى الودجين حل الذبح ، وإن كان استبقاء الودجين بعد قطع الحلقوم متعذرا لا يتكلف : لأنهما يكتنفان الحلقوم والمريء من جانبهما ، فإن تكلف واستبقاهما جاز .
والمذهب الثاني : وهو قول
مالك أنه لا يحل الذبح إلا بقطع الأربعة كلها ، فإن استبقى منها شيئا لم تحل .
والمذهب الثالث : وهو قول
أبي حنيفة أنه لا تحل الذبيحة إلا بقطع أكثر الأربعة كلها ، إذا قطع من كل واحد منهما أكثره وترك أقله حل ، فإن ترك منها واحدا لم يقطع أكثره لم تحل .
والمذهب الرابع : وهو قول
أبي يوسف لا تحل إلا بقطع أكثرها عددا ، وهو الحلقوم والمريء وأحد الودجين احتجاجا برواية
أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
ما فرى الأوداج فكلوا ما لم يكن قرض ناب أو حز طعن فجعل فري الأوداج شرطا في الإباحة : ولأن مخرج الدم من الأوداج ، فكان قطعها أخص بالذكاة ، ودليلنا ما رواه
الشافعي ، عن
سفيان ، عن
عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن
عباية بن رفاعة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=925229عن رافع بن خديج ، قال : قلنا : يا رسول الله ! إنا لاقوا العدو غدا ، أفنذكي بالليطة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه ، إلا ما كان من سن أو ظفر ، فإن السن عظم من الأسنان ، والظفر مدى الحبشة فاعتبرها بما أنهر الدم ، وقطع الحلقوم والمريء منهر للدم ، فتعلق به الإجزاء ، ولأن مقصود الذكاة فوات النفس بأخف ألم : لرواية
شداد بن أوس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924731إن الله كتب على كل شيء الإحسان ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحتهوالأسهل في فوات الروح انقطاع النفس ، وهو بقطع الحلقوم أخص ، وبقطع المريء ، لأنه مسلك الجوف ، وليس بعد قطعهما حياة ، والودجان قد يسلان من الإنسان والبهيمة فيعيشان ، فكان اعتبار الذكاة بما لا تبقى معه حياة أولى من اعتبارها بما تبقى معه حياة .
[ ص: 89 ] وأما الجواب عن قوله :
ما فرى الأوداج ، فكلوا فهو أنه غير مستعمل الظاهر : لأن فري الأوداج مع بقاء الحلقوم والمريء غير مبيح ، فصار ظاهره متروكا .
فإن قيل : عدم الاقتصار عليه لا يمنع من دخوله في عموم الشرط .
قيل : يدخل في عموم الكمال ، ولا يدخل في عموم الإجزاء .
فأما الجواب عن قولهم : إنه خص بمخرج الدم ، فهو أن المقصود بالذكاة خروج الروح ، وخروجها بانقطاع النفس من الحلقوم ، وخروج الدم تابع .
nindex.php?page=treesubj&link=16918مَا يُقْطَعُ مِنَ الْحَيَوَانِ عِنْدَ الذَّبْحِ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " قَالَ : وَالذَّكَاةُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ ، وَهِيَ مَا لَا حَيَاةَ بَعْدَهُ إِذَا قُطِعَ وَكَمَالُهَا بِأَرْبَعٍ : الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ ، وَأَقَلُّ مَا يُجَزِئُ مِنَ الذَّكَاةِ أَنْ يَبِينَ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِفَرْيِ الْأَوْدَاجِ لِأَنَّهَا لَا تُفْرَى إِلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَانِ عِرْقَانِ قَدْ يَنْسَلَّانِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ ثُمَّ يَحْيَا " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16914الذَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا التَّطَّيْيِبُ مِنْ قَوْلِهِمْ : رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ ، أَيْ طَيِّبَةٌ ، فَسَمَّى بِهَا ذَبْحَ الْحَيَوَانِ : لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْيِيبِ أَكْلِهِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهَا الْقَطْعُ ، فَسُمِّيَ بِهَا ذَبْحُ الْحَيَوَانِ لِقَطْعِهِ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّهَا الْقَتْلُ فَسُمِّيَ بِهَا ذَبْحُ الْحَيَوَانِ لِقَتْلِهِ ، وَالذَّكَاةُ حَالَتَانِ : كَمَالٌ ، وَإِجْزَاءٌ .
فَأَمَّا حَالُ الْكَمَالِ ، فَيَكُونُ بِقَطْعِ أَرْبَعَةٍ : الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ ، فَأَمَّا الْحُلْقُومُ فَهُوَ مَجْرَى النَّفْسِ فِي مُقَدَّمِ الرَّقَبَةِ ، وَأَمَّا الْمَرِيءُ فَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يَلِي الْحُلْقُومَ ، وَبِهِمَا تُوجَدُ الْحَيَاةُ ، وَبِفَقْدِهِمَا تُفْقَدُ الْحَيَاةُ ، وَأَمَّا الْوَدَجَانِ فَهُمَا عِرْقَانِ فِي جَنْبَيِ الْعُنُقِ مِنْ مُقَدَّمِهِ ، وَلَا تَفُوتُ الْحَيَاةُ بِفَوَاتِهِمَا .
قَالَ
الشَّافِعِيُّ : لِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْسَلَّانِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ ثُمَّ يَحْيَيَانِ ، وَالْوَدَجَانِ اسْمٌ لَهُمَا فِي الْبَهِيمَةِ ، وَيُسَمَّيَانِ فِي الْإِنْسَانِ الْوَرِيدَيْنِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=16وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ ق : 16 ] وَلَكِنْ لَمَّا ذَكَرَهُ
الشَّافِعِيُّ فِي الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ سَمَّاهُ فِيهِمَا بِاسْمٍ وَاحِدٍ إِفْهَامًا لِلْعَامَّةِ ، فَهَذَا حَالُ الْكَمَالِ فِي الذَّكَاةِ بِقَطْعِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ .
وَأَمَّا حَالُ الْجَوَازِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ :
أَحَدُهَا : وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ أَنَّ إِجْزَاءَ الذَّبْحِ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ دُونَ
[ ص: 88 ] الْوَدَجَيْنِ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16918_17005_16950قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ ، وَاسْتَثْنَى الْوَدَجَيْنِ حَلَّ الذَّبْحُ ، وَإِنْ كَانَ اسْتِبْقَاءُ الْوَدَجَيْنِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ مُتَعَذِّرًا لَا يَتَكَلَّفُ : لِأَنَّهُمَا يَكْتَنِفَانِ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ مِنْ جَانِبِهِمَا ، فَإِنْ تَكَلَّفَ وَاسْتَبْقَاهُمَا جَازَ .
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الذَّبْحُ إِلَّا بِقَطْعِ الْأَرْبَعَةِ كُلِّهَا ، فَإِنِ اسْتَبْقَى مِنْهَا شَيْئًا لَمْ تَحِلَّ .
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ الذَّبِيحَةُ إِلَّا بِقَطْعِ أَكْثَرِ الْأَرْبَعَةِ كُلِّهَا ، إِذَا قَطَعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرَهُ وَتَرَكَ أَقَلَّهُ حَلَّ ، فَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا وَاحِدًا لَمْ يَقْطَعْ أَكْثَرَهُ لَمْ تَحِلَّ .
وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي يُوسُفَ لَا تَحِلُّ إِلَّا بِقَطْعِ أَكْثَرِهَا عَدَدًا ، وَهُوَ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ وَأَحَدُ الْوَدَجَيْنِ احْتِجَاجًا بِرِوَايَةِ
أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
مَا فَرَى الْأَوْدَاجَ فَكُلُوا مَا لَمْ يَكُنْ قَرْضَ نَابٍ أَوْ حَزَّ طَعْنٍ فَجَعَلَ فَرْيَ الْأَوْدَاجِ شَرْطًا فِي الْإِبَاحَةِ : وَلِأَنَّ مَخْرَجَ الدَّمِ مِنَ الْأَوْدَاجِ ، فَكَانَ قَطْعُهَا أَخَصَّ بِالذَّكَاةِ ، وَدَلِيلُنَا مَا رَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ
عَبَايَةَ بْنِ رَفَاعَةَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=925229عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّا لَاقُوا الْعَدُوَّ غَدًا ، أَفَنُذَكِّي بِاللِّيطَةِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ ، فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ مِنَ الْأَسْنَانِ ، وَالظُّفْرَ مُدَى الْحَبَشَةِ فَاعْتَبَرَهَا بِمَا أَنْهَرَ الدَّمَ ، وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءُ مَنْهَرٌ لِلدَّمِ ، فَتَعَلَّقَ بِهِ الْإِجْزَاءُ ، وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الذَّكَاةِ فَوَاتُ النَّفْسِ بِأَخَفِّ أَلَمٍ : لِرِوَايَةِ
شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924731إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الْإِحْسَانَ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وَلِيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُوَالْأَسْهَلُ فِي فَوَاتِ الرُّوحِ انْقِطَاعُ النَّفَسِ ، وَهُوَ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ أَخَصُّ ، وَبِقِطَعِ الْمَرِيءِ ، لِأَنَّهُ مَسْلَكُ الْجَوْفِ ، وَلَيْسَ بَعْدَ قَطْعِهِمَا حَيَاةٌ ، وَالْوَدَجَانِ قَدْ يُسَلَّانِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهِيمَةِ فَيَعِيشَانِ ، فَكَانَ اعْتِبَارُ الذَّكَاةِ بِمَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِهَا بِمَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ .
[ ص: 89 ] وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ :
مَا فَرَى الْأَوْدَاجَ ، فَكُلُوا فَهُوَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلِ الظَّاهِرِ : لِأَنَّ فَرْيَ الْأَوْدَاجِ مَعَ بَقَاءِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ غَيْرُ مُبِيحٍ ، فَصَارَ ظَاهِرُهُ مَتْرُوكًا .
فَإِنْ قِيلَ : عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِهِ فِي عُمُومِ الشَّرْطِ .
قِيلَ : يَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْكَمَالِ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْإِجْزَاءِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ : إِنَّهُ خُصَّ بِمَخْرَجِ الدَّمِ ، فَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّكَاةِ خُرُوجُ الرُّوحِ ، وَخُرُوجُهَا بِانْقِطَاعِ النَّفْسِ مِنَ الْحُلْقُومِ ، وَخُرُوجُ الدَّمِ تَابِعٌ .