مسألة : قال  الشافعي      : ولا أكره الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنها إيمان بالله . قال عليه الصلاة والسلام : أخبرني  جبريل   عن الله جل ذكره أنه قال :  من صلى عليك صليت عليه   [ ص: 96 ] قال  الماوردي      : أما  الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذبح   ، فليست واجبة إجماعا ، ولا مكروهة عندنا ، واختلف أصحابنا في استحبابها على وجهين :  
أحدهما : أشار إليه  الشافعي   في الأم أنها مستحبة .  
والوجه الثاني : هو قول  أبي علي بن أبي هريرة   أنها غير مستحبة ولا مكروهة ، وكرهها  مالك   وأبو حنيفة   احتجاجا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  موطنان لا أذكر فيهما عند الذبيحة والعطاس     : ولأنه يسير بذكره مما أهل به لغير الله ، فوجب أن يكون مكروها ، ودليلنا قول الله تعالى :  ورفعنا لك ذكرك      [ الشرح : 4 ] قيل : معناه لا أذكر إلا ذكرت معي ، وقال تعالى :  إن الله وملائكته يصلون على النبي      [ الأحزاب : 56 ] الآية ، فكان عند القرب بالذبائح أولى أن يكون مذكورا ، قال  الشافعي      : وخشيت أن يكون الشيطان أدخل على بعض أهل الجهالة أن كرهوا الصلاة عليه عند الذبيحة لموضع غفلتهم أو لا يرى ، لما رواه  عبد الرحمن بن عوف   قال :  كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبقني ، فجئت فرأيته ساجدا ، فأقمت طويلا ، فلما رفع رأسه قلت : يا رسول الله لقد خشيت أن يكون الله قبض روحك في سجودك لما أطلت ، فقال : لما فارقتك لقيني  جبريل   ، فأخبرني عن الله تعالى أنه قال : من صلى عليك صليت عليه ، فسجدت شكرا لله  وهذا يدل على استحباب الصلاة عليه فكيف يكره ، وروي  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رقي المنبر فقال : آمين ، فقيل له في ذلك ، قال : قال لي  جبريل      : رغم أنف من ذكرت بين يديه فلم يصل عليك ، فقلت آمين ، ثم الثانية فقال : آمين ، فقيل له في ذلك ، فقال : قال لي  جبريل   رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما ، فلم يدخل الجنة فقلت آمين ، ثم رقي الثالثة فقال : آمين ، فقيل له في ذلك ، فقال : قال لي  جبريل      : رغم أنف عبد أدرك شهر رمضان فلم يغفر له ، فقلت : آمين     .  
ولأن الصلاة على الرسول إيمان بالمرسل ، فكيف يكون الإيمان مكروها ؟ فأما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم - موطنان لا أذكر فيهما ، فمن وجهين :  
أحدهما : أنه ليس ينهى عن ذكره ، وإنما هو على وجه التنبيه على ذكره ، كأنه قال . لم لا أذكر فيهما .  
والثاني : أنه لا يذكر فيهما على الوجه الذي يذكر الله تعالى فيه : لأن ذكره في الذبيحة أن يقصد بها وجهه في التقرب إليه ، ولا يجوز أن يذكر رسوله ، وذكره في العطاس حمد له وليس يحمد رسوله عنده ، والصلاة عليه في غير هذين الموضعين ، فلم يتوجه النهي إليها .  
فأما الجواب عن قوله : إنه يصير مما أهل لغير الله به ، فهو أنه يصير بذبحه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما أهل به لغير الله ، ولا يكون مما أهل به لله ، ومتى فعل هذا كان حراما .  
 [ ص: 97 ] فأما إذا صلى عنده على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يكون مما أهل به لله ، ولا يكون مما أهل به لغير الله .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					