بيع لحوم الأضاحي
مسألة : قال
الشافعي : وأكره بيع شيء منه والمبادلة به ، ومعقول ما أخرج لله عز وجل أن لا يعود إلى مالكه إلا ما أذن الله عز وجل فيه ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم - فاقتصرنا على ما أذن الله فيه ، ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنعنا البيع على أصل النسك أنه لله .
قال
الماوردي : أما
nindex.php?page=treesubj&link=4119بيع لحم الأضحية فلا يجوز في حق المضحي لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير فنص على أكله وإطعامه ، فدل على تحريم بيعه .
ولأن الأموال المستحقة في القرب لا يجوز للمتقرب بيعها الزكوات والكفارات ، وإنما خصت الضحايا بجواز الأكل ، وليس في إباحة الأكل دليل على جواز البيع كطعام الولائم ، وأكل الغانمين طعام أهل الحرب .
وأما الفقراء فعلى المضحي أن يدفع إليهم منها لحما ، ولا يدعوهم لأكله مطبوخا ، لأن حقهم في تملكه دون أكله ليصنعوا به ما أحبوا ، فإن دفعه إليهم مطبوخا لم يجز حتى يأخذوه نيئا ، كما لا يجوز أن تدفع إليهم زكاة الفطر مخبوزا ، فإذا أخذوه
[ ص: 120 ] لحما جاز لهم بيعه كما يجوز لهم بيعه ما أخذوه من الزكوات والكفارات ، وإن لم يجز المزكي والمكفر بيعه .
وهكذا لا يجوز للمضحي أن يعطي الجازر أجرة جزارته من لحم الأضحية ، لأنه يصير معاوضا به ، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى
عليا عنه .
ولأن مؤونة ما يستحق إخراجه لازمة للمتقرب كمؤونة الجداد والحصاد ، فإن أعطى الجازر أجرته جاز أن يعطيه بعد ذلك من لحمها صدقة إن كان محتاجا أو هدية إن كان مستغنيا .
بَيْعُ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : وَأَكْرَهُ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهُ وَالْمُبَادَلَةَ بِهِ ، وَمَعْقُولٌ مَا أُخْرِجَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى مَالِكِهِ إِلَّا مَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ ثُمَّ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْتَصَرْنَا عَلَى مَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ ، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنَعْنَا الْبَيْعَ عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ أَنَّهُ لِلَّهِ .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=4119بَيْعُ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمُضَحِّي لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ فَنَصَّ عَلَى أَكْلِهِ وَإِطْعَامِهِ ، فَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ .
وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ الْمُسْتَحَقَّةَ فِي الْقُرْبِ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَقَرِّبِ بَيْعُهَا الزَّكَوَاتُ وَالْكَفَّارَاتُ ، وَإِنَّمَا خُصَّتِ الضَّحَايَا بِجَوَازِ الْأَكْلِ ، وَلَيْسَ فِي إِبَاحَةِ الْأَكْلِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ كَطَعَامِ الْوَلَائِمِ ، وَأَكْلُ الْغَانِمِينَ طَعَامُ أَهْلِ الْحَرْبِ .
وَأَمَّا الْفُقَرَاءُ فَعَلَى الْمُضَحِّي أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمْ مِنْهَا لَحْمًا ، وَلَا يَدْعُوَهُمْ لِأَكْلِهِ مَطْبُوخًا ، لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي تَمَلُّكِهِ دُونَ أَكْلِهِ لِيَصْنَعُوا بِهِ مَا أَحَبُّوا ، فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَيْهِمْ مَطْبُوخًا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَأْخُذُوهُ نِيئًا ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ إِلَيْهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ مَخْبُوزًا ، فَإِذَا أَخَذُوهُ
[ ص: 120 ] لَحْمًا جَازَ لَهُمْ بَيْعُهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ مَا أَخَذُوهُ مِنَ الزِّكْوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ ، وَإِنْ لَمْ يُجْزِ الْمُزَكِّيَ وَالْمُكَفِّرَ بَيْعُهُ .
وَهَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يُعْطِيَ الْجَازِرَ أُجْرَةَ جِزَارَتَهُ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُعَاوِضًا بِهِ ، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى
عَلِيًّا عَنْهُ .
وَلِأَنَّ مَؤُونَةَ مَا يَسْتَحِقُّ إِخْرَاجُهُ لَازِمَةٌ لِلْمُتَقَرِّبِ كَمَؤُونَةِ الْجِدَادِ وَالْحَصَادِ ، فَإِنْ أَعْطَى الْجَازِرَ أُجْرَتَهُ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ لَحْمِهَا صَدَقَةً إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا أَوْ هَدِيَّةً إِنْ كَانَ مُسْتَغْنِيًا .