[ ص: 137 ] مسألة : قال  الشافعي      :  ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع  وأحل الضبوع ولها ناب ، وكانت العرب تأكلها وتدع الأسد والنمر والذئب تحريما له بالتقذر ، وكان الفرق بين ذوات الأنياب أن ما عدا منها على الناس لقوته بنابه حرام ، وما لم يعد عليهم بنابه - الضبع والثعلب وما أشبههما - حلال .  
قال  الماوردي      : أما  نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن  أكل كل ذي ناب من السباع   ، فهو أصل في التحريم دون الإباحة ، وقد رواه  الشافعي   عن  سفيان   عن  الزهري   عن  أبي إدريس الخولاني   عن  أبي ثعلبة الخشني   ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع     . ومعلوم أن في ذوات الأنياب مأكولا ، فاحتيج إلى تعليل ما حرم به ذوات الأنياب ، وقد اختلف في معنى تعليله ، فعند  الشافعي   أنه ما قويت أنيابه فعدا بها على الحيوان طالبا له غير مطلوب ، فكان عداؤه بأنيابه عفة تحريمه ، وقال من أصحابه  أبو إسحاق المروزي      : هو ما كان عيشه بأنيابه دون غيره ، لا يأكل إلا ما يفرس من الحيوان ، فكان عيشه بأنيابه علة تحريمه ، واختلاف التعليلين يبين في التفضيل . وقال  أبو حنيفة      : هو ما فرس بأنيابه ، وإن لم يبتدئ بالعدوى ، وإن عاش بغير أنيابه ، وهذه ثلاث علل ، أعمها علة  أبي حنيفة   ، وأوسطها علة  الشافعي   ، وأخصها علة  المروزي   ، فالأسد والذئب والفهد والنمر حرام ، لوجود العلل الثلاث فيها ، لأنها تبتدئ العدوى بقوة أنيابها وتعيش بفريسة أنيابها ، وكذلك أمثالها مما اجتمعت فيه العلل الثلاث .  
فأما الضبع فحلال عندنا ، لعدم العلتين فيه ، لأنه لا يبتدئ بالعدوى ، وقد يعيش بغير أنيابه .  
وقيل : إنه من أحمق الحيوان ، لأنه يتناوم حتى يصطاد .  
وقال  مالك      : هو حرام .  
وقال  أبو حنيفة      : مكروه ، والمكروه عنده ما يأثم بأكله ، ولا يقطع بتحريمه ، احتجاجا بنهيه عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وهو ذو ناب يفرس به ، ولأن ما فرس بأنيابه حرم أكله كالسباع .  
ودليلنا : مع التعليل الذي قدمناه : ما رواه  الشافعي   عن  سفيان   عن  ابن جريج   ، عن  عبد الله بن عبيد   عن  ابن أبي عمار   قال :  قلت  لجابر      : أرأيت الضبع أصيد هو ؟ قال :      [ ص: 138 ] نعم قلت : أيؤكل ؟ قال : نعم . قلت : أسمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : نعم  وهذا نص وقد ورد عن الصحابة فيه ما صار في الحجة كالإجماع ، فروي  عن  ابن عباس   وابن عمر   أنهما قالا :  الضبع   حلال  ،  وقال  أبو هريرة   الضبع شاة من الضأن  ،  وقال  أبو سعيد الخدري      : الضبع أحب إلي من دجاجة سمينة  ، وقد انتشر هذا عنهم ولم يظهر مخالف لهم ، فكان مترددا بين أن يكون إجماعا ، أو حجة في كل واحد منهما دليل ، ولأنه حيوان لا ينجس بالذبح ، فوجب أن يحل أكله كالنعم .  
فأما الجواب عن الاستثناء بالخبر ، فهو ما قدمناه من التعليل فيه ، وكذلك قياسهم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					