[ ص: 168 ] فصل : شروط إباحة الميتة
فإذا ثبت إباحة أكل الميتة للمضطر بإباحتها معتبرة بأربعة شروط :
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أن ينتهي به الجوع إلى حد التلف ، ولا يقدر على مشي ولا نهوض ، فيصير غير متماسك الرمق إلا بها ، فيصير حينئذ من أهل الإباحة ، فإن تماسك رمقه أو جلس وأقام ولم يتماسك إن مشى ، وسار نظر : فإن كان في سفر يخاف فوت رفاقته حل له أكلها ، وإن لم يخف فوت رفاقته لم تحل له .
والشرط الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أن لا يجد مأكول الحشيش والشجر ما يمسك به رمقه ، فإن وجده لم تحل له الميتة ، ولو وجد من الحشيش ما يستضر بأكله حلت له الميتة .
والشرط الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أن لا يجد طعاما يشتريه ، فإن وجد ما يشتريه بثمن مثله لزمه شراؤه ، سواء وجد ثمنه أو لم يجد إذا أنظره البائع ثمنه بخلاف الماء الذي لا يلزمه أن يشتريه إذا كان عادما ، لأن إباحة التيمم معتبرة بالعدم ، وهو بإعواز الثمن عادم .
وإباحة الميتة معتبرة بالضرورة ، وهو مع الإنظار بالثمن غير مضطر ، فإن بذل له الطعام بأكثر من ثمن المثل لم يلزمه أن يشتريه ، كالماء : لأن التماس الزيادة منتف .
والشرط الرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أن لا يكون بما دعته الضرورة إلى الميتة عاصيا ، كمقامه على قطع الطريق ، وإخافته السبيل أو لبغيه على إمام عادل لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه [ المائدة : 3 ] ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=23988إباحة أكل الميتة رخصة ، والعاصي لا يترخص في معصيته ، فإن تاب من المعصية حل له أكل الميتة ، وإن أقام عليها ولم يتب حرمت عليه ، وهو غير مضطر إلى الامتناع من التوبة .
ولا فرق بين المسافر والمقيم ، وإن قصر السفر ، لأن الأغلب من أحواله العدم ، وإن حدث مثله في الأمصار والقرى حل فيها أكل الميتة كالسفر .
[ ص: 168 ] فَصْلٌ : شُرُوطُ إِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ
فَإِذَا ثَبَتَ إِبَاحَةُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ بِإِبَاحَتِهَا مُعْتَبِرَةً بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ :
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أَنْ يَنْتَهِيَ بِهِ الْجُوعُ إِلَى حَدِّ التَّلَفِ ، وَلَا يَقْدِرَ عَلَى مَشْيٍ وَلَا نُهُوضٍ ، فَيَصِيرَ غَيْرَ مُتَمَاسِكِ الرَّمَقِ إِلَّا بِهَا ، فَيَصِيرَ حِينَئِذٍ مِنْ أَهْلِ الْإِبَاحَةِ ، فَإِنْ تَمَاسَكَ رَمَقُهُ أَوْ جَلَسَ وَأَقَامَ وَلَمْ يَتَمَاسَكْ إِنْ مَشَى ، وَسَارَ نُظِرَ : فَإِنْ كَانَ فِي سَفَرٍ يَخَافُ فَوْتَ رَفَاقَتِهِ حَلَّ لَهُ أَكْلُهَا ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ رَفَاقَتِهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ .
وَالشَّرْطُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أَنْ لَا يَجِدَ مَأْكُولَ الْحَشِيشِ وَالشَّجَرِ مَا يُمْسِكُ بِهِ رَمَقَهُ ، فَإِنْ وَجَدَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْمَيْتَةُ ، وَلَوْ وَجَدَ مِنَ الْحَشِيشِ مَا يَسْتَضِرُّ بِأَكْلِهِ حَلَّتْ لَهُ الْمَيْتَةُ .
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أَنْ لَا يَجِدَ طَعَامًا يَشْتَرِيَهُ ، فَإِنْ وَجَدَ مَا يَشْتَرِيَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ ، سَوَاءٌ وَجَدَ ثَمَنَهُ أَوْ لَمْ يَجِدْ إِذَا أَنْظَرَهُ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إِذَا كَانَ عَادِمًا ، لِأَنَّ إِبَاحَةَ التَّيَمُّمِ مُعْتَبَرَةٌ بِالْعُدْمِ ، وَهُوَ بِإِعْوَازِ الثَّمَنِ عَادِمٌ .
وَإِبَاحَةُ الْمَيْتَةِ مُعْتَبَرَةٌ بِالضَّرُورَةِ ، وَهُوَ مَعَ الْإِنْظَارِ بِالثَّمَنِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ ، فَإِنْ بُذِلَ لَهُ الطَّعَامُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ ، كَالْمَاءِ : لِأَنَّ الْتِمَاسَ الزِّيَادَةِ مُنْتَفٍ .
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=16906أَنْ لَا يَكُونَ بِمَا دَعَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَى الْمَيْتَةِ عَاصِيًا ، كَمُقَامِهِ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ ، وَإِخَافَتِهِ السَّبِيلَ أَوْ لِبَغْيِهِ عَلَى إِمَامٍ عَادِلٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=173فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [ الْمَائِدَةِ : 3 ] وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23988إِبَاحَةَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ رُخْصَةٌ ، وَالْعَاصِي لَا يَتَرَخَّصُ فِي مَعْصِيَتِهِ ، فَإِنْ تَابَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ حَلَّ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ ، وَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إِلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ التَّوْبَةِ .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ ، وَإِنْ قَصُرَ السَّفَرُ ، لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَحْوَالِهِ الْعُدْمُ ، وَإِنْ حَدَثَ مِثْلُهُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى حَلَّ فِيهَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ كَالسَّفَرِ .