فصل : فأما  صفات الله تعالى   فضربان :  
أحدهما : صفات ذاته .  
والثاني : صفات أفعاله .  
فأما صفات ذاته فقديمة لقدم ذاته ، وذلك مثل قوله : وقدرة الله ، وعظمة الله ، وجلال الله ، وعزة الله ، وكبرياء الله ، وعلم الله ؛ لأنه نزل على هذه الصفات ذا قدرة ، وعظمة ، وجلال ، وعزة ، وكبرياء ، وعلم ، فجرت هذه الصفات اللازمة لذاته مجرى الموصوف ، فجرى عليها حكم أسمائه في انعقاد اليمين بها في وجوب الكفارة فيها .  
وقال  أبو حنيفة      :  إذا حلف بعلم الله لم يكن يمينا   ، وأجراها مجرى معلومه ،  ولو حلف بمعلوم الله لم يكن يمينا   ، كذلك إذا حلف بعلمه .  
وهذا فاسد ؛ لأن العلم من صفات ذاته ، فانعقدت به اليمين كالقدرة والعظمة ، والفرق بين العلم والمعلوم أن المعلوم منفصل عن ذاته ، والعلم متصل بها ، وأما صفات أفعاله فهي محدثة غير لازمة كقوله : وخلق الله ، ورزق الله ، فلا يكون حالفا بها لخلوها منه قبل حدوثها ،  واليمين بالمحدثات   غير منعقدة كذلك ما كان محدثا من صفات أفعاله .  
فأما  أمانة الله فهي كصفات أفعاله لا ينعقد بها يمين   إلا أن يريد اليمين ، وأجراها  أبو حنيفة   مجرى صفات ذاته ، فعقد بها اليمين ، وأوجب فيها الكفارة .  
ودليلنا هو أن أمانة الله فروضه التي أمر بها عبيده ، وأوجب عليهم فعلها قال الله تعالى :  إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا      [ الأحزاب : 72 ] .  
وقد  كان  علي بن أبي طالب      - عليه السلام إذا دخل عليه وقت الصلاة اصفر مرة ، واحمر مرة ، وقال أتتني الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال ، فأبين أن يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملتها أنا ، فلا أدري أسيء فيها أو أحسن     . وإذا كان كذلك دل على أن أمانة الله محدثة ، فلم يلزم بها الكفارة .  
فإن قيل : معنى أمانة الله أنه ذو أمانة ، وذلك من صفات ذاته .  
قيل : يحتمل أنه يريد بأمانة الله أنه ذو أمانة ، فيكون من صفات ذاته ، ويحتمل أن      [ ص: 262 ] يريد بها فروض الله ، فتكون من صفات أفعاله ، فلم تنعقد به اليمين مع احتمال الأمرين إلا أن يريد بها اليمين ، والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					