[ ص: 329 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=16571الصيام في كفارة الأيمان المتتابع وغيره
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " كل من وجب عليه صوم ليس بمشروط في كتاب الله أن يكون متتابعا أجزاه متفرقا قياسا على قول الله جل ذكره
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فعدة من أيام أخر والعدة أن يأتي بعدد صوم لا ولاء ، وقال في كتاب الصيام : إن
nindex.php?page=treesubj&link=16573صيام كفارة اليمين متتابع - والله أعلم - ( قال
المزني ) رحمه الله : هذا ألزم له : لأن الله عز وجل شرط
nindex.php?page=treesubj&link=23274صوم كفارة المتظاهر متتابعا ، وهذا صوم كفارة مثله ، كما احتج
الشافعي بشرط الله عز وجل رقبة القتل مؤمنة ( قال
المزني ) فجعل
الشافعي رقبة الظهار مثلها مؤمنة : لأنها كفارة شبيهة بكفارة ، فكذلك الكفارة عن ذنب بالكفارة عن ذنب أشبه منها بقضاء رمضان الذي ليس بكفارة عن ذنب فتفهم " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=23274الصوم في كفارة الأيمان مترتب لا يجزئ إلا بعد العجز عن الإطعام والكسوة والعتق لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [ المائدة : 89 ] ، وهل يكون تتابع صومها شرطا في صحتها أم لا على قولين :
أحدهما : نص عليه في كتاب الصيام ، وهو قول
أبي حنيفة والعراقيين واختاره
المزني ، أن التتابع شرط في صيامها ، فإن صام متفرقا لم يجزه استدلالا بقراءة
ابن مسعود ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) وقراءة
أبي ( فصيام ثلاثة أيام متتابعة )
nindex.php?page=treesubj&link=21465والقراءة الشاذة تقوم مقام خبر الواحد في وجوب العمل ؛ لأنها منقولة عن الرسول ؛ ولأنه صوم تكفير فيه عتق ، فوجب أن يكون التتابع من شرطه قياسا على كفارة القتل والظهار ، ولما ذكره
المزني أن من أصل
الشافعي حمل المطلق على ما قيد من جنسه كما حمل إطلاق العتق في كفارة الأيمان على ما قيد في كفارة القتل من الأيمان فلزمه أن يحمل إطلاق هذا الصيام على ما قيد من تتابعه في القتل .
والقول الثاني : نص عليه في هذا الموضع ، وهو قول
مالك والحجازيين أن
nindex.php?page=treesubj&link=16574التتابع استحباب وليس بواجب ، وأن صومه متفرقا جائز استدلالا بما ورد به القران من إطلاق صيامها فاقتضى الظاهر إجزاء صيامها في حالتي تتابعها وتفريقها ، ولا يجب
[ ص: 330 ] حمله على المقيد من كفارة الظهار كما ألزمه
المزني لتردد هذا الإطلاق بين أصلين يجب التتابع في أحدها وهو كفارة الظهار ، ولا يجب في الآخر وهو قضاء رمضان فلم يكن أحد الأصلين في التتابع بأولى من الآخر في التفرق .
ولأنه صوم يتردد موجبه بين إباحة وحظر ، فوجب أن لا يستحق فيه التتابع قياسا على قضاء رمضان ، فأما قراءة
ابن مسعود وأبي فإنما تجري في وجوب العمل بها مجرى خبر الواحد ، إذا أضيفت إلى التنزيل وإلى سماعها من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأما إذا أطلقت جرت مجرى التأويل دون التنزيل ، ثم لو سلمت لحملت على الاستحباب وإطلاقها على الجواز ، وأما كفارة القتل فلما تغلظ صومها بزيادة العدد تغلظ بالتتابع ، ولما
nindex.php?page=treesubj&link=16575تخفف صوم كفارة اليمين بنقصان العدد تخفف بالتفرقة .
[ ص: 329 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=16571الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الَأَيْمَانِ الْمُتَتَابِعِ وَغَيْرِهِ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعًا أَجَزَاهُ مُتَفَرِّقًا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَالْعِدَّةُ أَنْ يَأْتِيَ بِعَدَدِ صَوْمٍ لَا وَلَاءٍ ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16573صِيَامَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُتَتَابِعٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - ( قَالَ
الْمُزَنِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذَا أَلْزَمُ لَهُ : لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَرَطَ
nindex.php?page=treesubj&link=23274صَوْمَ كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ مُتَتَابِعًا ، وَهَذَا صَوْمُ كَفَّارَةٍ مِثْلُهُ ، كَمَا احْتَجَ
الشَّافِعِيُّ بِشَرْطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَقَبَةَ الْقَتْلِ مُؤْمِنَةً ( قَالَ
الْمُزَنِيُّ ) فَجَعَلَ
الشَّافِعِيُّ رَقَبَةَ الظِّهَارِ مِثْلَهَا مُؤْمِنَةً : لِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ شَبِيهَةٌ بِكَفَّارَةٍ ، فَكَذَلِكَ الْكَفَّارَةُ عَنْ ذَنْبٍ بِالْكَفَّارَةِ عَنْ ذَنْبٍ أَشْبَهُ مِنْهَا بِقَضَاءِ رَمَضَانَ الَّذِي لَيْسَ بِكَفَّارَةٍ عَنْ ذَنْبٍ فَتَفَهَّمْ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23274الصَّوْمَ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ مُتَرَتِّبٌ لَا يُجْزِئُ إِلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [ الْمَائِدَةِ : 89 ] ، وَهَلْ يَكُونُ تَتَابُعُ صَوْمِهَا شَرَطًا فِي صِحَّتِهَا أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَاخْتَارَهُ
الْمُزَنِيُّ ، أَنَّ التَّتَابُعَ شَرْطٌ فِي صِيَامِهَا ، فَإِنْ صَامَ مُتَفَرِّقًا لَمِ يُجْزِهِ اسْتِدْلَالًا بِقِرَاءَةِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ( فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ ) وَقِرَاءَةِ
أُبِيٍّ ( فَصِيَامُ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ )
nindex.php?page=treesubj&link=21465وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ تَقُومُ مَقَامَ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ ؛ لِأَنَّهَا مَنْقُولَةٌ عَنِ الرَّسُولِ ؛ وَلِأَنَّهُ صَوْمُ تَكْفِيرٍ فِيهِ عِتْقٌ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّتَابُعُ مِنْ شَرْطِهِ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ ، وَلِمَا ذَكَرَهُ
الْمُزَنِيُّ أَنَّ مِنْ أَصْلِ
الشَّافِعِيِّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى مَا قُيِّدَ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا حُمِلَ إِطْلَاقُ الْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ عَلَى مَا قُيِّدَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مِنَ الْأَيْمَانِ فَلَزِمَهُ أَنْ يَحْمِلَ إِطْلَاقَ هَذَا الصِّيَامِ عَلَى مَا قُيِّدَ مِنْ تَتَابُعِهِ فِي الْقَتْلِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : نَصَّ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ وَالْحِجَازِيِّينَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16574التَّتَابُعَ اسْتِحْبَابٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَأَنَّ صَوْمَهُ مُتَفَرِّقًا جَائِزٌ اسْتِدْلَالًا بِمَا وَرَدَ بِهِ الْقِرَانُ مِنْ إِطْلَاقِ صِيَامِهَا فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ إِجْزَاءَ صِيَامِهَا فِي حَالَتَيْ تَتَابُعِهَا وَتَفْرِيقِهَا ، وَلَا يَجِبُ
[ ص: 330 ] حَمْلُهُ عَلَى الْمُقَيَّدِ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ كَمَا أَلْزَمَهُ
الْمُزَنِيُّ لِتَرَدُّدِ هَذَا الْإِطْلَاقِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي أَحَدِهَا وَهُوَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ ، وَلَا يَجُبْ فِي الْآخَرِ وَهُوَ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ فِي التَّتَابُعِ بِأَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فِي التَّفَرُّقِ .
وَلِأَنَّهُ صَوْمٌ يَتَرَدَّدُ مُوجِبُهُ بَيْنَ إِبَاحَةٍ وَحَظْرٍ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُسْتَحَقَّ فِيهِ التَّتَابُعُ قِيَاسًا عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ ، فَأَمَّا قِرَاءَةُ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ فَإِنَّمَا تَجْرِي فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا مَجْرَى خَبَرِ الْوَاحِدِ ، إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى التَّنْزِيلِ وَإِلَى سَمَاعِهَا مِنَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا إِذَا أُطْلِقَتْ جَرَتْ مَجْرَى التَّأْوِيلِ دُونَ التَّنْزِيلِ ، ثُمَّ لَوْ سَلِمَتْ لَحُمِلَتْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَإِطْلَاقُهَا عَلَى الْجَوَازِ ، وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْقَتْلِ فَلَمَّا تَغَلَّظَ صَوْمُهَا بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ تَغَلَّظَ بِالتَّتَابُعِ ، وَلِمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16575تَخَفَّفَ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِنُقْصَانِ الْعَدَدِ تَخَفَّفْ بِالتَّفْرِقَةِ .