فصل : ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16530قال : والله لا أكلت قوتا ، فالأقوات ما قامت بها الأبدان ، وأمكن الاقتصار عليها ، وهو معتبر بالعرف ،
nindex.php?page=treesubj&link=16531والعرف فيه ضربان : عرف شرع ، وعرف استعمال .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=16534عرف الشرع فهو منطلق على ما وجبت فيه زكاة العين ، وجاز إخراجه في زكاة الفطر ، فيحنث بأكله ، سواء دخل في عرف قوته أو خرج عنه ؛ لأن عرف الشيء عام كعموم أحكامه فيحنث بأكل التمر والزبيب والذرة والشعير ، وإن لم يكن من أقواته .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16532عرف الاستعمال فما خالف عرف الشرع ، فضربان : عرف اختيار ، وعرف اضطرار .
[ ص: 443 ] فأما عرف الاختيار ، فكالبوادي يقتاتون ألوان الحبوب وسكان جزائر البحار يقتاتون لحوم الصيد ، وسكان تلك الجبال يقتاتون لحوم الصيد ، فيحنث كل قوم منهم بأكل عرفهم في أقواتهم ، ولا يحنثون بعرف غيرهم ؛ لخصوصه في عرفهم ، ويحنثون بالعرف الشرعي ؛ لعمومه فيهم ، ولا يحنث غيرهم بعرفهم لخصوصه فيهم .
وأما عرف الاضطرار فكأهل الفلوات يقتاتون الحشيش في زمان الجدب ، ويقتاتون الألبان في غيرها في زمان الخصب ، فيحنثون في زمان الجدب بقوتهم في الجدب والخصب ، ويحنثون في زمان الخصب بقوتهم في الخصب دون الجدب ، ويكون عرف الزمان معتبرا كما كان عرف المكان معتبرا .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16530حلف لا يأكل طعاما حنث بكل مطعوم من قوت وإدام وفاكهة وحلوى ؛ لأن جميعها مطعومة ، فانطلق اسم الطعام عليها ، ولا يحنث بأكل الدواء ، وإن كان مطعوما ؛ لأن اسم الطعام لا ينطلق عليه .
وحكي عن
محمد بن الحسن أنه لا يحنث في الطعام إلا بأكل الحنطة وحدها اعتبارا باسمه عرفا ، وهذا فاسد ؛ لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه [ آل عمران : 93 ] يريد كل مطعوم فصار اسم الطعام في الشرع منطلقا على كل مطعوم ، وفي العرف منطلقا
بالعراق على الحنطة ، فكان حمله على عرف الشرع أولى . . . فإن كانت له نية حمل في جميع ما ذكرنا على نيته .
فَصْلٌ : وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16530قَالَ : وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ قُوتًا ، فَالْأَقْوَاتُ مَا قَامَتْ بِهَا الْأَبْدَانُ ، وَأَمْكَنَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=16531وَالْعُرْفُ فِيهِ ضَرْبَانِ : عُرْفُ شَرْعٍ ، وَعُرْفُ اسْتِعْمَالٍ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16534عُرْفُ الشَّرْعِ فَهُوَ مُنْطَلِقٌ عَلَى مَا وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ ، وَجَازَ إِخْرَاجُهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ ، فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ ، سَوَاءٌ دَخَلَ فِي عُرْفِ قُوتِهِ أَوْ خَرَجَ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ عُرْفَ الشَّيْءِ عَامٌّ كَعُمُومِ أَحْكَامِهِ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَقْوَاتِهِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16532عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ فَمَا خَالَفَ عُرْفَ الشَّرْعِ ، فَضَرْبَانِ : عُرْفُ اخْتِيَارٍ ، وَعُرْفُ اضْطِرَارٍ .
[ ص: 443 ] فَأَمَّا عُرْفُ الِاخْتِيَارِ ، فَكَالْبَوَادِي يَقْتَاتُونَ أَلْوَانَ الْحُبُوبِ وَسُكَّانِ جَزَائِرِ الْبِحَارِ يَقْتَاتُونَ لُحُومَ الصَّيْدِ ، وَسُكَّانِ تِلْكَ الْجِبَالِ يَقْتَاتُونَ لُحُومَ الصَّيْدِ ، فَيَحْنَثُ كُلُّ قَوْمٍ مِنْهُمْ بِأَكْلِ عُرْفِهِمْ فِي أَقْوَاتِهِمْ ، وَلَا يَحْنَثُونَ بِعُرْفِ غَيْرِهِمْ ؛ لِخُصُوصِهِ فِي عُرْفِهِمْ ، وَيَحْنَثُونَ بِالْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ ؛ لِعُمُومِهِ فِيهِمْ ، وَلَا يَحْنَثُ غَيْرُهُمْ بِعُرْفِهِمْ لِخُصُوصِهِ فِيهِمْ .
وَأَمَّا عُرْفُ الِاضْطِرَارِ فَكَأَهْلِ الْفَلَوَاتِ يَقْتَاتُونَ الْحَشِيشَ فِي زَمَانِ الْجَدْبِ ، وَيَقْتَاتُونَ الْأَلْبَانَ فِي غَيْرِهَا فِي زَمَانِ الْخِصْبِ ، فَيَحْنَثُونَ فِي زَمَانِ الْجَدْبِ بِقُوتِهِمْ فِي الْجَدْبِ وَالْخِصْبِ ، وَيَحْنَثُونَ فِي زَمَانِ الْخِصْبِ بِقُوتِهِمْ فِي الْخِصْبِ دُونَ الْجَدْبِ ، وَيَكُونُ عُرْفُ الزَّمَانِ مُعْتَبَرًا كَمَا كَانَ عُرْفُ الْمَكَانِ مُعْتَبَرًا .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16530حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مَطْعُومٍ مِنْ قُوتٍ وَإِدَامٍ وَفَاكِهَةٍ وَحَلْوَى ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا مَطْعُومَةٌ ، فَانْطَلَقَ اسْمُ الطَّعَامِ عَلَيْهَا ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الدَّوَاءِ ، وَإِنْ كَانَ مَطْعُومًا ؛ لِأَنَّ اسْمَ الطَّعَامِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ .
وَحُكِيَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الطَّعَامِ إِلَّا بِأَكْلِ الْحِنْطَةِ وَحْدَهَا اعْتِبَارًا بِاسْمِهِ عُرْفًا ، وَهَذَا فَاسِدٌ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ [ آلِ عِمْرَانَ : 93 ] يُرِيدُ كُلَّ مَطْعُومٍ فَصَارَ اسْمُ الطَّعَامِ فِي الشَّرْعِ مُنْطَلِقًا عَلَى كُلِّ مَطْعُومٍ ، وَفِي الْعُرْفِ مُنْطَلِقًا
بِالْعِرَاقِ عَلَى الْحِنْطَةِ ، فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ أَوْلَى . . . فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ حُمِلَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى نِيَّتِهِ .