مسألة : قال  الشافعي      : " ولو  حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمعها فضربه بها ،   فإن كان يحيط العلم أنها ماسته كلها بر ، وإن أحاط أنها لم تماسه كلها لم يبر ، وإن شك لم يحنث في الحكم ويحنث في الورع ، واحتج  الشافعي   بقول الله عز وجل :  وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث   وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأثكال النخل في الزنا ،  وهذا شيء مجموع غير أنه إذا ضربه بها ماسته ( قال  المزني      ) - رحمه الله - : هذا خلاف قوله : لو حلف ليفعلن كذا لوقت إلا أن يشاء فلان ، فإن مات أو غبي عنا حتى مضى الوقت حنث ( قال  المزني      ) - رحمه الله - : وكلا ما يبر به شك ، فكيف يحنث في أحدهما ولا يحنث في الآخر ؟ فقياس قوله عندي أن لا يحنث بالشم . قال  الشافعي      : ولو لم يقل ضربا شديدا فأي ضرب ضربه إياه لم يحنث ؛ لأنه ضاربه " .  
قال  الماوردي      : إذا حلف أن يضرب عبده مائة اشتمل حكم بره على ثلاثة فصول :  
أحدها : عدد ضربه .  
والثاني : وصول جميعها إلى بدنه .  
والثالث : في حصول الألم بضربه .  
فأما الفصل الأول في عدد ضربه ، فمعتبر بلفظ يمينه ، وله فيه ثلاثة أقوال :  
أحدها : أن يحلف أن يضربه مائة مرة .  
والثاني : أن يحلف أن يضربه مائة سوط .  
 [ ص: 452 ] والثالثة : أن يحلف أن يضربه مائة ضربة .  
فأما الحال الأولى : إذا حلف أن يضرب مائة مرة ، فعليه في البر أن يفرقها ، ولا يجوز أن يجمعها ، فإن جمعها وضربه بها كانت مرة واحدة ، كما لو رمى الجمرة بسبع حصيات دفعة واحدة اعتدها بحصاة واحدة ، حتى رمى بسبع حصيات في سبع مرات ، وهذا متفق عليه .  
وأما الحالة الثانية : إذا حلف أن يضربه مائة سوط ، فيجوز أن يفرقها ويجوز أن يجمعها ويضربه بمائة سوط دفعة واحدة ويكون بارا ، وبه قال  أبو حنيفة ،   وقال  مالك      : عليه أن يفرقها ولا يبر إن جمعها ، كما لو حلف أن يضربه مائة مرة .  
ودليلنا قول الله تعالى :  وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث      [ ص : 44 ] وذلك أن نبي الله تعالى  أيوب   حلف أن يضرب امرأته عددا سماه ، فأفتاه الله تعالى أن يجمع ذلك العدد فيضربها به دفعة واحدة ؛ ليبر في يمينه .  
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقعد زنا أن يضرب بإثكال النخل دفعة واحدة     .  
والفرق بين أن يقول مائة مرة ، فلا يجوز أن يجمعها ، وبين أن يقول مائة سوط ، فيجوز أن يجمعها أنه جعل المعدود في مائة مرة الفعل ، وفي مائة سوط الأسواط .  
وأما الحال الثالثة : إذا حلف أن يضربه مائة ضربة ، ففيه وجهان :  
أحدهما : أن عليه أن يفرقها ، ولا يبر إن جمعها ، كما لو حلف ليضربه مائة مرة ، ويكون العدد راجعا إلى الفعل .  
والوجه الثاني : يجوز ذلك ويبر به كما لو حلف أن يضربه مائة سوط ، ويكون العدد راجعا إلى الآلة . والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					