الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الفصل الثالث في وصول الألم إلى بدنه ، فليس بشرط في البر ، ولا حنث عليه إن لم يألم به .

                                                                                                                                            وقال مالك : وصول الألم شرط في البر ، فإن لم يألم به حنث استدلالا بأمرين : أحدهما : أن مقصود الضرب بتأثيره ، وما لا ألم فيه لا تأثير له .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لما كان الألم في ضرب الحدود شرطا فيه وجب أن يكون في الأيمان شرطا فيها حملا لإطلاقها على عرف الشرع .

                                                                                                                                            ودليلنا أمران : احتجاحا ، وانفصالا :

                                                                                                                                            أحدهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع لضرب المقعد عثكالا ، ليدفع عنه الألم ، ويستقر به الحكم .

                                                                                                                                            والثاني : أن الأيمان محمولة على الأسامي دون المعاني ، فجاز الاقتصار فيها على مجرد الضرب دون الألم بحصول الاسم ، والحدود أحكام تتعلق بالأسماء والمعاني ، فجاز أن يقترن بالاسم مقصوده من الألم .

                                                                                                                                            فأما إن كان عليه لباس يمنع من وصول الضرب إلى بشرة بدنه اعتبر حاله ، إن كان كثيفا يخرج عن العرف ، ويمنع من الإحساس ، بالضرب لم يبر ، وإن كان مألوفا لا يخرج عن العرف ، ولا يمنع من الإحساس بالضرب بر ، وإن لم يألم ، والله أعلم .

                                                                                                                                            [ ص: 454 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية