الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا تصدق عليه بالصدقة ، فالصدقة ضربان فرض وتطوع ، فإن كانت فرضا كالزكاة والكفارة لم يحنث بها اتفاقا لخروجها عن تبرع الهبات ، ولو كانت تطوعا كانت هبة يحنث بها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : ليست من الهبات ، ولا يحنث بها ؛ احتجاجا بأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : اختلافهما في الاسم لأن لكل واحد منهما اسما .

                                                                                                                                            والثاني : لاختلافهما في الحكم ، لأن لكل واحد منهما حكما .

                                                                                                                                            ودليلنا أمران :

                                                                                                                                            أحدهما : لاتفاقهما في التبرع ؛ لأن كل واحد منهما متبرع .

                                                                                                                                            والثاني : لاتفاقهما في سقوط البدل ؛ لأن كل واحد منهما على غير بدل ؛ فأما اختلافهما في الاسم ؛ فلأن الصدقة نوع في الهبة ، فدخلت في اسم العموم ، وأما اختلافهما في الحكم فهما فيه عندنا سواء ؛ وإنما تختلف في المقاصد . فالهدية لمن علا [ ص: 455 ] قصدا لاستعطافه ، والهبة لمن كافأ قصدا لمحبته ، والصدقة على من دنا قصدا لثوابه ، والنحل على من ناسب قصدا لبره ، ولا يمنع اختلافهما في المقاصد من تساويهما في الحكم ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية